الأربعاء 12 فبراير 2025
مجتمع

بأي حق يحرم ملايين المغاربة من التغطية الصحية المجانية؟

بأي حق يحرم ملايين المغاربة من التغطية الصحية المجانية؟ تداعيات إلغاء بطاقة راميد وتعويضها بنظام آمو تضامن على الفئات الهشة بالمغرب
كان‭ ‬يوم‭ ‬31‭ ‬دجنبر‭ ‬2021‭ ‬آخر‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬بطاقة‭ ‬"راميد"؛‭  ‬نظام‭ ‬المساعدة‭ ‬الطبية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تمنح‭ ‬لملايين‭ ‬من‭ ‬المغاربة‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬العلاج‭ ‬المجاني‭ ‬بالمؤسسات‭ ‬العمومية،‭ ‬مع‭ ‬أداء‭ ‬مبلغ‭ ‬رمزي‭ ‬سنوي‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬120‭ ‬درهما‭ ‬للفرد‭ ‬الواحد‭ ‬في‭ ‬السنة،‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬المساهمة‭ ‬600‭ ‬درهم‭ ‬للأسرة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬كيفما‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬الأفراد‭.‬

هكذا‭ ‬بعد‭ ‬حذف‭ ‬بطاقة‭ ‬راميد‭ ‬وتعويضها‭ ‬بنظام‭ ‬التغطية‭ ‬الصحية‭ ‬الإجبارية‭ ‬«آمو‭ ‬تضامن»،‭ ‬وجد‭ ‬حوالي‭ ‬8‭ ‬ملايين‭ ‬مغربية‭ ‬ومغربي‭ ‬أنفسهم‭ ‬مقصيين‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬الجديد،‭ ‬لأسباب‭ ‬مختلفة،‭ ‬منها‭ ‬أشخاص‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تسجيلهم‭ ‬تلقائيا؛‭  ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬وعدت‭ ‬بتحويل‭ ‬المستفيدين‭ ‬السابقين‭ ‬من‭ ‬راميد‭ ‬إلى‭ ‬«آمو‭ ‬تضامن»‭ ‬تلقائيا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬بعضهم‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬إدراجهم‭ ‬في‭ ‬اللوائح‭ ‬الجديدة‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مستفيدين‭ ‬واجهوا‭ ‬مشاكل‭ ‬في‭ ‬التسجيل‭ ‬بسبب‭ ‬أخطاء‭ ‬إدارية‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحديث‭ ‬بياناتهم‭ ‬في‭ ‬السجل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الموحد‭ ‬الذي‭ ‬أشرفت‭ ‬على‭ ‬إنجازه‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭. ‬وهناك‭  ‬أشخاص‭ ‬فقدوا‭ ‬الحق‭ ‬بسبب‭ ‬تغيير‭ ‬وضعيتهم‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬حيث‭ ‬تغير‭ ‬تصنيفهم‭ ‬في‭ ‬السجل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الموحد،‭ ‬مما‭ ‬جعلهم‭ ‬غير‭ ‬مؤهلين‭ ‬للاستفادة‭ ‬المجانية‭.‬

ثم‭ ‬هناك‭ ‬أصحاب‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود‭ ‬غير‭ ‬القادرين‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬الاشتراكات:‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الجديد‭ ‬يفرض‭ ‬مساهمات‭ ‬مالية‭ ‬رمزية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأسر‭ ‬تجد‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬الالتزام‭ ‬بها‭.‬

وهناك‭ ‬مرضى‭ ‬كانوا‭ ‬يستفيدون‭ ‬من‭ ‬علاجات‭ ‬مكلفة،‭ ‬مثل‭ ‬المرضى‭ ‬المصابين‭ ‬بالأمراض‭ ‬المزمنة‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يعتمدون‭ ‬على‭ ‬«راميد»‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الأدوية‭ ‬والعلاجات‭ ‬المجانية‭.‬

لقد‭ ‬كشفت‭ ‬الأرقام‭ ‬المتضاربة‭ ‬عجز‭ ‬الحكومة‭ ‬عن‭ ‬الوفاء‭ ‬بالأجندة‭ ‬الملكية‭ ‬لتنزيل‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية‭.‬
ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬فيه‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬خلال‭ ‬كل‭ ‬جلسة‭ ‬مناقشة‭ ‬لحصيلة‭ ‬فريقه،‭   ‬أن‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬مسجلا‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬«راميد»‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬تم‭ ‬تحويله‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬«آمو‭ ‬تضامن»،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ترد‭ ‬عليه‭ ‬المعارضة‭ ‬بأن‭ ‬المستفيدين‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬أربعة‭ ‬ملايين‭ ‬أسرة‭ ‬تضم‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬مستفيد،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬راميد‭ ‬كان‭ ‬يشمل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬18‭ ‬مليون‭ ‬مستفيد،‭ ‬وهو‭ ‬نفس‭ ‬الرقم‭ ‬الذي‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬أوراق‭ ‬الحكومة،‭ ‬عندما‭ ‬قدمت‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬مالية‭ ‬2022،‭ ‬حيث‭ ‬تحدث‭ ‬عزيز‭ ‬أخنوش‭ ‬عن‭ ‬حصيلة‭ ‬«راميد»‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬شتنبر‭ ‬2022،‭ ‬والتي‭ ‬بلغت‭ ‬18‭ ‬مليونا‭ ‬و440 ألف‭ ‬مستفيد،‭ ‬موزعة‭ ‬على‭ ‬7.2‭ ‬مليون‭ ‬أسرة‭.‬

من‭ ‬حقنا‭ ‬كمتابعين‭ ‬أن‭ ‬نتساءل‭ ‬عن‭ ‬مآل‭ ‬الملايين‭ ‬الثمانية‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬إقصاؤهم‭ ‬من‭ ‬آمو‭ ‬تضامن،‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالمؤشر‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬لايمكن‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬معدل‭ ‬9,32‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬مجانية‭ ‬التغطية‭ ‬الصحية،‭ ‬مما‭ ‬يفرض‭ ‬التساؤل‭ ‬حول‭ ‬نجاعة‭ ‬هذا‭ ‬المؤشر‭ ‬عندما‭ ‬نعلم‭ ‬بعض‭ ‬المعطيات‭ ‬التي‭ ‬يعتمد‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬امتلاك‭ ‬هاتف‭ ‬نقال‭ ‬من‭ ‬عدمه‭ ‬أو‭ ‬التوفر‭ ‬على‭ ‬عداد‭ ‬كهربائي،‭ ‬في‭ ‬تحديد‭  ‬الهشاشة‭ ‬وأحقية‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬التغطية‭ ‬الصحية،‭ ‬ضمن‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالعتبة!!

إن‭ ‬التغطية‭ ‬الصحية‭ ‬حق‭ ‬يكفله‭ ‬القانون‭ ‬والدستور،‭ ‬وفي‭ ‬انتظار‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬بإصلاح‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إصلاحه،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬فئات‭ ‬من‭ ‬المغاربة‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬مزمنة‭ ‬في‭ ‬صمت‭ ‬وألم؛‭  ‬عاجزين‭ ‬عن‭ ‬العلاج‭ ‬معلنين‭ ‬ندمهم‭ ‬عن‭ ‬نظام‭ ‬بطاقة‭ ‬راميد‭ ‬بما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭.‬