الخميس 6 فبراير 2025
خارج الحدود

محمد بوزنكاض: استراتيجية الجزائر تبنى على حماية عناصر الحركات الإرهابية واحتضانها وتكوينها 

محمد بوزنكاض: استراتيجية الجزائر تبنى على حماية عناصر الحركات الإرهابية واحتضانها وتكوينها  محمد بوزنكاض، أستاذ التّاريخ ومنسّق ماستر الدّراسات الصّحراوية والإفريقية، جامعة ابن زهر
قال‮‬‭ ‬الباحث‭ ‬الجامعي‭ ‬محمد‭ ‬بوزنكاض،‮ ‬إن‭ ‬“تقاطع‭ ‬أجندة‭ ‬الحركات‭ ‬الإرهابية‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬السياسية‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الجزائر،‭ ‬يشكّل‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تعمق‭ ‬خطورة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة،‭ ‬مما‭ ‬يستدعي‭ ‬تعميق‭ ‬التعبئة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التّحديات‭ ‬ومواكبة‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬بالبحث‭ ‬العلمي‭ ‬العميق‭ ‬لتركيب‭ ‬كلّ‭ ‬السّياقات‭ ‬ودراسة‭ ‬أبعاد‭ ‬الظّاهرة‭ ‬التي‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬ستتخذ‭ ‬أشكالا‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬التطورات‭ ‬الدولية‭ ‬الأخيرة‭ ‬و‭ ‬التَّنَبُّؤ‭ ‬بإيقاعاتها‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المقاربة‭ ‬الاستباقية‭ ‬الوطنية”‭.‬
ويفكّك‭ ‬الجامعي‭ ‬بوزنكاض‭ ‬في‭ ‬حواره‭ ‬مع‭ ‬جريدة‭
‬“أنفاس بريس”،‭ ‬“تمظهرات‭ ‬ذلك،‭ ‬وما‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬من‭ ‬تهديدات‭ ‬قد‭ ‬تعصف‭ ‬باستقرار‭ ‬الدول،‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬احتضان‭ ‬وتكوين‭ ‬عناصر‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬لجعل‭ ‬خطر‭ ‬الإرهاب‭ ‬أكثر‭ ‬قربا‭ ‬منا‭ ‬في‭ ‬المنطقة”‭.‬

وفي‭ ‬ما‭ ‬يلي‭ ‬نصّ‭ ‬الحوار‭:‬‮ 
 
 
تتحدث‭ ‬عدّة‭ ‬تقارير‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬جهاديين‭ ‬مغاربة‭ ‬بأعداد‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل،‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬ذكر‭ ‬أسباب‭ ‬ذلك،‭ ‬خاصّة‭ ‬أن‭ ‬الجهاديين‭ ‬المغاربة‭ ‬كانوا‭ ‬يتوجهون‭ ‬إلى‭ ‬الشرق،‭ ‬والأن‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب؟‮ ‬
يجب‭ ‬قراءة‭ ‬هذا‭ ‬المعطى‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬التّحول‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬عرفته‭ ‬الحركات‭ ‬الإرهابية‭ ‬بعد‭ ‬الضغط‭ ‬الذي‭ ‬مارسته‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬تنظيمات‭ ‬القاعدة‭ ‬وداعش‭ ‬في‭ ‬المشرق؛‭ ‬حيث‭ ‬انتقل‭ ‬مركز‭ ‬الإرهاب‭ ‬من‭ ‬الشّرق‭ ‬نحو‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل،‭ ‬واستغلت‭ ‬الحركات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الفراغ‮ ‬‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬تعيشه‭ ‬المنطقة‭ ‬والمعطيات‭ ‬الجغرافية‭ ‬والأمنية‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬منها‭ ‬ملاذا‭ ‬لهذه‭ ‬الحركات‭ ‬لتطوير‭ ‬أنشطتهاـ‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تشكل‭ ‬حركات‭ ‬كثيرة‭ ‬تبايع‭ ‬داعش‭ ‬والقاعدة‭. ‬وهو‭ ‬تحول‭ ‬جعل‭ ‬أنشطة‭ ‬هذه‭ ‬الحركات‭ ‬غير‭ ‬بعيدة‭ ‬من‭ ‬حدود‭ ‬المغرب‭ ‬الجنوبية‭ ‬ووجهة‭ ‬للعناصر‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬استهدافها‭ ‬وتجنيدها‭ ‬خدمة‭ ‬لهذه‭ ‬الأجندات‭ ‬الإرهابية‭. ‬فأصبحت‭ ‬بذلك‭ ‬وجهة‭ ‬المجندين‭ ‬نحو‭ ‬الجنوب‭ ‬بدل‭ ‬الشرق،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬جعل‭ ‬خطر‭ ‬الإرهاب‭ ‬أكثر‭ ‬قربا‭ ‬منا،‭ ‬مما‭ ‬يستوجب‭ ‬منا‭ ‬كمغاربة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحذر،‭ ‬تحصينا‭ ‬للمكتسبات،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الأمن‭ ‬والتعايش‭ ‬الذي‭ ‬يظل‭ ‬يميز‭ ‬المغرب‭ ‬داخل‭ ‬العالم‭.‬
‮ ‬
هناك‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬يواجهها‭ ‬المغرب،‭ ‬ويتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالأمن‭ ‬بمتطقة‭ ‬الساحل‭ ‬بسبب‭ ‬وجود‭ ‬جماعات‭ ‬إرهابية‭ ‬نشطة‭ ‬مثل‭ ‬“القاعدة”‭ ‬و”داعش”،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الصراعات‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬المخابرات‭ ‬الجزائرية‭ ‬في‭ ‬احتضان‭ ‬هذا‭ ‬الإرهاب‭ ‬واستعماله‭ ‬ضد‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬ما‭ ‬تأثير‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬للمغرب؟‮ ‬
تعيش‭ ‬منطقة‭ ‬السّاحل‭ ‬معضلة‭ ‬أمنية‭ ‬متعدّدة‭ ‬الأبعاد‭ ‬يشكل‭ ‬الإرهاب‭ ‬وضعف‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬مظاهرها،‭ ‬بالموازاة‭ ‬مع‭ ‬مظاهر‭ ‬التّخلف‭ ‬والفقر‭ ‬والجريمة‭ ‬الدولية‭ ‬والهجرة‭ ‬وغيرها،‭ ‬وهي‭ ‬معطيات‭ ‬تطرح‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬باعتبار‭ ‬تأثير‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬على‭ ‬المجال‭ ‬المتوسطي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬وعلى‭ ‬المغرب‭ ‬خاصة‭ ‬باعتبار‭ ‬المجال‭ ‬الصحراوي‭ ‬الكبير‭ ‬المشترك،‭ ‬وكذا‭ ‬بالنظر‭ ‬للأدوار‭ ‬المركزية‭ ‬التي‭ ‬يلعبها‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬تنمويا‭ ‬وأمنيا،‭ ‬وباعتبار‭ ‬الأدوار‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬يضطلع‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬السّلم‭ ‬وتنمية‭ ‬المجال‭ ‬وحماية‭ ‬المنطقة‭ ‬بل‭ ‬وأروبا‭ ‬من‭ ‬المخططات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬وهو‭ ‬سياق‭ ‬يرفع‭ ‬من‭ ‬مركزية‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والجريمة‭ ‬بمختلف‭ ‬مستوياتها،‭ ‬باعتبار‭ ‬رهان‭ ‬دول‭ ‬الساحل‭ ‬على‭ ‬التجربة‭ ‬المغربية‭ ‬الأمنية‭ ‬والدينية‭ ‬والتنموية،‭ ‬حيث‭ ‬يضطلع‭ ‬المغرب‭ ‬بأدوار‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬الجوانب‭ ‬الاستعلاماتية‭ ‬وتفكيك‭ ‬الخلايا‭ ‬الإرهابية‭ ‬والتأطير‭ ‬الديني‭ ‬ومحاربة‭ ‬الأسباب‭ ‬العميقة‭ ‬للإرهاب،‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬البشري‭ ‬والتقني‭ ‬لدول‭ ‬المنطقة،‭ ‬وكذا‭ ‬باعتبار‭ ‬الشراكة‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد‭ ‬التي‭ ‬يقدمها‭ ‬المغرب‭ ‬لدول‭ ‬المنطقة‭ ‬ويقدم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الجواب‭ ‬الأكثر‭ ‬فعالية‭ ‬لمشاكل‭ ‬الإرهاب‭ ‬والمتمثل‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬عبر‭ ‬مبادرة‭ ‬الأطلسي‭ ‬وأنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬المغرب-‭ ‬نيجيريا‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المبادرات،‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬تزايد‭ ‬الوعي‭ ‬بأن‭ ‬المقاربة‭ ‬الأنجع‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الإرهاب‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مقاربة‭ ‬تنموية‭ ‬أكثر‭ ‬منها‭ ‬مقاربة‭ ‬أمنية‭.‬
الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬ومشاكل‭ ‬الإرهاب‭ ‬والجريمة‭ ‬بالساحل‭ ‬وإفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬عموما‭ ‬ترفع‭ ‬من‭ ‬مركزية‭ ‬وريادة‭ ‬المغرب‭ ‬افريقيا‭ ‬وتجعل‭ ‬من‭ ‬تجربته‭ ‬نموذجا‮ ‬يحتذى وأساسا‭ ‬للشراكة‭ ‬الأمنية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬تقدم‭ ‬لإفريقيا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التنمية،‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والتوازن‭ ‬الديني‭ ‬والمجتمعي‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬أساسا‭ ‬عميقا‭ ‬لمحاربة‭ ‬التطرف‭ ‬بمختلف‭ ‬مستوياته‭.‬
‮ ‬
‬المغرب‭ ‬كان‭ ‬دائمًا‭ ‬لاعبًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬في‭ ‬استراتيجيات‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعاون‭ ‬الاستخباراتي‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬والتدريبي‭ ‬لبعض‭ ‬الجيوش‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الساحل‭. ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مواجهة‭ ‬استباقية‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬المغرب‭ ‬ضد‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬بالساحل؟‮ ‬
الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬التّجربة‭ ‬المغربية‭ ‬أعطت‭ ‬النموذج‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬محاربة‭ ‬الإرهاب‭ ‬تكون‭ ‬بالضرورة‭ ‬استباقية‭ ‬ووقائية‭ ‬أكثر‭ ‬ممّا‭ ‬هي‭ ‬ردّ‭ ‬فعل‭ ‬محدود‭ ‬في‭ ‬الزّمن،‭ ‬لذلك‭ ‬فقد‭ ‬اتسم‭ ‬النّموذج‭ ‬المغربي‭ ‬بالشّمولية،‭ ‬بما‭ ‬هي‭ ‬استراتيجية‭ ‬أمنية‭ ‬ودينية‭ ‬وتنموية‭ ‬وتشريعية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬استهداف‭ ‬الأسباب‭ ‬العميقة‭ ‬للإرهاب،‭ ‬وتقطع‭ ‬الطريقة‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬الحاملة‭ ‬أو‭ ‬المشجعة‭ ‬لكل‭ ‬أسباب‭ ‬التطرف،‭ ‬وتكريس‭ ‬النّموذج‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬التعايش‭ ‬والاعتدال‭ ‬والوسطية‭ ‬ومركزية‭ ‬إمارة‭ ‬المؤمنين،‭ ‬وهي‭ ‬قيم‭ ‬مغربية‭ ‬متأصلة‭ ‬تشكل‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬أسباب‭ ‬نجاح‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬حربه‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب،‭ ‬لذلك‭ ‬أمكننا‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬نموذج‭ ‬مغربي‭ ‬متكامل‭ ‬أثبت‭ ‬فعاليته‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬بل‭ ‬والوقاية‭ ‬من‭ ‬الإرهاب‭.‬

لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تقوم‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬عليه‭ ‬على‭ ‬التنسيق‭ ‬لإفشال‭ ‬المخططات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬وتبادل‭ ‬التجارب‭ ‬والمعطيات‭. ‬وفي‭ ‬اتجاه‭ ‬افريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬أصبح‭ ‬للمغرب‭ ‬سمعة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التأطير‭ ‬الديني‭ ‬والثقافي‭ ‬وإشاعة‭ ‬الإسلام‭ ‬المعتدل‭ ‬والوسطي‭ ‬ونبذ‭ ‬كل‭ ‬قيم‭ ‬التطرف،‭ ‬ومساعدة‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتنمية‭ ‬باعتبارها‭ ‬الحل‭ ‬الأمثل‭ ‬لكل‭ ‬مشاكل‭ ‬المنطقة‭ ‬خاصة‭ ‬المشاكل‭ ‬الأمنية‭.‬
‮ ‬
المكتب‭ ‬المركزي‭ ‬للأبحاث‭ ‬القضائية‭ ‬كشف‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬خلايا‭ ‬متطرفة‭ ‬داخل‭ ‬المغرب‮ ‬‭ ‬على‭ ‬ارتباط‭ ‬بداعش‭ ‬في‭ ‬الساحل،‭ ‬وذكر‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تجنيد‭ ‬مقاتلين‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬البلاد،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الذهاب‭ ‬للقتال‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬النزاع‭. ‬ما‭ ‬هي‭ ‬أبرز‭ ‬العمليات‭ ‬التي‭ ‬نفذها‭ ‬المكتب‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬هذه‭ ‬الخلايا؟‮ ‬
أثبتت‭ ‬المقاربة‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬بعدها‭ ‬الأمني‭ ‬فعالية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬المغرب‭ ‬وتقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬لدول‭ ‬الجوار،‭ ‬ممّا‭ ‬جعل‭ ‬منها‭ ‬نموذجا‭ ‬يحظى‭ ‬بسمعة‭ ‬طيبة‭ ‬دوليا،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬يقود‭ ‬المكتب‭ ‬المركزي‭ ‬للأبحاث‭ ‬القضائية‭ ‬هذه‭ ‬المساعي‭ ‬الأمنية‭ ‬بشراكة‭ ‬وتنسيق‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأمنية‭ ‬الوطنية‭ ‬والدولية،‭ ‬حيث‭ ‬استطاع‭ ‬المكتب‭ ‬المركزي‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسه‭ ‬سنة‮ ‬2015‮ ‬تفكيك‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الخلايا‭ ‬خاصة‭ ‬التابعة‭ ‬لداعش‭ ‬آخرها‭ ‬خلية‭ ‬حدّ‭ ‬السوالم‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬عرف‭ ‬إعلاميا‭ ‬بخلية‭ ‬“الإخوة‭ ‬الأشقّاء“،‭ ‬التي‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬استمرار‭ ‬التخطيط‭ ‬لاستهداف‭ ‬المغرب،‭ ‬كما‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬مستوى‭ ‬التنسيق‭ ‬الكبير‭ ‬بين‭ ‬المؤسّسات‭ ‬الأمنية‭ ‬والتّعبئة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬وعيا‭ ‬من‭ ‬المغاربة‭ ‬بأهمية‭ ‬الأمن‭ ‬الذي‭ ‬يشكّل‭ ‬مكتسبا‭ ‬وطنيا‭ ‬يجب‭ ‬تحصينه؛‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬التّطرف‭ ‬وحماية‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬الإرهاب‭ ‬هي‭ ‬مسؤولية‭ ‬كل‭ ‬المغاربة‭ ‬ومختلف‭ ‬المؤسسات‭ ‬وليست‭ ‬حكرا‭ ‬على‭ ‬المؤسّسات‭ ‬الأمنية‭.‬
‮ ‬
‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الجزائرية‭ ‬(دي‭ ‬آر‭ ‬إس)‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬قدمت‭ ‬دعمًا‭ ‬لجماعات‭ ‬مسلحة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬و‭ ‬النيجر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توجيه‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬لمواجهة‭ ‬خصوم‭ ‬سياسيين‭ ‬أو‭ ‬جماعات‭ ‬معارضة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬مثلًا،‭ ‬هناك‭ ‬ادعاءات‭ ‬بأن‭ ‬الجزائر‭ ‬ربما‭ ‬قد‭ ‬دعمت‭ ‬جماعات‭ ‬متطرفة‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬السياسية‭ ‬لضمان‭ ‬تأثيرها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ومنع‭ ‬الهيمنة‭ ‬الأجنبية‭ ‬(خصوصًا‭ ‬الفرنسية)‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬الإقليمي؟‮ ‬
يشكّل‭ ‬الأمن‭ ‬المؤشّر‭ ‬الأهم‭ ‬لقياس‭ ‬قوّة‭ ‬الدّولة‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬أيّ‭ ‬بلد،‭ ‬لذلك‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬الأمن‭ ‬الذي‭ ‬ينعم‭ ‬به‭ ‬المغرب‭ ‬مؤشرا‭ ‬قويا‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬الدولة‭ ‬وتنظيمها،‭ ‬وهو‭ ‬الشرط‭ ‬الأساسي‭ ‬الذي‭ ‬يفسر‭ ‬التطور‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬عرفه‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬المستويات‭ ‬وصموده‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬كل‭ ‬المحاولات‭ ‬الإرهابية‭. ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬كانت‭ ‬الجزائر‭ ‬أول‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬من‭ ‬الإرهاب‭ ‬وظلّت‭ ‬تعيش‭ ‬تحت‭ ‬وقع‭ ‬تهديداته،‭ ‬لذلك‭ ‬اهتدت‭ ‬مبكرا‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الحركات‭ ‬الإرهابية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬عناصرها‭ ‬واحتضانه‭ ‬لتجنب‭ ‬تهديداته،‭ ‬وهو‭ ‬معطى‭ ‬اعترفت‭ ‬به‭ ‬الخارجية‭ ‬الفرنسية‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬عدة‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬العمليات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬ضد‭ ‬الإرهابيين‭ ‬بالمنطقة‭ ‬والذين‭ ‬يلتجئون‭ ‬إلى‭ ‬الجزائر،‭ ‬وفي‭ ‬مستوى‭ ‬آخر‭ ‬انخرطت‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬الحركات‭ ‬الانفصالية‭ ‬والارهابية‭ ‬ضد‭ ‬دول‭ ‬الجوار،‭ ‬خاصة‭ ‬المغرب‭ ‬ومالي،‭ ‬وهو‭ ‬معطى‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الجزائر‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬اخفائه‭ ‬بادعاء‭ ‬الحياد‭ ‬أو‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬السّلم‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬بل‭ ‬تجاوز‭ ‬الأمر‭ ‬ذلك‭ ‬لاحتضان‭ ‬وتكوين‭ ‬قيادات‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الحركات‭ ‬مثل‭ ‬“أياد‭ ‬غالي”‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬حركة‭ ‬أنصار‭ ‬الدين‭ ‬في‭ ‬مالي،‭ ‬وثبت‭ ‬تورّطه‭ ‬مع‭ ‬المخابرات‭ ‬الجزائرية‭.‬

لذلك‭ ‬فالعقيدة‭ ‬العسكرية‭ ‬الجزائرية‭ ‬تعتبر‭ ‬توظيف‭ ‬الإرهاب‭ ‬وسيلة‭ ‬لزعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬الدّول‭ ‬التي‭ ‬يشكّل‭ ‬استقرارها‭ ‬إحراجا‭ ‬للجزائر،‭ ‬وتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الأنظمة‭ ‬السّياسية‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬معادية‭ ‬للجزائر‭ ‬مثل‭ ‬مالي،‭ ‬بل‭ ‬وتهديد‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬باستهدافها‭ ‬مثل‭ ‬الجمهورية‭ ‬الموريتانية،‭ ‬ويشكل‭ ‬تقاطع‭ ‬أجندة‭ ‬الحركات‭ ‬الإرهابية‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الأنظمة‭ ‬السّياسية‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تعمق‭ ‬خطورة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬وتستدعي‭ ‬تعميق‭ ‬التّعبئة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التّحديات‭ ‬ومواكبة‭ ‬هذه‭ ‬التّحولات‭ ‬بالبحث‭ ‬العلمي‭ ‬العميق‭ ‬لتركيب‭ ‬كلّ‭ ‬السّياقات‭ ‬ودراسة‭ ‬أبعاد‭ ‬الظّاهرة‭ ‬التي‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬ستتّخذ‭ ‬أشكالا‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬التّطورات‭ ‬الدّولية‭ ‬الأخيرة‭ ‬والتَّنَبُّؤ‭ ‬بإيقاعاتها‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المقاربة‭ ‬الاستباقية‭ ‬الوطنية‭.‬