لاشك أن الدبلوماسية الوطنية وقضية الوحدة الترابية تعيش أزهى مراحلها في الآونة الأخيرة، باعتبار الموقع القوي الذي أصبح للمغرب قاريا ودوليا، وتراكم الإنجازات الدبلوماسية والمنطق الذي فرضه المغرب بفضل رؤية صاحب الجلالة الثاقبة والصارمة، والتي أسس بفضلها المغرب علاقاته بالقوى المختلفة على مرتكزات من الندية غير المسبوقة، في تمثل تام لمبدأ رابح رابح، وهو الأفق الذي أثمر الإعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، والإطار الذي تم من خلاله تكريس هذا الاعتراف عبر لغة واضحة، وفي سياق زيارة دولة رسمية وعبر خطاب للرئيس الفرنسي ماكرون من داخل البرلمان، وهي كلها سياقات لها رمزية سياسية كبيرة، أولا؛ باعتبار موقع فرنسا المؤثر من داخل مجلس الأمن والاتحاد الأرووبي ومختلف الأوساط الدولية، وثانيا؛ باعتبار موقعها في العلاقة مع الصحراء المغربية، فهي القوة الاستعمارية التي تعرف جيدا المغرب وتدرك ارتباط الصحراء بالمغرب تاريخيا وقانونيا، مما يجعل لموقفها حجية قوية وطابعا مرجعيا في باقي العالم خاصة أروبا. ولسنا بحاجة في هذا السياق للتذكير بأن أساس هذا الصراع اكتسبه من اللحظة الاستعمارية، فعلى أساسها تحددت جغرافيا المنطقة ونتيجة لهذه الفترة تشكلت أطماع القوى المجاورة خاصة الجزائر في الصحراء، مما يعطى دائما في هذه الصراعات للقوى الاستعمارية الرأي الاستشاري الأول، لذلك فإن تأييد اسبانيا وفرنسا لمغربية الصحراء يشكل دعما سياسيا استثنائيا سيساهم بشكل كبير في إسناد موقف المغرب في مواجهة خصومه.
لذلك لا نشك مطلقا في أن باقي الدول المؤثرة الأخرى ستتبنى نفس موقف فرنسا واسبانيا في الاعتراف بمغربية الصحراء، وهو المعطى الذي يعطي لهذا الحدث طابع التحول المفصلي في مسار الطي النهائي لهذا الملف. كما أن الموقف الفرنسي الرسمي لم يقف عند حدود الاعتراف للمغرب بصحرائه بل تعداه إلى تبني الموقف المغربي بشأن الحكم الذاتي باعتباره الحل الوحيد لهذا الصراع المفتعل، وإعلان التزام فرنسا بوضع كل إمكانياتها في خدمة المغرب والدفاع عن الحكم الذاتي، وبالفعل فالإجراءات التي قامت بها فرنسا مباشرة بعد خطاب الرئيس الفرنسي بالبرلمان تعكس جديتها في تنزيل كل ما تم الاتفاق عليه، من خلال الترافع عن مغربية الصحراء في مجلس الأمن وإخبار كل الهيئات بالموقف الفرنسي، وهو معطى ستكون له نتائج حاسمة في اتجاه تبني المنتظم الدولي للحكم الذاتي.
فشل رهان الجزائر بعد قرار جديد لمجلس الأمن
حقّقت القضية الوطنية في الأسبوع الأخير مكاسب استثنائية من خلال تزامن زيارة الرئيس ماكرون وما ترتب عنها مع تبني مجلس الأمن لقرار جديد كشفت مضامينه والحيثيات المرافقة لصدوره عن التأثير الكبير الذي أصبح للمغرب بعد توالي اعترافات القوى الكبرى بمغربية الصحراء، مما أثمر تقديم مرافعات قوية صدحت بالمواقف الجديدة للقوى الكبرى خاصة فرنسا التي دافعت عن مغربية الصحراء والحكم الذاتي باعتباره الحل الأكثر مصداقية وجدية، في المقابل إفشال كل مخططات الجزائر ومن يواليها، والتي راهنت على العضوية في مجلس الامن لتحقيق أي تطور في محاصرة المغرب، إلا أن قوة الدبلوماسية المغربية أثمرت تعميق عزلة الجزائر عبر تعبير كل الدول الأعضاء عن دعم المغرب، بل وتحييد القوى التي تعتبرها الجزائر حليفة تقليدية خاصة روسيا، وهو معطى لم يأتي صدفة بل نتيجة لعمل قوي عزز علاقة المغرب مع كل القوى الدولية بما في ذلك روسيا والصين، فكان عدم تصويت أي دولة برفض القرار مؤشر قوي ستتأكد من خلاله الجزائر على عدم جدوى رهانها على أي حليف في مواجهة المغرب.
فشل رهان الجزائر بعد قرار جديد لمجلس الأمن
حقّقت القضية الوطنية في الأسبوع الأخير مكاسب استثنائية من خلال تزامن زيارة الرئيس ماكرون وما ترتب عنها مع تبني مجلس الأمن لقرار جديد كشفت مضامينه والحيثيات المرافقة لصدوره عن التأثير الكبير الذي أصبح للمغرب بعد توالي اعترافات القوى الكبرى بمغربية الصحراء، مما أثمر تقديم مرافعات قوية صدحت بالمواقف الجديدة للقوى الكبرى خاصة فرنسا التي دافعت عن مغربية الصحراء والحكم الذاتي باعتباره الحل الأكثر مصداقية وجدية، في المقابل إفشال كل مخططات الجزائر ومن يواليها، والتي راهنت على العضوية في مجلس الامن لتحقيق أي تطور في محاصرة المغرب، إلا أن قوة الدبلوماسية المغربية أثمرت تعميق عزلة الجزائر عبر تعبير كل الدول الأعضاء عن دعم المغرب، بل وتحييد القوى التي تعتبرها الجزائر حليفة تقليدية خاصة روسيا، وهو معطى لم يأتي صدفة بل نتيجة لعمل قوي عزز علاقة المغرب مع كل القوى الدولية بما في ذلك روسيا والصين، فكان عدم تصويت أي دولة برفض القرار مؤشر قوي ستتأكد من خلاله الجزائر على عدم جدوى رهانها على أي حليف في مواجهة المغرب.
أعتقد أن بنية مجلس الأمن واستمرار مسار الاعترافات من شأنه أن يؤهلنا إلى الإنتقال إلى مرحلة متقدمة في أفق التسوية النهائية للملف، خاصة وأن المغرب سيستفيد مستقبلا من دعم الدول الممثلة لإفريقيا في مجلس الآمن، فقد راهنت الجزائر خلال هذه الولاية على عضويتها إلى جانب الموزمبيق في هذا المجلس للإضرار بمصالح المغرب إلا أن مساعيها باءت بالفشل الذريع، فكان انسحاب ممثلها وتصويت روسيا والموزمبيق أكبر تجسيد لهذا الفشل.
وضع الجزائر.. عزلة دولية تتعمّق وتوثر متزايد
تجعل الأنظمة العسكرية من عداء دول الجوار عقيدة تزودها بأسس مشروعية وهمية، وهو حال الجزائر التي جعلت من العداء تجاه مع المغرب وأطماعها في الصحراء عقيدة موجهة للاستهلاك الداخلي ومنطلقا لتبرير نفقات هذا النظام ووجوده والالتفاف على المشاكل الاقتصادية خاصة التضخم وتفاقم الأوضاع الاجتماعية وغياب أي مشروع مجتمعي، مما يفسر الضرر الكبير الذي لحق هذا النظام نتيجة لما راكمه من الفشل سياسيا ودبلوماسيا، وتتكرس هذه الأزمة بعد استنفاذ الجزائر وصنيعتها البوليساريو لكل الأوراق التي درجوا على استعمالها مثل ورقة "حقوق الإنسان" و«الثروة»، وفشل الرهان على مجلس الأمن وتنظيمات الاتحاد الأوروبي، وكذا فقدان الجزائر لمساندة كل حلفائها مثل الصين وروسيا...، وانكماشها قاريا بالإضافة إلى عزلة عربية تاريخية. وقد تعمقت هذه العزلة الدولية بعد الأزمة التي اندلعت مع مالي في الجنوب، وتزايد التوتر على الحدود المالية الجزائرية الممتدة، والتي تغطي مجالات مضطربة أمنيا، وهو الصّراع الذي سيساهم في تعميق أزمة الجزائر خاصة بفعل الوجود الروسي الكبير بمالي.
وضع الجزائر.. عزلة دولية تتعمّق وتوثر متزايد
تجعل الأنظمة العسكرية من عداء دول الجوار عقيدة تزودها بأسس مشروعية وهمية، وهو حال الجزائر التي جعلت من العداء تجاه مع المغرب وأطماعها في الصحراء عقيدة موجهة للاستهلاك الداخلي ومنطلقا لتبرير نفقات هذا النظام ووجوده والالتفاف على المشاكل الاقتصادية خاصة التضخم وتفاقم الأوضاع الاجتماعية وغياب أي مشروع مجتمعي، مما يفسر الضرر الكبير الذي لحق هذا النظام نتيجة لما راكمه من الفشل سياسيا ودبلوماسيا، وتتكرس هذه الأزمة بعد استنفاذ الجزائر وصنيعتها البوليساريو لكل الأوراق التي درجوا على استعمالها مثل ورقة "حقوق الإنسان" و«الثروة»، وفشل الرهان على مجلس الأمن وتنظيمات الاتحاد الأوروبي، وكذا فقدان الجزائر لمساندة كل حلفائها مثل الصين وروسيا...، وانكماشها قاريا بالإضافة إلى عزلة عربية تاريخية. وقد تعمقت هذه العزلة الدولية بعد الأزمة التي اندلعت مع مالي في الجنوب، وتزايد التوتر على الحدود المالية الجزائرية الممتدة، والتي تغطي مجالات مضطربة أمنيا، وهو الصّراع الذي سيساهم في تعميق أزمة الجزائر خاصة بفعل الوجود الروسي الكبير بمالي.
عموما، ففي مقابل تنامي قوّة المغرب قاريا ودوليا وتعزّز ريّادته داخل المنطقة، فإن عزلة الجزائر تتعمّق شمالا بعد توتر علاقاتها بفرنسا واسبانيا وغربا مع المغرب وجنوبا بتصاعد الأزمة المالية الجزائرية وتورّط الجزائر في تأزيم الوضع الأمنيّ بمالي، فما كان من الجزائر إلا أن سعت إلى بناء تحالفات هشّة تحقّق لها زعامة وهمية على دول تعيش أزمات مركبة مثل: تونس وليبيا.
الدكتور محمد بوزنكاض، أستاذ باحث، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن زهر