الخميس 12 سبتمبر 2024
سياسة

الجيلالي العدناني: نهاية البداية.. نحو تفكيك الخطاب ومخيمات المحتجزين بتندوف (2)

الجيلالي العدناني: نهاية البداية.. نحو تفكيك الخطاب ومخيمات المحتجزين بتندوف (2) الجيلالي العدناني صاحب كتاب: "الصحراء على المحك: من أجل رؤية جديدة للقضايا الترابية"
في الحلقة الثانية من هذه السلسلة، يعود الأستاذ الجيلالي العدناني، بجامعة محمد الخامس بالرباط، وصاحب كتاب: "الصحراء على المحك: من أجل رؤية جديدة للقضايا الترابية"، إلى مفهوم اللاحدود، وكيف أن مشكلة الصحراء تختصر في كلمة واحدة، وهي انتقال المشروع الكولونيالي إلى مشروع وطني جزائري كما سيبينه من خلال هذا التحليل:

بعد اعتراف فرنسا بأن الطرح المغربي للحكم الذاتي ووجوب بقاء الصحراء الغربية تحت السيادة المغربية، تبين لنا على أن هذا الاعتراف ينبني على أسس تاريخية وجيوستراتيجية لا غبار عليها. 

 
لقد بينا منذ 2014 وهو تاريخ صدور كتابنا باللعة الفرنسية "الصحراء على محك الاستعمار، من أجل رؤية جديدة للقضايا الترابية"، أن أصول تسمية الصحراء الغربية التي أطلقت من الجزائر العاصمة وباريس على مجال جغرافي واحد يمتد من جنوب وهران إلى شمال مالي ومن وادي نون إلى نهر السنغال. الصحراء الغربية تسمية أطلقت من شرق المغرب لتنعت مجالا صحراويا كان في معظمه خاضعا للإمبراطورية الشريفة كما حددت حدودها وضمنتها معاهدات مدريد سنة 1880 والخزيرات (الجزيرة الخضراء) سنة 1906 والاتفاقية الفرنسية-الألمانية ل4 نونبر 1911 وكذا معاهدة الحماية 30 مارس 1912. لقد تناست فرنسا مبدأين أساسين في كل هذه الاتفاقيات والمعاهدات ويتعلق الأمر بمبدأ المحافظة على السلطة الشرعية للسلطان وللأسرة العلوية الحاكمة. أما المبدأ الثاني فيهم المحافظة على الوحدة الترابية للإمبراطورية الشريفة.
 
الصورة التي يجب أن يتبناها المغاربيون والغربيون على حد سواء، وهو أن وجود امبراطورية مغربية زمن الاحتلال شكل هوسا وعقدة لضباط فرنسا المتشبعين بفكر الأنوار وبفكرة إنشاء المستعمرات على أنقاض الفوضى والخلاء والفراغ. لكن نكران وجود الامبراطورية المغربية ستخونه الأرشيفات السرية التي أكدت على وجودها، بل وعلى اعتماد نظامها المخزني مباشرة بعد احتلالها. لقد أعادت فرنسا كما إسبانيا استعمال الجهاز والموروث السياسي المغربي في الوقت الذي ستعتمد فيه الأمم المتحدة سنة 1974 مبدأ الأرض الخلاء Terra Nullius ومطالبة المغرب بتقديم شهادات تؤكد السيادة. السؤال الذي كان على الأمم المتحدة طرحه وهو كيف تمكنت فرنسا واسبانيا من حكم المناطق الصحراوية؟ وهو ما أجبنا عنه في كتابنا الذي ستصدر منه الطبعة الخامسة قريبا في انتظار الترجمات التي تسهر عليه مشكورة أكاديمية المملكة. 
 
لماذا أخلت فرنسا بالمبدأين في مناسبات عديدة، وخاصة ما يهم الوحدة الترابية التي تضمنها الولايات المتحدة وروسيا وإيطاليا وباقي القوى الأوربية منذ 1880 ولماذا لا تعتبر الأمم المتحدة هذا الأمر باعتباره تحصيل حاصل وكون الأمر لا يهم مبدأ المرور من استعمار إلى تصفية استعمار؟
 
صورة موجهة للضباط الفرنسيين للتمييز بين القائد المغربي والباشا غا الجزائري  في المناطق التي اقتطعت من المغرب

المغرب بحسب الاعتراف الدولي الحالي هو استعادة لوضعية سابقة على احتلاله الرسمي سنة 1912. لقد قامت فرنسا بانتهاك مبدأ الوحدة الترابية قبل احتلاله رسميا أي باقتطاعات ترابية ما بين 1845 و1890 ثم ما بين 1900 بعد احتلال توات وتندوف وبشار فيما بين 1910 و1933. 
 
وحتى يتسنى لفرنسا اقتطاع المزيد من المناطق الصحراوية فقد سمت المنطقة بقيادة التخوم المغربية-الجزائرية وبعدها سمتها بقيادة التخوم المغربية-الجزائري-الموريتانية وجعلت من مدينة أكادير مركزا عسكريا وإداريا لتسيير هده المناطق أي تحت سلطة المغرب. فلماذا سميت هذه المناطق بالتخوم؟ لقد سبق وأن نبهنا إلى المسألة عبر تناول مبدأ سابق حول مفهوم "اللاحدود" أي أن فرنسا تعلق مجال جغرافي من الناحية إلى أن يتم ضمه نهائيا إلى المستعمرة الجزائر وهو المبدأ الذي اعتمد منذ 1845 ليضم مناطق أبي سمغون و مشيرية التي شهدت ولادة الرئيس الجزائري الحالي عبد المجيد تبون. 
 
ويكفي الرجوع إلى الأدبيات التجانية وكتابات محمد بن المشري أي ابن مشيرية الذي كان يشير في كتابه "الجامع لما افترق من علوم شيخنا أحمد التجاني" بعد كل عودة إلى مشرية بعد سفر إلى تونس أو بسكرة أو الأغواط "ودخلنا إلى مغربنا" (أنظر كتابنا حول أصول الطريقة التيجانية، منشورات مرسم 2007 وكلية الآداب بالرباط 2016). 
 

 
ألم ينتقل الشيخ أحمد التجاني من مشيرية وأبي سمغون نحو وجدة تم فاس فارا من بطش الأتراك وهجوماتهم على مدن الأغواط وعين ماضي؟ ألم يحسم الأمير عبد القادر في أصول التجاني والتجانية المغربية منذ سنة1839 كما بيناه حول أصول الطريقة التيجانية؟ وفوق هذا وذاك ألم يرفض السلطان مولاي عبد الرحمان التوقيع على النصوص الأولى لمعاهدة لالة مغنية، مطالبا بكل هذه المدن ومنها قصور وقبائل الساورة وتابلبالة كما تبين بنود المعاهدة التي وقعت تحت التهديد والقصف المدفعي لمدن طنجة والصويرة ؟ 

 
ألم يكن الغرب الجزائري كما شرقه وكل دول شمال إفريقيا خاضعة للتأثيرات الصوفية المغربية كما بين ذلك كتاب الطرق الصوفية الإسلامية الذي ألفه كوبولاني ودبون (Xavier Coppolani et Octave Depont) بأمر من حاكم الجزائر العام جول كامبون Jules Cambonالذي رسم كل حدود المغرب باتفاق مع اسبانيا وذلك قبا توقيع معاهدة الحماية سنة 1912. 
 
ألم يرحل كوبولاني نحو الصحراء لخلق حماية موريتانيا التي ستتحول من نظام حماية إلى مستعمرة سنة 1920 وهو الأمر الذي لم ينل اهتمام الباحثين أو الدبلوماسيين.
 
لقد سابقت فرنسا الزمن لتخل بمبدأ الوحدة الترابية قبيل 1912 معتبرة أن الصحاري أرض خلاء وأنها لم تكن تخضع لسلطة السلطان المغربي وهو ما تكذبه الأرشيفات السرية الفرنسية أو الإسبانية التي اعتمدت النظام السلطاني والمخزني عبر إعادة تعيين نفس القواد والباشوات والأسر المخزنية أو الزعامات الدينية. أما من الناحية القانونية فإن فرنسا التي كانت تعي بأنها مسؤولة عن الوحدة الترابية للمغرب فقد سمت المناطق الممنوحة لإسبانيا بمناطق نفوذ وليس مناطق حماية وهو الأمر الذي ينطبق على منطقتي وادي نون وعاصمته كلميم ومنطقة الساقية الحمراء وعاصمته السمارة، لأن العيون لم تكن قد تأسست بعد. فالمنطقة الوحيدة التي اعتبرتها مستعمرة وهي منطقة وادي الذهب التي وصفت كذلك اعتمادا على توقيعات شيوخ قبائل لا ينتمون للمنطقة أحيانا. 
 
فلماذا تعمدت فرنسا تسميات منطقة النفوذ في المعاهدات الرسمية، ثم ما لبثت تسمي كل المنطقة (أي وادي نون والساقية الحمراء ووادي الذهب) بتسمية وادي الذهب تارة أو الصحراء الإسبانية تارة أخرى، وذلك منذ 1903 وإلى حدود نشوب الحرب العالمية الثانية؟ بل ولماذا حذفت فرنسا قيادة التخوم بأكادير سنة 1955 أي قبيل استقلال المغرب بأشهر؟ الجواب ببساطة وهو أن اللوبي الكولونيالي كان يكره أن تتجسد أمام أعينه خريطة الإمبراطورية الشريفة التي تشكل مرآة حقيقية تعكس مراحل تطور امبراطورية الجزائر التي ضمت أراضي شاسعة من المغرب. وهي الحقيقة التي لاتريد الجزائر أن ترسم صورتها في مخيال الدول المعترفة أو التي ستعترف مستقبلا بالسيادة على أقاليمه الجنوبية. 
 
إن مشكلة الصحراء تختصر في كلمة واحدة وهي انتقال المشروع الكولونيالي إلى مشروع وطني جزائري كما سنبينه. فكيف تم تمرير أو تبني المشروع الكولونيالي من طرف الجزائر تحث مسميات حركة التحرر وتصفية الاستعمار بعد سنة 1972 على اعتبار أن الجزائر التي كانت تعتبر "مكة الثوار" بعد استقلالها لم تتوان لحظة في رفض استقلال قبائل رحل كما شدد على ذلك ممثلها بأديس أبابا ونيويورك سنة 1966؟ لقد مضت ست سنوات لتكتشف الجزائر وجود "شعب" جل قبائله لها نظير في شمال المملكة وهي ظاهرة اجتماعية وسياسية لا توجد في مجموع دول شمال إفريقيا. 
 
لقد اكتشفت الجزائر عبر أحد أعضاء جبهة التحرير لما ناقش أطروحته حول الجزائر سنة 1961 وهو محمد بجاوي، وجود إمكانية ربط القضية الجزائرية بالقضية الفلسطينية من أجل حشد الدعم الدولي قبل أن يقترح نفس الرجل إمكانية توظيف مبدأ المحافظة على الحدود الموروثة عن الاستعمار بعد حرب الرمال سنة1963 وفي سياق خلق منظمة الوحدة الإفريقية في نفس السنة. هكذا تم عقد قران بداية الاستعمار ونهايته مع بداية الدولة الوطنية التي تخلد ذكرى الموروث الاستعماري بعدد الشهداء الذين سقطوا في شمال الجزائر من دون جنوبها الذي لم يتحرك وفق تحركات عبد القادر المالي وهو لقب المرحوم عبد العزيز بوتفليقة الذي سافر إلى مالي من دون جدوى. فوجود علاقات بين الشمال والجنوب هو ما تظهره المقاومة الصحراوية المغربية فيما بين 1900 و1935. فما العلاقة بين تحجر التاريخ السياسي الجزائري منذ 1962 وبين جمود الموقف الجزائري من الوحدة الترابية للمغرب؟ هل هي "حجرة" الرئيس بومدين التي تفادت الدبلوماسية المغربية وضعها في الحذاء الجزائري؟ 
 
لقد انتقل محمد بجاوي إلى إيجاد الرابط الوهمي وهو يزاول مهماته كممثل للجزائر بالأمم المتحدة عبر الربط بين "الشعب الصحراوي" والشعب الفلسطيني قبل أن تلاحقه فضائح اختلاسات أموال من شركة سوناطراك وسرقات علمية اتهمه بها أكاديميون فرنسيون، خاصة وأن محمد بجاوي هو رئيس سابق لمحكمة العدل الدولية ووزير خارجية الجزائر. فكيف تمكن من تمرير كل هده المغالطات؟ وكيف استطاعت الجزائر من خلق محتجزين لترسم لهم خريطة مخيمات تحمل أسماء أماكن جغرافية وتطغى عليها النعرة القبلية التي حاربها الهواري بومدين بالجزائر بينما أججها واعتمدها في تدبير وهم دولة القبيلة. 
 
فما الذي ورثثه الجزائر ومعها البوليزاريو من ما يسمونه بالصحراء الغربية أو الصحراء الاسبانية ؟ 
لقد تبنوا نفس خط طرفاية الذي رسمه جول كامبون فبل 1897 حتى لا يطالب المغرب بتوات جنوبا أو بتندوف التي لم تحتلها فرنسا سوى سنة 1933. لقد ورثت الجزائر مفهوم الصحراء الغربية أو وادي الذهب التي أقرت فرنسا على ضرورة استرجاعها من اسبانيا وضمها إلى الجزائر منذ سنة 1903 وظلت تفاوض من أجل ذلك إلى حدود بداية الحرب العالمية الثانية كما سبقت الإشارة إلى ذلك. ذلك أن صناعة المستعمرة كانت تقلل من إنجازاته وجود الإمبراطورية الشريفة. 

 
لقد ورث فكر الانفصال مبدأ المستعمر الذي يميز بين العرب والأمازيغ أو بين المستقرين والرحل تارة أو بين بلاد السيبة وبلاد المخزن تارة أخرى حتى يرسمون حدودا بين وادي نون والساقية الحمراء أو لضم مناطق الساورة و تدكلت وتوات باعتبارها مناطق سائبة حسب اتفاقيات 1901 و 1902 الجائرة والتي كانت تعطي للمغرب حدودا مع أفريقيا الغربية دافع عنها بحماس المقيم العام ليوطي (أنظر الوثيقة). 
 
الموروث الاستعماري الجزائري سيتم تمريره في اتجاه الأبجديات الأممية التي لم تستفق إلا بعد فشل تنظيم الاستفتاء الذي بني على وهم وجود شعب صحراوي ليتبين للمبعوث الأممي  بيتر فالسوم Peter Van Walsumعلى أنه لا شيء يميز شمال المغرب عن جنوبه ومن تم استحالة تنظيم الاستفتاء بل وحتى استقلال المنطقة.  مع أن هذا الأخير لم يكن يعرف بأن قبائل الصحراء المتواجدة شمالا وجنوبا شكلت لقرون مخزونا عاما للجيش المخزني و السلطاني كما هو حال الشراردة وتكنة والأودايا والرحامنة وزرارة والركيبات. 
 
فكيف لنا أن نفكك خطابا يتبين للعيان أن إعادة تدوير للمقولات الكولونيالية حيت أننا بينا أن مشروع الانفصال الذي تبنته فرنسا سنة 1958 من أجل خلق كيان سياسي Parechoc يمكن فرنسا من حماية منجم حديد الزويرات أمام تزايد أعمال المقاومة قبل أن تتنازل عنه قبيل سنة 1962 مخافة ضرب المصالح المشتركة بين المغرب وفرنسا. 
 
ولما كان للبوليزاريو مثقفون يؤازرونهم سواء من فرنسا كما هو حال صوفي كاراتيني أو الموريتاني أحمد بابا مسكي لأن مقاربتهم القانونية أصيبت بالتحجر والجمود الذي رسمت حدوده الجزائر وركزته في مبدأ الانفصال والاستقلال لتنعدم أية إمكانية للتفاوض أو حتى للتسلية عبر لعبة الشطرنج. 
 
هؤلاء المتقفون لم يتجاوزوا مرحلة استيعاب فكر الانفصال المجالي و القبلي الذي رسمه بول مارتي Paul Marty عبر كتاباته التي ميزت بين البيضان والسودان أي بين موريتانيا والسنغال قبل أن تميز بين البيضان والأمازيغ المغاربة. لينتقل إلى العمل بعد ذلك في المغرب كمدير على رأس ثانوية مولاي إدريس بفاس تم مديرية التربية وهو الشخص الذي كان يحتاط منه كثيرا الجنرال ليوطي وكذا الجنرال سيمون اللذان كانا يذكران فرنسا وإلى حدود 1924 بضرورة العودة للمواثيق الدولية واحترام الوحدة الترابية للإمبراطورية الشريفة قبل أن يقال ليوطي ويستمر الجنرال سيمون في مواجهة الطرح الانفصالي الذي سيجسده بول مارتي Pau Marty عبر مساهمته الرئيسة في إصدار ما يسمى بالظهير البربري ل 16 ماي سنة 1930 وبعده بأسبوعين عبر عقد مؤتمر علمي بمعهد الدراسات العليا المغربية لينفت روبير مونطاني سمومه حول وجود خط فاصل سوسيولوجي يتوافق مع الخط الحدودي الذي وضعه المستعمر. وهو العمل الذي يمكن الرجوع إليه وإعادة تأويل أعماله وأهدافه من هده الزاوية إن كانت توافق المنظور الأكاديمي. 
 
أما الباحثة الفرنسية صوفي كاراتيني التي كتبت بهوس كبير حول موضع القبيلة و القضية الصحراوية، فإن مسارها يشبه مسار أي محتجز في مخيمات تندوف. لقد تحدثت الباحثة الفرنسية  في روايتها "بنت الصياد" كيف انتقلت في مغامراتها الأولى من مطار نواكشوط في اتجاه مخيمات الاحتجاز من دون أن تقف على إشكالية العلاقة بين جنوب و شمال المغرب. وستذهب الباحثة بعيدا حين تسربت أوهام الانفصال إلى نوايا البحث الأكاديمي وبدأت تتحدث عن مقاومة "الشعب الصحراوي" بقيادة أحمد الهيبة الذي توفي بالصحراء الغربية وتحديدا بمنطقة كردوس التي توجد بمنطقة سوس كما جاء على لسانها بحيث يتبين أن المتخصصة في القضايا الصحراوية لا تميز بين سوس والصحراء الغربية. ويتبين بأن أوليات البحث الأنثربولوجي والسياسي لا تراعي أبجديات المعرفة الجغرافية بالرغم من أن الباحثة أكدت الدور الذي لعبه السلطان مولاي عبد العزيز ومنحه لأموال طائلة بغرض بناء قصبة وادي السمارة وهي مدينة السمارة الحالية. إنها متعة البحث الأنثربولوجي الذي لا يميز بين الوقائع الاجتماعية في شمال وجنوب المغرب، كما حصل مع تبني فكرة مؤسسة آيت الأربعين التي تبنتها البوليزاريو كدليل على أن هذه المؤسسة السياسية والقانونية تميزه عن المغرب. وبعد بحث في الموضوع شارك فيه طلبتنا بجامعة ابن زهر بأكادير، كلية الآداب والعلوم الإنسانية تبين بأن مؤسسة آيت الأربعين تمتد من الصحراء وإلى حدود الأطلس المتوسط. ولم يعد للمؤسسة ذكر في أدبيات البوليزاريو لأن هذه الموجة القانونية التي أريد ركوبها اصطدمت على صخرة الموروث الأمازيغي المغربي وأبانت عن أن الانفصال هو في الأصل تخبط بين الهوية العربية والأمازيغية. وكلنا عرب واشلوح مولانا وهذا هو الباب الآمن لتحقيق الوحدة وهي الوحدة التي عبر عنها مغاربة وجزائريون مباشرة بعد نفي السلطان محمد بن يوسف في 20 غشت من سنة 1953. أسألوا التجاني الجزائري بن عمر الذي غادر الرباط غاضبا من تنحية السلطان محمد بن يوسف ويطلق شرارة المقاومة في منطقة الأغواط وعين ماضي وهي من أجمل صفحات المقاومة التي ستبدأ بين البلدين الجارين. بل أسألوا من أطلقوا شرارة حرب التحرير الجزائرية وعلاقة ذلك بمنفى السلطان محمد بن يوسف الذي لم يتخلى عن القضية الجزائرية ولو كلفه ذلك استرجاع أراضي مغربية عبر مفاوضات أرادتها فرنسا بداية لتعاون اقتصادي في إطار التنظيم الموحد للأقاليم الصحراوية .OCRS 
 
 أي تصنيف للمواقف التحررية للسلطان والملك محمد الخامس والمواقف التي تبنت وللأسف مبدأ المحافظة على الحدود الموروثة عن الاستعمار وهي التي لم تعد تخفي التشوف إلى مشاريع استعمارية جديدة في اتجاه المغرب ومالي وليبيا والنيجر. 
في الحلقة القادمة: اقتفاء أثر المحتجزين من خلال الشهادات والأرقام