الخميس 19 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

حنان رحاب: هل إذا طالب أحد اليوم بإقالة الحكومة سننعته بالشعبوية؟

حنان رحاب: هل إذا طالب أحد اليوم بإقالة الحكومة سننعته بالشعبوية؟ حنان رحاب
أرى أن الحكومة اصلا مستقيلة فعليا، فهي حكومة منشغلة بفضائح اغلبيتها أكثر مما هي منشغلة بالمآسي سواء الطبيعية أو البشرية. 
فمثلا في أحداث الفنيدق، حيث العالم كله صوب كاميراته تجاه المغرب، وصحافيو العالم يبحثون عن المعلومة، لم يجدوا لا هم ولا الرأي العام اي توضيح أو أي موقف للحكومة، وهي التي يخرج بعض وزرائها لاستعراض العضلات البلاغية في وقائع عادية، أو يدخلون في سجالات عبارة عن بوليميك "خاوي"، في قضايا لا تثير اهتمامات المغاربة، لأنها تدخل في الصراعات الحزبية أو الشخصية أو المصلحية.

في الأحداث الأخيرة، المفروض أنه اشتغلت مصالح الداخلية والصحة والعدل والنقل والتواصل والعلاقات مع البرلمان، وغيرها من المصالح التابعة لوزارات، ولكن الحكومة والوزراء صامتون. رغم أن موظفيهم والقوات العمومية الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة وضع غير مسؤولين عنه بذلوا مجهودات كبيرة.

لم يخرج الناطق الرسمي باسم الحكومة ولا رئيسها لتوضيح ما يقع حين انتشرت الدعوات لاقتحام ثغر سبتة المحتلة،  وللتحذير من خطورة الاستجابة لتلك الدعوات، بل كان التفرج هو سيد الموقف، ثم الانتشاء في أكادير بإنجازات غير موجودة في الواقع، وبطريقة مستفزة للشعور الجمعي  خصوصا أن قرى الجنوب الشرقي والتي لا تبعد كثيرا عن أكادير كانت لم تلملم بعد جراحها بعد الفيضانات. 

لم تقم الحكومة بأي إجراءات وقائية، ولم تقم بأي مجهود تواصلي، حتى صورة اليوم التي تسيء للمغرب، لم تعمل سوى مصالح الداخلية والنيابة العامة على التوضيح، فيما الحكومة غارقة في الصمت ولكم حاجة قضيناها بتركها". 
لا يمكن طبعا أن نهرب من واقع أن استمرار معدلات الفقر، هي وقود للهجرة غير النظامية، وهو واقع اقرته تقارير المؤسسات الوطنية، وآخرها تقرير المندوبية السامية للتخطيط حول ارتفاع نسبة الفقر في السنتين الأخيرتين، ولكن الحكومة عوض الانكباب على معالجة الوضع، دفعت ب"صغارها" للتشكيك في معطيات مؤسسة وطنية بحجم المندوبية السامية للتخطيط. 

هذه الحكومة رفعت في تصريحها الحكومي سقف توقعات المغاربة، ولكن العكس هو الذي حدث، ولا يستقيم دائما الاختباء خلف خطاب أنها وجدت تراكمات من الحكومات السابقة، وكأنها كانت تجهل الوضع مع العلم أن مكونين منها كانا مشاركين في الحكومات السابقة. 

حكومة فشلت في محاربة الفساد، بل إن أغلب المتابعين من المنتخبين ينتمون لأغلبيتها. 
حكومة ساهمت في زيادة معدلات الفقر، وذلك بأرقام رسمية لا يمكن التشكيك فيها. 

بل إنها فشلت حتى في التعامل مع الفوضى الرقمية التي تشعرنا حين نلج لمواقع مثل التيكتوك وغيره  وكأننا في غابة  وكأن لا قانون في البلد، وكان الكل يفعل ما يحلو له، حتى وصل الأمر للافتخار بالإفلات من العقاب. 

سبق للملك أن اعترف بفشل النموذج التنموي السابق، وصارح شعبه بشجاعة، وفي الوقت نفسه عبر عن خيبة أمله من السياسيين، بل قال كيف نطلب من الشعب أن يثق في مدبري الشأن العام من المنتخبين، والملك لا يثق بهم. 

اليوم أغلب المؤسسات المنتخبة (الحكومة  البرلمان، مجالس الجهات والعمالات والأقاليم، الجماعات المحلية في المدن والعالم القروي) هي بيد الأغلبية الحكومية. 

واليوم عليها أن تتحمل مسؤوليتها في الفشل، لا أن تلجأ للصمت، أو إنكار الواقع، أو إخراج من يحاول أن يحول الانتباه بتوجيه السهام نحو الصحافة أو الأسر أو نظريات المؤامرة.