الاثنين 17 فبراير 2025
خارج الحدود

بسبب تقصير حكومة باريس.. إعصار "تشيدو" يجرف سمعة الرئيس الفرنسي إلى الحضيض بجزيرة مايوت

بسبب تقصير حكومة باريس.. إعصار "تشيدو" يجرف سمعة الرئيس الفرنسي إلى الحضيض بجزيرة مايوت الرئيس الفرنسي ماكرون أثناء وصوله الى جزيرة مايوت
تعرضت السلطات الفرنسية لوابل من الانتقادات من طرف الرأي العام الفرنسي بسبب تأخرها في التدخل لمواجهة تداعيات إعصار "تشيدو"، الذي ضرب جزيرة مايوت الفرنسية وتسبب في أضرار مادية جسيمة فضلا عن أعداد كبيرة من الضحايا ( 31 قتيلا لحد الآن )، حيث تركت الأمطار الغزيرة والرياح العاتية التي رافقت الإعصار الجزيرة بحالة دمار شبه تام، وسط توقعات لمسؤولين بأن يرتفع عدد القتلى إلى الآلاف.
 
وقد كشفت الكارثة عن الجانب المظلم من الإقليم المستعمر من طرف فرنسا، حيث حالة من التهميش والإهمال، علما أنه الإقليم الأفقر مقارنة بالأقاليم الفرنسية الأخرى.
 
وتعرضت البنى التحتية لجزيرة مايوت التابعة لأقاليم ما وراء البحار الفرنسية بما فيها المستشفيات والمدارس، ومراكز الإسعاف والمطار والمرافق العامة، لدمار شديد، كما انقطعت الاتصالات بشكل شبه كامل في الجزيرة.
 
السلطات الفرنسية أعلنت عقب الإعصار عن تسيير جسر جوي لإغاثة الإقليم المنكوب، وسيرت طائرات إغاثة وفرق إنقاذ و"رجال شرطة" من البر الأم للمساعدة في تدارك الكارثة. كل تلك الإجراءات رافقها غضب محلي في مايوت، حيث اعتبر سكان الجزيرة أن نتائج الإعصار الكارثية ما كانت لتكون بهذا المستوى لولا الإهمال الشديد الذي كان الإقليم يتعرض له من قبل باريس، فجزيرة مايوت هي الأفقر ضمن المناطق الفرنسية، يعيش أكثر من 70% من سكانها تحت خط الفقر، كما أن معظم أحيائها الفقيرة كانت عبارة عن منشآت من الصفيح تفتقر للبنى التحتية الرئيسية التي تتسم بها المدن الفرنسية الأخرى.
 
واعتبرت قوى فرنسية خاصة من اليسار أن الإقليم مهمل وليس على سلم أولويات باريس، حيث أشار مانويل بومبارد، النائب عن حزب "فرنسا الأبية"، أن "مايوت" تعرضت للإهمال لعقود من الزمن، وأن الآلاف من سكانها يعيشون في أحياء فقيرة دون الإمكانية للحصول على الضروريات الأساسية، كالمياه مثلا.
 
وقال بومبارد إن المساعدات الطارئة التي أرسلتها باريس "على الرغم من ضرورتها، لن تكون كافية"، داعيا "لرفع الإهمال" الذي لحق بالأرخبيل على مدى عقود، والذي كان سببا بتدني مستوى بنيته التحتية والخدمات فيه.
 
وحسب البيانات الرسمية الفرنسية فإن غالبية الإقليم تعيش تحت خط الفقر، حيث يعيش حوالي 40% من سكان الأرخبيل البالغ عددهم 320 ألف نسمة على أقل من 200 يورو شهريا، وهو تناقض كبير بالمقارنة مع الحد الأدنى للأجور في فرنسا والذي يبلغ 1400 يورو.
 
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد زار جزيرة مايوت يوم الخميس 19 دجنبر 2024، بعد أن تعرضت لتدمير واسع جراء إعصار "تشيدو" الذي أسفر عن مقتل 31 شخصًا.

وفي مستهل زيارته، أعلن ماكرون عن نيته في "إعادة بناء" الارخبيل مع وضع "معايير جديدة"، دون أن يكشف عن تفاصيل هذه المعايير، ثم أكد على ضرورة "تغيير العديد من الأمور"، مشددا على أن الجميع يجب أن يقبل بتعديل القواعد والاختصاصات الحالية، وذلك في إشارة إلى الظروف المعيشية المتدهورة التي يعيشها غالبية سكان مايوت، إذ تعتبر الجزيرة موطنا لأكبر حي عشوائي في فرنسا،" كاويني"(Kawini)، والذي تم تدمير أكواخه المصنوعة من الصفيح، والمعروفة بـ "البنغاس"(Bangas)، بشكل كامل جراء الإعصار.

وفي إطار هذه الخطة، أوضح الرئيس الفرنسي كذلك عن عزمه "تعزيز مكافحة الهجرة غير الشرعية"، مؤكدا أن هذه الإجراءات ستتزامن مع جهود إعادة بناء البنية التحتية الأساسية مثل المدارس والمستشفيات والمساكن.

وردا على انتقادات قوى المعارضة في جزيرة مايوت قال ماكرون ماكرون "لا يمكنني السماح بالقول إن الدولة تخلت عن مسؤولياتها هنا"، علمًا أن العديد من الأصوات دعت المسؤولين في باريس إلى تقديم استقالاتهم.
 
كما وعد بإنشاء "صندوق تعويضات لدعم أولئك الذين لا يمتلكون تأمينا"، دون أن يحدد تفاصيل آلية عمله أو حجم المساعدات المالية المخصصة لهذا الصندوق. ووفقا لوزارة الداخلية الفرنسية، فإن "70% من سكان الجزيرة قد تأثروا بشكل كبير" جراء الإعصار.