ارتفعت أسهم الحضور العسكري المغربي في البعثات الأممية والإنسانية بشكل لافت في العقدين الأخيرين، لدرجة أن القوات المسلحة الملكية توجهت إلى ثلاث بؤر ساخنة عربيا في ظرف زمني قصير بعيد أحداث الربيع العربي. بدءا من الحدود التونسية الليبية لإسعاف آلاف اللاجئين الفارين من نظام القذافي، وانتهاء بالحدود الأردنية السورية التي تم فيها نصب مخيم تل الزعتري لإسعاف الفارين من لهيب الصراع الدائر بين نظام الأسد والمعارضة آنذاك، مرورا بالمستشفى الميداني الذي أقيم بغزة في نونبر 2012 (في سياق الالتزام المعنوي والمادي للمغاربة اتجاه القضية الفلسطينية).
هذا الحضور العسكري المغربي لم يأت من عدم، بل استفاد من التراكم الذي حققته المؤسسة العسكرية المغربية على امتداد نصف قرن، وما يزيد، وخاصة في الشق الإنساني الذي نضج بالأساس منذ أحداث الصومال عام 1992، حيث كانت بصمات القوات المسلحة الملكية قوية في هذا البلد.
وشكلت بصمة الصومال آنذاك المنعطف في أداء وجودة التدخلات الانسانية للقوات المسلحة الملكية. وهو النضج الذي مكن المغرب، من أن يكون له موطئ قدم في منطقة البلقان عقب تفكك يوغسلافيا واحتداد الصراع بين الصرب والمسلمين في التسعينات من القرن الماضي، فضلا عن حضوره في إفريقيا وأمريكا اللاتينية مع بداية الألفية الثالثة. وهذا ما عبد الطريق أمام المغرب ليكون شريكا للحلف الأطلسي في قمة لشبونة في نونبر 2010 أثناء مصادقة الحلف على رؤية التحالف التي تهم بالخصوص: «تدبير الأزمات الأكثر صعوبة لتعزيز الاستقرار الدولي» حسب ما جاء حينها على لسان أندرس فوغ راسموسن، الأمين العام لمنظمة الحلف الأطلسي في مطلع 2011، لدى تنويهه بمساهمات المغرب التي «تحظى بالتقدير الكبير» في بعثات حفظ السلام.
إلا أن الربح الأكبر للمغرب هو ذاك الحضور المشرق والمشرف للقوات المسلحة الملكية عالميا. فحسب الإحصائيات الأممية، وباحتساب مجموع عمليات السلام الأممية، فالمغرب كان حاضرا عبر 74.000 جندي من سفراء السلام، في مختلف البؤر على مر العقدين الأخيرين. على اعتبار أن مجموع الجنود الموظفين لهذه الخدمة الإنسانية، في السنوات الأخيرة، بلغ مليونين من مختلف جنسيات العالم.
بمعنى أوضح، أنه حيثما وجد 100 جندي أممي، فهناك أربعة مغاربة في ساحة الشرف بمختلف بؤر التوتر العالمي.
فطوبى للمغرب، وطوبى لكل فرد بالقوات المسلحة الملكية.