الأربعاء 5 فبراير 2025
سياسة

محمد الطيار: الحتمية الاستراتيجية... بناء شراكة موسعة بين المغرب وموريتانيا

محمد الطيار: الحتمية الاستراتيجية... بناء شراكة موسعة بين المغرب وموريتانيا محمد الطيار
التطورات‭ ‬الحاصلة‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬خاصة‭ ‬اعتراف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الوازنة‭ ‬كالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية‭ ‬وفرنسا‭ ‬واسبانيا‭ ‬وألمانيا‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬القارات‭ ‬بسيادة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬صحراءه،‭ ‬ورفض‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬حضور‭ ‬يافطة‭ ‬الجمهورية‭ ‬الوهمية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لقاءات‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬تجمعهما‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬منظمة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الافريقي‭. ‬وقيام‭ ‬المغرب‭ ‬بفتح‭ ‬مشاريع‭ ‬استخراجية‭ ‬كبرى‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬كتمكين‭ ‬دول‭ ‬الساحل‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي،‭ ‬أو‭ ‬مشروع‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬الأطلسي‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬عموم‭ ‬افريقيا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬انكماش‭ ‬الدور‭ ‬الجزائري‭ ‬ودخول‭ ‬مليشيات‭ ‬البوليساريو‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الانهيار‭ ‬والتفكك‭.‬

كلها‭ ‬عوامل‭ ‬تجعل‭ ‬موريتانيا‭ ‬تقف‭ ‬على‭ ‬حجم‭ ‬التغييرات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء‭ ‬وفي‭ ‬محيطها‭ ‬الإقليمي‭. ‬في‭ ‬وقت‭ ‬أصبح‭ ‬فيه‭ ‬النظام‭ ‬العسكري‭ ‬الجزائري‭ ‬الذي‭ ‬فرض‭ ‬عنوة‭ ‬وبالتهديد‭ ‬على‭ ‬موريتانيا‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬تسميه‭ ‬بـ‭ ‬«الحيادي»‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬أكثر‭ ‬ضعفا‭ ‬وترهلا‭ ‬وأكثر‭ ‬عزلة‭ ‬،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تمدد‭ ‬الصراعات‭ ‬بين‭ ‬أجنحته‭ ‬والتراجع‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات،‭ ‬لدرجة‭ ‬أصبحت‭ ‬مواقف‭ ‬الجزائر‭ ‬الخارجية‭ ‬وقرارتها‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية،‭ ‬محل‭ ‬استغراب‭ ‬واستنكار‭ ‬واستهجان‭ ‬وسخرية‭.‬

ضرورة‭ ‬توحيد‭ ‬الجهود‭ ‬للتصدي‭ ‬لدعوات‭ ‬فصل‭ ‬الولايات‭ ‬الشمالية‭ ‬عن‭ ‬موريتانيا
‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬تجعل‭ ‬المغرب‭ ‬وموريتانيا‭ ‬أمام‭ ‬خيار‭ ‬استراتيجي‭ ‬واحد‭ ‬،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬حتمية‭ ‬بناء‭ ‬شراكة‭ ‬موسعة‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬تشمل‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬الأمنية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬وغيرها‭ ‬،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬المغرب‭ ‬وجود‭ ‬جار‭ ‬في‭ ‬جنوبه‭ ‬مهدد‭ ‬بعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬والانهيار‭ ‬والتفكك‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬المغربي‭ ‬نجاح‭ ‬دعوات‭ ‬فصل‭ ‬الولايات‭ ‬الشمالية‭ ‬عن‭ ‬موريتانيا‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬دعوات‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬خاصة‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2016،‭ ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬دجنبر‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬السنة‭ ‬جمعية‭ ‬تابعة‭ ‬لمليشيات‭ ‬“البوليساريو“‭ ‬تسمى‭ ‬جمعية‭ ‬“ذاكرة‭ ‬تيرس“،‭ ‬بتوزيع‭ ‬منشور‭ ‬انفصالي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬منح ازويرات‭ ‬حكما‭ ‬ذاتيا‭. ‬ودعا‭ ‬المنشور‭ ‬إلى‭ ‬منح‭ ‬من‭ ‬وصفهم‭ ‬بـ‭ ‬“السكان‭ ‬الأصليين‭ ‬لازويرات“‭ ‬حقهم‭ ‬في‭ ‬ثروة‭ ‬ولايتهم‭ ‬الغنية‭. ‬و‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬الزيارة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬المغربية‭ ‬آنذاك،‭ ‬عبد‭ ‬الاله‭ ‬بن‭ ‬كيران‭ ‬والوزير‭ ‬المنتدب‭ ‬في‭ ‬الخارجية‭ ‬ناصر‭ ‬بوريطة،‭ ‬إلى مدينة‭ ‬ازويرات‭ ‬الموريتانية،‭ ‬بتكليف‭ ‬من‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬حيث‭ ‬التقيا‭ ‬الرئيس‭ ‬الموريتاني‭ ‬آنذاك‭ ‬محمد‭ ‬ولد‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭.‬

وعرفت‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬كذلك‭ ‬دعوات‭ ‬مماثلة‭ ‬تقف‭ ‬وراءها‭ ‬المخابرات‭ ‬العسكرية‭ ‬الجزائرية،‭ ‬بالموازاة‭ ‬مع‭ ‬التوسيع‭ ‬المكثف‭ ‬لعملية‭ ‬تجنيس‭ ‬عناصر‭ ‬البوليساريو‭ ‬وساكنة‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬بالجنسية‭ ‬الموريتانية،‭ ‬بحكم‭ ‬أن‭ ‬فصل‭ ‬شمال‭ ‬موريتانيا‭ ‬يعد‭ ‬خيارا‭ ‬بديلا‭ ‬بعد‭ ‬فشل‭ ‬مشروع‭ ‬الانفصال‭ ‬الذي‭ ‬يستهدف‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية‭ ‬المغربية‭. ‬ففصل‭ ‬شمال‭ ‬موريتانيا‭ ‬عنها‭ ‬وإقامة‭ ‬كيان‭ ‬موالي‭ ‬للجزائر،‭ ‬يحقق‭ ‬في‭ ‬الأخير‭ ‬هدف‭ ‬تطويق‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬الجنوب،‭ ‬وهو‭ ‬هدف‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬تحقيقه‭ ‬القوى‭ ‬المنافسة‭ ‬للمغرب‭ ‬طيلة‭ ‬القرون‭ ‬السابقة‭. ‬وعملت‭ ‬على‭ ‬تحقيقه‭ ‬فرنسا‭ ‬واسبانيا‭ ‬طيلة‭ ‬العقود‭ ‬الماضية،‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬تتولى‭ ‬الجزائر‭ ‬بشكل‭ ‬مكشوف‭ ‬وسافر‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭.‬

وقد‭ ‬انتهج‭ ‬النظام‭ ‬العسكري‭ ‬الجزائري‭ ‬سياسة‭ ‬الضغط‭ ‬الممنهج‭ ‬على‭ ‬موريتانيا‭ ‬طيلة‭ ‬العقود‭ ‬السابقة،‭ ‬بتعريضها‭ ‬لهجمات‭ ‬مليشيات‭ ‬«البوليساريو»‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬السبعينات‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬ولهجمات‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬2005 _ 2007_ 2008‭ ‬و2009،‭ ‬وجعلها‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬خوف‭ ‬دائمة‭ ‬،‭ ‬ودفعها‭ ‬إلى‭ ‬الخشية‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬تقارب‭ ‬مع‭ ‬المغرب،‭ ‬و‭ ‬فرض‭ ‬عنوة‭ ‬على‭ ‬موريتانيا‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬تسميه‭ ‬«بالحيادي»‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭.‬

توسع‭ ‬دعوات‭ ‬فصل‭ ‬ولايات‭ ‬شمال‭ ‬موريتانيا،‭ ‬دفعت‭ ‬السلطات‭ ‬الموريتانية‭ ‬سنة‭ ‬2021‭ ‬للقيام‭ ‬باعتقال‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يقفون‭ ‬وراء‭ ‬دعوات‭ ‬الانفصال،‭ ‬كما‭ ‬دفعت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النخب‭ ‬الموريتانية‭ ‬الى‭ ‬دق‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر،‭ ‬منهم‭ ‬مثلا‭ ‬مسعود‭ ‬ولد‭ ‬بولخير‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬في‭ ‬موريتانيا،‭ ‬الذي‭ ‬اكد‭ ‬أن‭ ‬الجزائر‭ ‬و“البوليساريو”‭ ‬تعملان‭ ‬على‭ ‬تغذية‭ ‬النعرات‭ ‬القبلية‭ ‬في‭ ‬بلاده،‭ ‬وتقومان‭ ‬بدفع‭ ‬سكان‭ ‬الشمال‭ ‬إلى‭ ‬الانفصال،‭ ‬وأكد‭ ‬كذلك‭ ‬بقوله‭ ‬ان‭ ‬أهل‭ ‬الشمال‭ ‬أصبحوا‭ ‬«يتحدثون‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬أنهم‭ ‬تعبوا‭ ‬من‭ ‬حمل‭ ‬موريتانيا‭ ‬على‭ ‬ظهورهم،‭ ‬وأنهم‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬أمة‭ ‬وحدهم»‭. ‬وعبر‭ ‬بلخير،‭ ‬الذي‭ ‬يرأس‭ ‬حزب‭ ‬التحالف‭ ‬التقدمي‭ ‬أيضا،‭ ‬عن‭ ‬تخوفه‭ ‬من‭ ‬انهيار‭ ‬بلاده‭ ‬كدولة،‭ ‬وقال: «إن‭ ‬موريتانيا‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬موجودة‭ ‬كدولة،‭ ‬وهي‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬حافة‭ ‬الهاوية‭ ‬ومآلها‭ ‬القريب‭ ‬الانفجار‭ ‬التشظى‭ ‬أو‭ ‬الانفجار»،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬«احتمال‭ ‬أن‭ ‬تستغل‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭ ‬الوضع‭ ‬القائم‭ ‬في‭ ‬موريتانيا‭ ‬حاليا‭ ‬وتعلن‭ ‬انفصال‭ ‬الشمال»،‭ ‬وتابع‭ ‬أنه‭ ‬صارح‭ ‬الرئيس‭ ‬محمد‭ ‬ولد‭ ‬الغزواني،‭ ‬وأكد‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬تمر‭ ‬به‭ ‬موريتانيا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتداركه‭ ‬إلا‭ ‬الحوار،‭ ‬وأن‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬ينظم‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬ليضع‭ ‬حدا‭ ‬لهذه‭ ‬التحديات،‭ ‬وأن‭ ‬يتدارك‭ ‬موريتانيا‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭. ‬

ليس‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬موريتانيا‭ ‬دولة‭ ‬فاشلة
يتجاوز‭ ‬أثر‭ ‬الهشاشة‭ ‬الحدود‭ ‬الوطنية‭ ‬للدولة‭ ‬الهشة،‭ ‬إذ‭ ‬تشير‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نحو‭ ‬80‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬تكاليف‭ ‬الهشاشة‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الضائع‭ ‬تتحمله‭ ‬دول‭ ‬الجوار،‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬هشاشة‭ ‬الجار،‭ ‬حيث‭ ‬ينخفض‭ ‬معدل‭ ‬النمو‭ ‬بنحو‭ ‬0.6%‭ ‬سنويا‭ ‬لكل‭ ‬دولة‭ ‬مجاورة‭. ‬

وتحدث‭ ‬الدول‭ ‬الهشة‭ ‬تأثيراً‭ ‬سلبياً‭ ‬على‭ ‬جيرانها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قنوات‭ ‬أخرى،‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬المساعدة‭ ‬على‭ ‬انتشار‭ ‬خطر‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬والصراعات‭ ‬العنيفة‭ ‬عبر‭ ‬الحدود،‭ ‬منها‭ ‬حالة‭ ‬انتشار‭ ‬أسواق‭ ‬الأسلحة‭ ‬(كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬موريتانيا)،‭ ‬إذ‭ ‬تؤدي‭ ‬سهولة‭ ‬اختراق‭ ‬الحدود‭ ‬الوطنية‭ ‬إلى‭ ‬سهولة‭ ‬تنقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬والذخائر‭ ‬بين‭ ‬الدول‭.‬

ويتجلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬تأثيرات‭ ‬الجار‭ ‬الهش‭ ‬في‭ ‬تحركات‭ ‬اللاجئين‭ ‬عبر‭ ‬الحدود،‭ ‬مما‭ ‬يفرض‭ ‬تكاليف‭ ‬باهظة‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬المستقبلة،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬تحركات‭ ‬اللاجئين‭ ‬الجماعية‭ ‬أيضاً‭ ‬إلى‭ ‬زعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬البلدان‭ ‬المجاورة،‭ ‬وتصبح‭ ‬مخيمات‭ ‬اللاجئين‭ ‬موقعاً‭ ‬لتنظيم‭ ‬نشاط‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وعصابات‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬قبل‭ ‬تنفيذ‭ ‬عملياتها‭. ‬

كما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬استمرار‭ ‬التدفقات‭ ‬الأخرى‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭ ‬كتهريب‭ ‬الكوكايين،‭ ‬التي‭ ‬تجتذبها‭ ‬البلدان‭ ‬ذات‭ ‬السيطرة‭ ‬المحدودة‭ ‬على‭ ‬أراضيها‭ ‬والعاجزة‭ ‬عن‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬والعاجزة‭ ‬عن‭ ‬تامين‭ ‬حدودها،‭ ‬تهديدا‭ ‬لاستقرار‭ ‬البلدان‭ ‬المجاورة‭. ‬

‮ ‬فأمام‭ ‬عجز‭ ‬الدولة‭ ‬الموريتانية‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬نظام‭ ‬عصري،‭ ‬وبناء‭ ‬اقتصاد‭ ‬وطني،‭ ‬جعلها‭ ‬عرضة‭ ‬لمخاطر‭ ‬التدمير‭ ‬الداخلي‭ ‬والتدريجي،‭ ‬بسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬الفقر‭ ‬والهشاشة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وبسبب‭ ‬التوترات‭ ‬الاثنية‭ ‬والعرقية‭ ‬وتصاعد‭ ‬الانتماءات‭ ‬القبلية،‭ ‬وأصناف‭ ‬التقسيم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بإثارتها‭ ‬واستغلالها‭ ‬بعض‭ ‬الزعماء‭ ‬المحليين‭ ‬والسماسرة‭ ‬السياسيين‭ ‬المرتبطين‭ ‬أحيانا‭ ‬بمهربي‭ ‬المخدرات،‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬فشل‭ ‬موريتانيا‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬هوية‭ ‬وطنية‭ ‬موحدة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬التعدد‭ ‬العرقي،‭ ‬يجعل‭ ‬مؤشرات‭ ‬اندلاع‭ ‬توترات‭ ‬حاضرة‭ ‬بين‭ ‬البيضان‭ ‬والحراطين‭ ‬والأفارقة‭ ‬السود‭ ‬الذين‭ ‬يشكلون‭ ‬الأقلية‭ ‬غير‭ ‬الناطقة‭ ‬باللهجة‭ ‬الحسانية،‭ ‬والتي‭ ‬تعود‭ ‬أصول‭ ‬أغلبها‭ ‬إلي‭ ‬القبائل‭ ‬الزنجية‭ ‬المنتشرة‭ ‬على‭ ‬ضفتي‭ ‬نهر‭ ‬السنغال،‭ ‬فالمجتمع‭ ‬الموريتاني‭ ‬ينقسم‭ ‬تاريخيا‭ ‬إلى‭ ‬طبقات‭ ‬اجتماعيه‭ ‬لكل‭ ‬منها‭ ‬وظيفتها‭ ‬الخاصة‭. ‬
 
 
محمد الطيار ، باحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية