الخميس 13 فبراير 2025
كتاب الرأي

عادل بن الحبيب: هل كان تعديل القاسم الانتخابي قرارا في صالح الديمقراطية؟

عادل بن الحبيب: هل كان تعديل القاسم الانتخابي قرارا في صالح الديمقراطية؟ عادل بن الحبيب
شهدت الانتخابات  المغربية لعام 2021 تغييرا مثيرا للجدل في النظام الانتخابي، تمثل في تعديل طريقة احتساب القاسم الانتخابي ليُحتسب بناء على عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية بدلا من عدد المصوتين. وقد أثار هذا القرار نقاشا واسعا بين الأحزاب السياسية والمحللين، بين من اعتبره خطوة نحو تعزيز التعددية الديمقراطية، ومن رأى فيه محاولة لتفتيت المشهد السياسي وإضعاف الأحزاب الكبرى.
 
الآن و بعد مرور أربع سنوات تقريبا على انتخابات 2021  , يُطرح السؤال، هل كان تعديل القاسم الانتخابي قرارا في صالح الديمقراطية المغربية أم أنه أضر بها؟

تأثير تعديل القاسم الانتخابي على الديمقراطية في المغرب يعتمد على كيفية تعريفنا للديمقراطية نفسها ، فإذا  اعتبرنا الديمقراطية تمثيلا أوسع لكل التيارات السياسية والمجتمع ككل، فقد يكون التعديل إيجابيا لأنه ساهم في تعزيز التعددية السياسية و تمثيل أوسع للناخبين وتم التقليل من  الفجوة بين الأحزاب ،كما ساعد في توزيع المقاعد بشكل أكثر عدالة ومنع هيمنة حزب واحد.كما أن  الأحزاب الصغيرة والمتوسطة حصلت على فرصة أكبر للمشاركة في صنع القرار، مما جعل البرلمان و الجماعات و مجالس الجهات والاقاليم أكثر تعددية وهذا رأي الفئة المؤيدة لهذا القرار.
 
أما إذا نظرنا إلى الديمقراطية باعتبارها احتراما مباشرا لإرادة المصوتين، فإن التعديل قد يكون قد أضر بها، لأنه جعل الناخبين النشطين أقل تأثيا، حيث أصبح لحجم الكتلة الناخبة غير المصوتة دور في تحديد القاسم الانتخابي، مما أضعف الأحزاب التي كانت تمتلك قاعدة تصويتية قوية.كما  أدى إلى التقليل من قيمة الأصوات الفعلية للناخبين، وتفتيت المشهد السياسي، حيث لم يتمكن أي حزب من الحصول على أغلبية واضحة، مما صعّب عملية تشكيل المجالس المنتخبة وأدى إلى تحالفات ضعيفة أثرت على طريقة و جودة تدبير هذه المجالس. وهذا رأي الفئة المعارضة للقرار .
 
وبالرغم من أن التعديل ساعد في تحقيق تمثيلية أوسع، إلا أن السؤال الأهم يبقى: هل أدت هذه التعددية إلى استقرار سياسي وحكومي؟  وهل التعددية السياسية الناتجة عن هذا التعديل أدت إلى تحسين الحكامة واتخاذ القرار السياسي؟  وهل افرزت لنا مجالس منسجمة و قوية ؟إذا كان الجواب نعم  فالتعديل كان ايجابي وإذا كان الحواب لا، فقد يكون هذا التعديل قد أضر بالديمقراطية من حيث الفعالية والقدرة على اتخاذ القرارات.
 
يظل الجدل حول تعديل القاسم الانتخابي قائمل، بين من يراه خطوة نحو ديمقراطية أكثر شمولا، ومن يعتبره تعديلا يخدم أجندات سياسية معينة. لكن في نهاية المطاف، يبقى النجاح الحقيقي لأي نظام انتخابي ليس فقط في عدالة التمثيل، بل في مدى قدرته على ضمان استقرار حكومي وخلق مجالس منسجمة وتحقيق تطلعات المواطنين .
 
هل كان تعديل القاسم الانتخابي قراا في صالح الديمقراطية المغربية أم أنه أضر بها؟ هذا السؤال سيظل مفتوحا حتى تتضح تأثيراته على المدى البعيد والأكيد أن  انتخابات 2026 ستجيب على هذا السؤال .سواء بالابقاء على القاسم الانتخابي أو تعديله وإلغائه.