قبل أسبوع من الانتخابات الرئاسية في الجزائر، المزمع إجراؤها في 7 شتنبر 2024، تواصل السلطات الجزائرية حملتها الشرسة للاعتقالات والتضييق المكثف ضد المعارضين السياسيين والنشطاء.
وشهدت العديد من الولايات حملات اعتقال مكثفة، في انتهاك صارخ للحق في حرية التعبير والمشاركة السياسية.
في يوم الإثنين 26 غشت 2024، قامت عناصر الشرطة بإلقاء القبض على المعارض السياسي ونائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ علي بن حاج ونجله عبد الفتاح بن حاج، وتم وضعهما تحت الحراسة النظرية في مقر شرطة باب الزوار بالعاصمة الجزائر. وفي مساء الأربعاء 28 غشت 2024، تم تقديمهما أمام نيابة محكمة حسين داي، ثم إحالتهما إلى قاضي التحقيق الذي أمر بوضع علي بن حاج تحت الرقابة القضائية، بما في ذلك منعه من مغادرة عمارة مسكنه، والامتناع عن رؤية الأشخاص غير المقيمين معه إلا بإذن من قاضي التحقيق، ومنعه من إلقاء الخطب بأي شكل كان، سواء عبر وسائل الإعلام أو منصات التواصل الاجتماعي. وفي صباح السبت 31 غشت 2024، قامت قوات الأمن بمداهمة وتفتيش منزل علي بن حاج، ومصادرة كل الأجهزة الإلكترونية من هواتف وحواسيب.
كما تم اعتقال المعارض السياسي، المنسق الوطني لحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، فتحي غراس، يوم 27 غشت 2024 في منزله العائلي، وتم اقتياده إلى مركز الشرطة المركزي بالعاصمة. كما تم استدعاء زوجته مسعودة شبالة وتحرير محضر بحقها مع احتجاز هاتفها. مثلت أمام وكيل الجمهورية لمحكمة باينام بباب الواد في الجزائر العاصمة يوم الخميس 29 غشت 2024، والذي بدوره أحالها وزوجها إلى قاضي التحقيق، الذي أمر بوضع كل من فتحي غراس وزوجته مسعودة شبالة تحت الرقابة القضائية قيد التحقيق، مع إلزامهم بالإمضاء كل 15 يومًا، ومنعهم من النشر على شبكات التواصل الاجتماعي أو الإدلاء بآرائهم عبر وسائل الإعلام.
وُجهت لفتحي غراس تهمة الإساءة لرئيس الجمهورية، ونشر معلومات مغرضة من شأنها المساس بالنظام العام، ونشر خطاب الكراهية والتمييز، فيما اتُهمت زوجته مسعودة شبالة بالمشاركة في التهم الموجهة لزوجها.
وفي سياق متصل، تم اعتقال الناشط الحقوقي عبد الله بن نعوم يوم الأربعاء 28 غشت 2024 الساعة 7 مساءً أمام منزله في وادي أرهيو بولاية غليزان، باستخدام القوة من قبل عناصر الأمن الداخلي. في منتصف ليلة الأربعاء، وبعد 5 ساعات من اعتقاله، قامت قوات الشرطة وعناصر المخابرات بتفتيش منزله. نُقل يوم الخميس 29 غشت 2024 إلى مديرية الأمن الداخلي للمخابرات في وهران.
كما قام عناصر الشرطة باعتقال الناشط السياسي بوعلام بوديسة يوم الأربعاء 29 غشت 2024 من أمام محكمة حسين داي في الجزائر العاصمة، وما زال موقوفًا في انتظار مثوله أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة حسين داي.
في إطار حملة القمع المستمرة التي تشنها السلطات الجزائرية على وسائل الإعلام المستقلة داخل وخارج البلاد، تتعرض قناة المغاربية التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها لاستهداف شرس بهدف حجبها، وذلك بسبب الدور الحاسم الذي تلعبه في توفير معلومات موثوقة وشفافة حول الانتخابات الرئاسية المقررة في 7 شتنبر 2024، وبسبب فتح منبرها لتسليط الضوء على الواقع الجزائري بجوانبه السياسية والحقوقية والاجتماعية والاقتصادية، ولأنها منبر لكل الآراء بعد التضييق والقمع الممارس على حرية الرأي والتعبير في الجزائر وخنق كل الأصوات الناقدة.
وتأتي حملة التصعيد في وتيرة الاعتقالات والسجن والاستهداف بالتضييق والانتقام على خلفية ممارسة العديد من المعارضين السياسيين والنشطاء حقهم في التعبير عن مواقفهم من الانتخابات الرئاسية المقبلة، خاصة أولئك الداعين إلى مقاطعتها، في ظل سعي النظام لإظهار كثافة المشاركة بهدف الظهور بصورة أفضل أمام المراقبين الدوليين للوضع في الجزائر.
وتعتبر منظمة شعاع لحقوق الإنسان أن مناخ الترهيب والمضايقة للمعارضين والصحفيين باستخدام القضاء والأجهزة الأمنية لخدمة مصالح السلطة في الجزائر، وحرمان المواطنين من حقهم في المشاركة السياسية والحريات الأساسية، سيلقي بظلال قاتمة على الانتخابات الرئاسية المقبلة، كما أنه لا يوفر أدنى الشروط بأن تكون الانتخابات حرة وشفافة ونزيهة.
كما تدعو السلطات الجزائرية إلى ضمان أن يتمكن جميع الجزائريين من التعبير عن آرائهم دون خوف من الانتقام، وأن يتمكن الإعلام المستقل من التغطية بعيدًا عن الاعتداءات والتخويف.