الاثنين 13 يناير 2025
فن وثقافة

الباحث عيديد: حان الوقت لتشكيل معهد ملكي للثقافة الحسّانية (مع فيديو)

الباحث عيديد: حان الوقت لتشكيل معهد ملكي للثقافة الحسّانية (مع فيديو) لحبيب عيديد باحث في التراث الثقافي الحساني
طالب لحبيب عيديد باحث في التراث الثقافي الحساني، والمشرف العام على برنامج جرد وتصنيف التراث الشفاهي الحساني بجهة العيون الساقية الحمراء، بضرورة تتويج كل هذه الدراسات والأبحاث من خلال تأسيس معهد ملكي للثقافة الحسّانية.

جاء ذلك في مداخلة حول النموذج التنموي في خدمة الثقافة الحسانية وعمقها الإفريقي، والمنظم بالرباط، ضمن فعاليات المنتدى الثالث للثقافة الحسانية.

في هذه المداخلة تحدث لحبيب عيديد، عن تشكل التراث الثقافي الحسَّاني عبر سيرورته وعاءً انصهرت فيه الخبرات والتجارب الإنسانية والأنماط السلوكية مع الإنسان والمجال لتنتج زادا معرفيا ميَّز إنسان الصحراء وأثرى إبداعاته الأدبية وعطاءاته الفكرية والفنية والجمالية، ليتحوَّل من مُنْتج فردي إلى ذاكرة جماعية.

وأضاف الباحث عيديد، أن التراث الثقافي الحسَّاني نظام متكامل من تفاعلات تراثية وأنثروبولوجية وعلاقات اجتماعية وإبداعات فنية وممارسات وطقوس وعادات مميِّزة، وهو نتاج تلاقح ثقافي أصيل وعميق بين مكوِّنات ثقافية وطنية وعربية وإفريقية وإنسانية.

ويتسمُ هذا  التراث الثقافي، حسب العديد من الدارسين، بندرة الكتابة وقلة وسائلها في مجتمع بدوي، لتصبح التعبيرات الشفاهية وسيلة التواصل التي مكنت أهل الصحراء من نقل معارفهم وتجاربهم وحفظ ذاكرتهم الجماعية.

ولتفعيل هذه الذاكرة، يحتاج التراث الثقافي الحسَّاني إلى مجموعة من القواعد لفهمه ودراسته، بُغية اكتشاف أبعاده ودلالاته، ومدى ارتباطها، أو انفصالها عن مكوِّنات  التراث الثقافي الشعبي في الوطن العربي. وتٌعين هذه القواعد، على استنباط الجوانب النفسية الكامنة وراء إنتاج هذه الثقافة كمحتوى معرفي يعبِّر عن المنظومة الفكرية للمجتمع الذي أنتجها.

وفي سياق الوعي بأهمية صون التراث الثقافي الحسَّاني المادي منه وغير المادي، يكون ضروريّاً صيانته وتثمين مختلف مظاهر وأوجهه العريقة والغنية، إلى جانب العمل على إنقاذ المهارات الأصيلة المتوارثة في شتى الميادين، المهدَّدة بالاندثار بفعل عوامل التمدين والحداثة، والتحوُّلات الكاسحة في نمط العيش وتراجع العلاقة بين الأجيال المتعاقبة وتعطل سبل النقل العتيقة بينها، مع ما يستدعيه ذلك من وضع لمناهج علمية وآليات ناجعة وأدوات فعالة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا الموروث الأصيل والسهر على استدامته وضمان نقله إلى الأجيال المقبلة بوصفه مكوِّناً أساسيّاً من مكوِّنات الهوية الوطنية.

وغير خاف أن التراث الثقافي الحسَّاني قد حقق طفرة نوعية منذ توقيع المغرب على اتفاقية اليونسكو الرَّامية إلى صون التراث الثقافي غير المادي سنة 2003، مروراً بدسترة الحسانية وتنزيل مقتضيات النموذج التنموي الجديد بالجهات الجنوبية الثلاث وخاصة جهة العيون الساقية الحمراء.