الأربعاء 5 فبراير 2025
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: نهائيات كأس الأمم الإفريقية 2025 وعودة الجزائر إلى مَقْتِها المعتاد!!

محمد عزيز الوكيلي: نهائيات كأس الأمم الإفريقية 2025 وعودة الجزائر إلى مَقْتِها المعتاد!! محمد عزيز الوكيلي
ما زلنا نذكر، ومعنا العالم قاطبة، السلوك المتدنّي والرديء للإعلام الجزائري، طيلة فترة جريان نهائيات كأس العالم لكرة القدم، التي نظمتها دولة قطر الشقيقة، بمستوى بِنيوي وهيكلي وثقافي وسياحي وإنساني غير مسبوق بكل المعايير، عندما كان ذلك الإعلام المريض، بأوامر صارمة بطبيعة الحال من كابرانات الموراديا، يحاول بكل الوسائل تجنّب ذكر اسم المملكة المغربية، كلما بث خبراً عن إحدى المباريات التي كان المنتخب الوطني المغربي يخوضها باحترافية عالية وحسٍّ وطنيٍّ راقٍ ويخرج منها منتصراً، أمام حقد وحسد وغيرة جيران السوء في شرق المملكة، فكانوا يذكرون أسماء المنتخبات التي لعبت ضد الفريق الوطني المغربي دون ذكر هذا الأخير ولو بالإشارة!!
 
لقد كان العالم كله يستلقي على قفاه من الضحك وبنوع من الاستهزاء المشوب بالدهشة، وهو يرى منتخبات كندا وبلجيا وإسبانيا والبرتغال تنهزم أمام أسود الأطلس وتغادر حلبة النزال تِباعاً، فلا يذكر ذلك الإعلام الرديء والمريض إلاّ أسماءَها، وكأنها نازلت ذاتَها وانهزمت ضد نفسها دونما حاجة إلى فريق وطني خصم، فكنا نشاهدهم ونسمعهم وهم يزفون أخبار انتصاراتنا بصيغة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين... مثال ذلك قولهم: "انهزم الفريق الوطني البلجيكي بهدفين لصفر وأقصِيَ من الدور الأول" أو قولهم: "تعرّض المنتخب البرتغالي لهزيمة قاسية بهدف بتيم أدى إلى إقصائه من أول دور للنهائيات"... وهكذا كانت الأخبار التي نشرتها وسائل الإعلام الجزائرية، الرسمية والخصوصية، على نفس الوتيرة من الذل والمهانة!!  
 
مناسبة استحضاري لهذه الظاهرة الإعلامية الغريبة والمستهجَنة، أن هذا الإعلام الخبيث عاد ليسير على نفس الخطا وهو يبث خبر إجراء القرعة بين الفرق الوطنية الإفريقية المشاركة في نهائيات الكأس الأممية المنظمة برسم دورة 2025 بالمملكة المغربية، والتي احتضنها مسرح محمد الخامس بالرباط، في إطار احتفالي بهيج نال إعجاب كل الحاضرين، بمن فيهم مدرب المنتخب الجزائري، الأجنبي بطبيعة الحال... أقول، فجاء الخبر في إحدى قنوات الصرف الصحي الجزائرية على النحو المبيّن في الصورة أدناه: "إجراء القرعة لنهائيات كأس إفريقيا للأمم بمدينة جوهانس بورغ بجنوب إفريقيا... في دورتها لعام 2025 التي ستنظَّم بالمغرب"... وهكذا لم يكتف إعلام الجزائر الحقودة بعدم ذكر المغرب كمحتضن لفعاليات إجراء القرعة، بل استبدل العاصمة الرباط بمدينة جوهانس بورغ الجنوب إفريقية، لأن جنوب إفريقيا هي القبلة الوحيدة التي يتردد عليها حكام الجزائر وإعلامهم المراحيضي كلما سنحت الفرصة، أيُّ فرصة كيفما كانت وكيفما كان موضوعها!!! 
 
لقد بدأوا إذَن في نفث سموم حقدهم أمام أنظار العالم دون أدنى ذرةٍ مِن حياء، حتى وهم يعلمون علم اليقين بأن المغرب، شاؤوا ذلك أَمْ أبَوْهُ، يشكل في الساعة الراهنة وما سيأتي بعدها قِبلةً لكل وسائل الإعلام الأجنبية والعالمية والدولية، من الآن، وإلى غاية انقضاء منافسات كأس العالم في سنة 2030، والله أعلم بما سيأتي بعد ذلك من إنجازات!! 
 
من الأكيد أنّ العالَم الرياضي وغيره قد عَلِمَ برمّته، ومنذ نهائيات 2022 بدولة قطر مع من حشرنا الله في الجوار، وعَلِمَ بالمناسبة إلى أي حد يمكن لنظامِ حكمٍ مريضٍ وعدائيٍّ وعدوانيٍّ أن يصل به المرض، وإلى أي مستوى يمكن أن يُطوّح به كابراناتُه العجزةُ ذوو "الحفاظات الثخينة"، إلى درجة بات الواجب معها يقتضي تدبيرين دوليين استعجاليبن أسوقهما ها هنا ليس على سبيل الدعابة بكل تأكيد:
 
أولا: أن ينظر الاتحاد الدولي لكرة القدم فيما يمكن سنه من القواعد لمعالجة مثل هذا النوع من "الإعلام الرياضي اللارياضي" لأن من شأنه أن يضر بصورة الرياضة عامة بوصفها نشاطا إنسانيا حضاريا وثقافيا يرنو إلى جمع الشعوب والأمم حول مبادئ تدعو للسلام والأمن والمحبة، بعيداً عن مثل هذا السلوك المرَضي الدنيء، والذي استطاع بامتياز أن يفسد المشهد العام للإعلام الرياضي في إطاره العالمي والدولي، كما يفعل النشاز في أي منظومة مبنية افتراضا على التناغم والانسجام، وما الرياضة بمختلف أشكالها ومنافساتها إلا وسيلة من وسائل تحقيق هذا المطلب الإنساني النبيل؛
 
ثانياً: التفكير بجد، في صيغة دولية تهدف إلى معالجة مثل هذا السلوك السقيم الصادر عن دولة، وعن نظام حكم رسمي يتمتع بعضوبة المجتمع الدولي، وهنا لا أخفيكم أنني اقترحت في مناسبات سابقة ومماثلة إحداث "مارستان دولي" لاستقبال ومعالجة مثل هذه الآفات العقلية والنفسية والسلوكية عندما تصدر عن الدول والأنظمة!!
 
 أعترف أن هذه الفكرة مثيرة للضحك وربما للسخرية، ولكننا أمام الظاهرة الجزائرية سنكون مضطرين لقراءتها وإعادة قراءتها إلى أن تتشكّل ذات يوم وتتكيّف بشكل أو بصيغة قابلة للتنفيذ، أو على الأقل، كوصفة قابلة للاستئناس!!!
ومن يدري... فقد يتفتق الذهن الإنساني عن اختراع غير مسبوق في مجال معالجة الآفات السلوكية الجماعية عندما بصاب بها نظام من الأنظمة بمختلِف أجهزته ومؤسساته، إن كانت له فعلاً أجهزة ومؤسسات كما في مختلِفِ دول المعمور... من يدري؟!!
محمد عزيز الوكيلي،  إطار تربوي.