الاثنين 13 يناير 2025
اقتصاد

المصطفى بوناصر: المغرب ورهان الدخول الى دائرة المغرب الرقمي

المصطفى بوناصر: المغرب ورهان الدخول الى دائرة المغرب الرقمي المصطفى بوناصر
خصصت الحكومة في إطار استراتيجية المغرب الرقمي، ميزانية محترمة للفترة الممتدة 2024- 2026 و لإنجاح هدا الورش ، فهي تراهن من خلال هذه الاستراتيجية على تحقيق نتائج طموحة إذ انكبت الحكومة على هذا المشروع في زمن غير كاف لرسم الخطوط العريضة والتوجهات العامة للتنمية الرقمية للمغرب الرقمي 2030.

قدمت الوزيرة الوصية توجهاتها للجنة الوطنية للتنمية الرقمية 2024، بالتركيز على محورين الأول يتعلق برقمنة الخدمات العمومية من أجل خدمة المواطنين والمقاولات، ومحور ثان يهدف تحقيق دينامية الاقتصاد الرقمي عبر إحداث مناصب الشغل والمساهمة في الناتج الداخلي الخام بسقف اجمالي قدر ب 170 مليار درهم لتقوية السيادة الرقمية للمغرب.

لا شك أن عرض هذا الورش للدراسة والتحليل ووضعه تحت المجهر هو من باب الحرص هو أن تستفيد كل الرهانات الوطنية من تفعيل حقيقي للمقاربة التشاركية ودراسة مستفيضة تعتمد أولا تقييم الاستراتيجيات والخطط والبرامج السابقة آخدة بعين الاعتبار توصيات كل المؤسساتية الشريكة.

إذ أن الرصد والتتبع لتفاصيل هذه الاستراتيجية في تنزيلها بالرغم من التأخر المسجل في إطلاقها هو مساهمة منا لضمان نجاحها وتلافي العثرات والارتباك في إجراءات التفعيل. وهذا يدفعنا قصد تسجيل ملاحظاتنا في هدا الصدد.

من الضروري لأي سياسة حكومية أن تعتمد شرط المقاربة التشاركية وتواصلا مستدام مع الشركاء في زمن قياسي كي يقتنع كل متدخل إو مستفيد بفوائد التحول الرقمي وفوائده الاقتصادية والاجتماعية. وهذا قبل تحديد أهداف أي استراتيجية بهدف مشاركة وانخراط الجميع عن طواعية في خارطة طريق تتضمن بشكل مفصل المراحل الزمنية والموارد المطلوبة لنجاح هده الخطة.

من المفترض أن تستأنف هذه الاستراتيجية خطوتها الأولى باستعداد قبلي قبل إعلان إطلاقها، بتنظيم دورات تدريبية لتعزيز المهارات الرقمية لدى المواطنين، وبتعزيز البنية التحتية التكنولوجية، وكذا الاستثمار المكثف في تحسين وتوسيع نطاق الشبكات الرقمية العالية السرعة، حتى في المناطق النائية وهذا طبعا بالاستفادة من بناء الشراكات مع الدول الأخرى والتجارب الناجحة للدول الصديقة، مدعومة بانفتاح لا مشروط على القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية لتطوير حلول مبتكرة وتكرس الشراكة والتعاون مع كل المؤسسات المعنية بهدف تحسين الخدمات الحكومية الرقمية.

إن أهمية الرقمنة للخدمات الحكومية لا تقف فقد عند تسهيل الوصول اليها وتوفير معداتها بل تقنية لتوفير الجهد والوقت ووسيلة تضمن حماية البيانات الشخصية وتعزيز الثقة في الخدمات بالإضافة انها تمكن من إنشاء آليات لمراقبة وتقييم تقدم الاستراتيجية بشكل دوري وتجري تعديلات على الاستراتيجية بناءً على النتائج، وتعمل على تشجيع الابتكار من خلال دعم الشركات الناشئة و تحفيز المبادرات الرقمية لتوفير كل شروط بحث وتطوير التكنولوجيا استراتيجية تواصل فعالة لنشر المعلومات حول التقدم والنجاحات بواسطة وكدا الاستماع لملاحظات المواطنين وتلبية احتياجاتهم.

الجدير بالذكر أن نجاح الاستراتيجية متوقف على إرادة جدية من الحكومة للتفرغ أولا لإصلاح منظومة التربية والتعليم لأن الرقمنة يجب تبدأ أصلا من حجرة الدرس كي يستأنس المتعلم بخوارزمياتها بالرغم مما تعيشه المنظومة التعليمية من اكراهات مركبة فالوعي بأهمية القطاع في تحقيق الطفرة غير ناضج بالرفع فقط من الميزانية.

ان بناء القيم وترسيخها هو حجر الزاوية في العملية التنموية الخلاقة، لأن معادلةُ التربيةِ والتعليم تتوقف على مثلث المعلّم، التلميذ، المقرر الدراسي، وأن العناية والتركيز على هده المعادلة هو السبيل الى التنمية الشاملة.

فكيف لنا الانخراط في هده الاستراتيجية في وقت لازالت ظاهرة الأميَّةُ الثقافيةُ والرقمية متفشية بشكل ملفت ومتفاوت في الجامعات العربية، فقلّ ما تجد في هدا المعسكر العلمي من يلاحق المستجد في تخصّصه الأكاديمي من لغات وبرمجيات، والنادر مَن يبرع في استعمال التقنيات الرقمية في لبحاثه العلمية والمخيف أن عدد لا يستهان به من المدرسيين من الجيل القديم غريب عن منصات التواصل الرقمية، ولا يفقه عن معظم تطبيقاتها وهذا ينعكس على تطوير مهارات الطلبة.

لقد ابتكر الذكاء الاصطناعي ومنصات التواصل وتطبيقاتها المتنوعة كطرق بديلةً للتدريس تعبّر عن عصر الهوية الرقمية، حيث أن أدق المباحث وأشدها تعقيدًا تُفهَم بيسر وسهولة، بأساليب بصرية وسمعية بعيدة عن الرتابة.

فكيف يستساغ تأهيل عنصر بشري يعاني حالة من النفور النفسي والالكتروني؟

لقد تأكد بالدليل الملموس أن عمليةُ بناءِ الإنسان والاستثمار في الرأسمال البشري هو الكفيل لضمان بناءَ دولة مواطنة وإن الاستثمار في الكائن البشري أثمن من أي استثمار، إذ من المؤكد ان تخلُّفُ الأمم يبدأ من الإخفاق في تقييم وبناء هذا الإنسان.

اليابانُ تعتبر خير نموذج للبراعة في بناء الإنسان بتكوينه على المستوى القيمي والتربوي والتعليمي، لذاط تبقى فقدان الرؤية الاستراتيجية لبناء التربية والتعليم والثقافة والإعلام محور الهوية الرقمية والذكاء الاصطناعي، والافتقار للإرادة الحازمة لتنفيذها السبيل لإخفاق هده الخطوة، وإن تظاهرت في بعض البلدان فإنها غير مجدية وهشة، كما أن عدم حماس المسؤولين للانخراط بمسؤولية في العصر الرقمي ، والافتقار للخبراء المؤهلين تأهيلًا جادًّا لإنجازها، وضعف البنية التحتية المادية والتكنولوجية والمعرفية اللازمة لولادتها وتنميتها هو مجرد استئناس وهدر الزمن.

هل نفور بعض الكائنات البشرية من التقنيات الرقمية المبتكرة متأتى من جهلهم لما يعد به من مكاسب عظمى؟ أم وسائل ومهنٌ بديلة مختلفة غير مهضومة ولا تستوعبها عقولهم سلوكيات ولا سجاياهم الشخصية؟ فهل هناك دراسات لحالة ناجحة لمعالجة هده التحديات؟.