يهدف مشروع مرسوم رقم 2.24.485 الخاص بسن تدابير متفرقة تتعلق بالقضاة والملحقين القضائيين الذي صادقت عليه الحكومة أخيرا إلى تحسين الوضعية المادية للملحقين القضائيين، وملاءمتها مع الأوضاع الاقتصادية العامة، ومساعدتهم على الاستجابة للحاجيات الضرورية، والملحة المرتبطة بالتكوين، والالتزامات التي يفرضها الانتماء لسلك القضاء، مما سيوفر لهم الظروف المناسبة لبناء الأسس الأولى لحيادهم وتجردهم باعتبارهم قضاة المستقبل.
كما يرمي إلى تعديل بعض مقتضيات المراسيم المحددة للتعويضات والمنافع الممنوحة للقضاة، من أجل ضمان استمرار القضاة الذين يتولون مهام المسؤولية القضائية في الاستفادة من التعويض عن السكنى على الرغم من استفادتهم من سكنى عينية.
وفيما يخص استقرار المسؤولين القضائيين بالمدن الموجودة بها مقار المحاكم التي يشرفون على تسييرها، ينص كل من المرسوم رقم 2.20.913 الصادر في 3 يونيو 2021 بتحديد التعويضات والمنافع الممنوحة للقضاة من خارج الدرجة، والمرسوم رقم 2.96.914 الصادر في 29 يناير 1997 بتحديد التعويضات والمنافع الممنوحة للقضاة من الدرجة الاستثنائية والدرجة الممتازة، كما وقع تغييرهما وتتميمهما بموجب المرسوم رقم 2.23.565 الصادر في 2 غشت 2023 على تخويل جميع القضاة المصنفين في الدرجات المذكورة، تعويضا عن السكنى يتوقف في حالة استفادتهم من سكنى عينية. كما ينص المرسوم رقم 2.75.175 الصادر في 8 أبريل 1975 بتحديد التعويضات والمنافع الممنوحة للقضاة من الدرجات الأولى والثانية والثالثة على مقتضى مماثل لفائدة هؤلاء.
وحسب مشروع المرسوم، إذا كان تطبيق هذا المقتضى يظل عاديا بالنسبة لعموم القضاة، فإنه لا يوفر الحوافز اللازمة لاستقرار القضاة الذين يتولون مهام الإشراف على تسيير المحاكم والنيابات العامة، سيما حين يكون التعويض عن السكن يشكل جزء مهما من راتب القاضي المكلف بالإشراف على المرفق القضائي، كما هو الحال بالنسبة للمسؤولين القضائيين المرتبين في الدرجة الأولى من درجات السلك القضائي، حيث يشكل التعويض عن السكن حوالي 25 في المائة من راتبهم الإجمالي، مما يجعلهم في حالة توقيف تخويله، في وضعية مادية صعبة.
وبالنظر إلى أن بعض المسؤولين القضائيين عن المحاكم الرؤساء الأولون والوكلاء العامون للملك ورؤساء المحاكم ووكلاء الملك ملزمون بالإقامة بمقار المحاكم التي يرأسونها بحكم طبيعة مهامهم الحساسة، والتي تتمثل في تسيير وإدارة المرفق القضائي والإشراف على التأطير والتخليق، ومباشرة مهام الإدارة القضائية في جانبيها الإداري والمالي من جهة، والمهام ذات الطبيعة القضائية من جهة أخرى.
وبالنظر إلى أن رؤساء الغرف ورؤساء الهيئات بمحكمة النقض مسؤولون، حسب الحالة عن الإشراف على سير غرف محكمة النقض وعددها حاليا سبعة (7) بمقتضى المادة 86 من قانون التنظيم القضائي، وعلى سير الهيئات التي تتكون منها تلك الغرف وعددها حاليا 32 هيئة)، ولاسيما من حيث تجهيز الملفات للبت فيها، والإشراف على المداولات، وتأطير تحرير القرارات، وضمان الأمن القضائي عن طريق توحيد الاجتهاد والعمل القضائيين. وهو ما يتطلب منهم الاستقرار بمقر محكمة النقض، والتفرغ لمهامهم بما يحقق الغايات المنشودة.
وبالنظر كذلك إلى أن عدد جميع هؤلاء المسؤولين لا يتعدى نسبة 6 في المائة من مجموع القضاة حاليا (حوالي 271 مسؤولا)، ولما سيشكله استثناء هؤلاء المسؤولين من توقيف تخويل التعويض عن السكنى في حالة توفرهم على سكنى عينية، من حافز على الاستقرار بأماكن عملهم، والحفاظ على كرامتهم التي تجسد هيبة وكرامة القضاء.
أما فيما يتعلق بالوضعية المادية للملحقين القضائيين، أبرز مشروع المرسوم أن هؤلاء يستفيدون بموجب المرسوم رقم 2.75.174 الصادر في 8 أبريل 1975 بتحديد ترتيب درجات رجال القضاء وأرقامها الاستدلالية وأجور الملحقين القضائيين، كما وقع تغييره وتتميمه بالمرسوم رقم 2.19.472 الصادر في 26 يونيو 2019 من الأجرة المطابقة للرقم الاستدلالي 275 ومن تعويض جزافي مبلغه الشهري 3.657 درهما، أي ما مجموعه حوالي 4500 درهم، لكون الملحقين القضائيين هم قضاة المستقبل.