الأربعاء 5 فبراير 2025
كتاب الرأي

عبد الرحيم بوعيدة: حوار مع 2024

عبد الرحيم بوعيدة: حوار مع 2024 عبد الرحيم بوعيدة
وانت تلفظين أنفاسك الأخيرة، كان لابد من أن نودعك بزفك عروساً إلى مقامك الأبدي، سأهديك شعراً يليق بك كما الأسود تماماً على رأي "أحلام مستغانمي"، سأقول لك أبياتاً من شعر الشاعر المغربي "رشيد الياقوتي" تلخص الحكاية، حكاية سنة.. عفوا أيها الشاعر في زمن لم يعد فيه للشعر مهتمون إلا قلة وحدها التفاهة تملأ المكان..
سأحرف أبيات قصيدتك لتليق بالسنة التي أحاورها (هي طبعا مبنية للمجهول)؛

لك الماء والبنزين والسمك
لنا الله فيما الخيرات تنتهك
لك مال قارون وأرصدة
لكِ ربما الأقمار والفلك
لنا صبر أيوب ومن صبروا
لعيون وطن سُرق
2024 أنت سنة وجع بامتياز، رحل فيك كثيرون ممن نحب وصعد فيك نجم النكرات..
معك تحسرنا على ماضٍ جميل كان فيه للسياسة معنى وللخطاب أذان تصغي
كان في البرلمان رجال إذا تحدثو صمت الجميع
كان كلامهم يزلزل بلا أوراق ولا كاتب
كان للخطاب السياسي مغزى
وحتى مع من نختلف نحترمهم لأنهم يحرصون على الوطن ويقولون الحقيقة فقط لمن يهمهم الأمر..

الآن ما الذي بقى من كل هذا؟ سياسيون يقرؤون كلاما بلا روح ولا معنى وأهمس في أذنك وقليل من يسمع، نحن حاضرون فقط كأجساد حتى لايتم تسجيل غيابنا هو قسم فقط..
كيف سنودعك بعد كل هذا العبث الذي نعيشه الآن!! أنت مسؤولة عنه ونحن لسنا أبرياء.. نحن نتقن فن الشكوى وفن الحديث في السياسة وفي النهاية نبيع أصواتنا وجزء منا لايصوت، وحدها الأحزاب من تدرك جيدا أين نوجد حين يحين موسم الحصاد، هي تعرف عناويننا بل لون جواربنا أحيانا، لذا تبحث عنا ب"جود" مبالغ فيه..
ونحن أيضا فهمنا اللعبة، نقبض هنا وهناك ونستغل الفرصة لأنها لاتكرر إلا كل خمس سنوات، نحن تمنينا لو كانت كل سنة..
خمس سنوات لا أحد من السياسين يسأل عنا!! بعدها نعود إلى بؤسنا وننتقد من اشترى أصواتنا..
وحدهم من يستمرون في الاستفادة يمدحون الحكومة بل فيهم من يقول فيها شعراً..

وانت ترحلين كان لابد أن أقول لك لاسامحك الله، فيك انحسر المطر وجف الزرع ومنحت الحكومة دفوعاً مجانية ليست شكلية ولاموضوعية، بل دفوعاً سماوية يجب أن تضاف في كليات الحقوق، لذا ربطوا التشغيل بقلة الأمطار، والغلاء بالجفاف..
أشك أحيانا بحسن نيه أنك متواطئة معهم، منحتهم صك البراءة، أخشى أن يكونو قد قايضوا صمتك فهم يملكون كل شيء..
ألم تلاحظي وأنت ترحلين كيف تعلم البعض منا فن الصمت؟؟
في سنوات خلت كنا ننتقد بشدة الحكومة بزيادة درهم، والآن نحن أكثر وداعةً لم يعد ذلك يعنينا، فالبنزين والزيت واللحم والفواكه أصبحت لاتهمنا، نجوع لنصح فقط، لتبقى حكومتنا مرتاحة لانريد تعكير صفو خاطرها..
هي ستحلي لنا ماء البحر والنهر، ستتحمل المخاطر من أجل عيوننا يالها من تضحية مشكورة أنت، وكم نحن أغبياء حين نناقش تنازع المصالح وزواج المال بالسياسة هو زواج حتما مبارك ربما في السنة القادمة يبدعون أكثر..
فهم أهل لها ونحن أيضا أهل لما نحن فيه ونستحق الأحسن..

وداعا 2024، لن نأسف على رحيلك، حملت معك أشياء كثيرة وتركت أكثر..
رجاءاً اهمسي في أذن أختك القادمة، قولي لها رأفة بنا، ندرك أنها سنة تسخين سياسية سيتطاحن فيها الإخوة والأصدقاء ستختلف فيها المصالح، سيبحثون عنا من جديد استعدادا لسنة 2026،قولي لهم بالدارجة المغربية رااااه عقنا وفقنا، لم نعد نثق فيكم..
.لانثق سوى في "الله الوطن الملك"

أنتم عابرون في كلام عابر على رأي محمود درويش، أما الوطن والملك ومؤسسات الدولة أمامهم رهانات كبرى تحتاج رجالاً ونساء دولة قلوبهم مع الوطن وفي الوطن وجيوبهم فارغة كما بطونهم وسيرهم الذاتية نظيفة بلا شبهة..
هكذا نتصور الوطن بعد المونديال لأنه ليس رياضة فقط، بل تغيير في كل شيء إذا أردنا أن نستثمر فعلاً في هذه الرهانات لربح كل شي وطيه نهائياً وعلى الأولويات قضيتنا الوطنية…