طيلة يوم من أشغال ندوة حول الاتجار بالبشر، لم يغادر العشرات من طلبة الماستر والدكتوراه بكلية الحقوق بسطات كراسيهم، وهو يتابعون عن كثب فعاليات ندوة تم تنظيمها بشراكة بين مؤسسة "كونراد أديناور"، برنامج حكم القانون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجامعة الحسن الأول بسطات، الثلاثاء 11 فبراير 2025.
من الاستقبال إلى التنظيم إلى الإدارة كان الدكتوران رياض فخري، أستاذ في القانون بجامعة الحسن الأول، مدير مختبر البحث في قانون الأعمال، خبير معتمد، وعبد الجبار العراش أستاذ القانون العام والعلوم السياسية ومدير العيادة القانونية للحقوق الأساسية وحقوق المهاجرين بجامعة الحسن الأول، يشكلان معا عماد هذا اليوم الدراسي، وذلك بحكم أهمية وراهنية الموضوع الذي اتخذ له عنوان: "كسر القيود.. تعزيز الاستراتيجيات القانونية وحقوق الانسان لمكافحة الاتجار بالبشر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".
ولعل هذا ما جعل فيليب بريمر، مدير برنامج سيادة القانون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا- مؤسسة كونراد أديناور، يشيد بعمل الأستاذين فخري والعراش، ومعهما اللجنة المشرفة على التنظيم.
ومما زاد من أهمية هذه الندوة هو حضور ومناقشة أطر قضائية وحقوقية وجامعية لهذا الموضوع، وتناوله من كل الجوانب، كما تم الانفتاح على تجارب مقارنة من خلال دول ألمانيا وتونس ولبنان.
في الجلسة الأولى حاضر فيها محمد شبيب، رئيس شعبة حماية الأسرة والفئات الخاصة لدى رئاسة النيابة العامة، والحافظي نجاة، أستاذة التعليم العالي، رئيسة شعبة القانون الخاص، منسقة مسار التميز العلوم الجنائية والحكامة الأمنية في كلية العلوم القانونية والسياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، والدكتور إيلي أبو عون، باحث وخبير في قضايا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تناولوا فيها النصوص القانونية واستراتيجيات تنفيذ السياسات المعتمدة لمكافحة الاتجار بالبشر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما تحليل فعالية القوانين والسياسات الحالية، مع تسليط الضوء على النماذج الناجحة وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين. كما ناقشت الجلسة دور الهيئات التشريعية والوكالات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني في تطوير وتنفيذ تدابير مكافحة الاتجار بالبشر. بالإضافة إلى ذلك، تم التطرق إلى أهمية تنسيق السياسات وتكاملها عبر مختلف القطاعات لتعزيز الاستجابة الشاملة لهذه الظاهرة.
في الجلسة الثانية، كانت بعنوان تحديد الضحايا وآليات الدعم، تم تنشيطها من قبل السعدية وضاح، رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالدار البيضاء، ممثلة لرئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وكذا الدكتور لطفي الشاذلي، أستاذ بكلية الحقوق والعلوم السياسية في تونس، إلى جانب الدكتورة إينا هولزناجل، عضو المجلس الاستشاري لشبكة (KOK)، وزارة العدل بولاية شمال الراين-وستفاليا بألمانيا، وحدة حماية الضحايا.
وتناولت هذه الجلسة التحديات القانونية المتعلقة بتحديد ضحايا الاتجار بالبشر وتقديم الدعم لهم. وتحليل الإجراءات والبروتوكولات الرسمية المعتمدة لتحديد الضحايا، بما في ذلك الجهود المبذولة للوصول إلى الفئات المهمشة وضمان حصولها على خدمات الدعم. كما ناقشت الجلسة الإطار القانوني لحماية الضحايا، بما في ذلك مراكز الإيواء، والمساعدة القانونية، وبرامج إعادة التأهيل، مع تسليط الضوء على الأساليب المبتكرة لتلبية الاحتياجات الخاصة للناجين من الاتجار بالبشر ضمن المنظومة القانونية.
أما الجلسة الثالثة، فتم التطرق فيها للتعاون عبر الحدود والتمكين القانوني وتعزيز إنفاذ القانون في جرائم الاتجار بالبشر.
شارك فيها القاضي رشيد بوعجيلة، وهو باحث دكتوراه في تهريب البشر في تونس، ونهاد أفقير، أستاذة محاضرة بكلية العلوم القانونية والسياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، إلى جانب الدكتورة إينا هولزناجل، من وزارة العدل بألمانيا، وأدار الجلسة الدكتور يونس الأزرق الحسوني، أستاذ القانون بجامعة الحسن الأول سطات.
وركزت هذه الجلسة على الجوانب القانونية للتعاون عبر الحدود والآليات القانونية الدولية في مكافحة الاتجار بالبشر، إلى جانب استراتيجيات التمكين القانوني، وبناء القدرات، وتعزيز استجابات إنفاذ القانون. حيث تم استكشاف دور الاتفاقيات الإقليمية والدولية، والمعاهدات، والبروتوكولات في تسهيل التعاون بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وخارجها. كما تناولت الجلسة التحديات والفرص المتعلقة بتسليم المطلوبين، والمساعدة القانونية المتبادلة، وتبادل المعلومات.
بالإضافة إلى ذلك، ناقشت الجلسة استراتيجيات تعزيز قدرات وتدريب الجهات القضائية وأجهزة إنفاذ القانون في التحقيق، والملاحقة القضائية، وتفكيك شبكات الاتجار بالبشر، مع معالجة التحديات المرتبطة بالفساد، ونقص الموارد، وضعف التنسيق.
وكانت كل جلسة يتلوها نقاش مفتوح ساهم فيه الطلبة الباحثون بشكل كبير، مما جعل الندوة بشهاداتهم ستكون لها أثرا في مسارهم البحثي.