الخميس 12 سبتمبر 2024
سياسة

أريري: الحسيمة وزاكورة.. مجال ترابي سيادي محفوظ، رجاء لا تدنسوهما !

أريري: الحسيمة وزاكورة.. مجال ترابي سيادي محفوظ، رجاء لا تدنسوهما ! مشهدان من مدينتي الحسيمة وزاكورة
بتاريخ 29 يوليوز 2010 نشرت افتتاحية بأسبوعية "الوطن الآن"، افتتاحية أنبه فيها إلى وجوب التعامل مع الحسيمة وزاكورة بشبكة مرجعية خاصة، بالنظر إلى خصوصية المنطقتين في تاريخ سنوات الرصاص التي عرفها المغرب.
وحذرت في نفس الوقت من كون عدم التدخل الاستباقي وعدم استحضار بروفيل خاص لدى تعيين مختلف المسؤولين بكافة الأجهزة العمومية بهاتين المدينتين قد تكون له كلفة سياسية واجتماعية باهضة. وهاهي الأحداث الجارية الآن تزكي ما ذهبت إليه.
" أنفاس بريس" تعيد نشر هاته الورقة عسى أن تتعظ الحكومة ونخبها البرلمانية والحزبية..
 

"رغم أن المغرب يتوفر على أزيد من 200 مدينة. فإن الحظوة الملكية ركزت أكثر على مدينتين اثنتين وهما: مدينة الحسيمة ومدينة زاكورة. وحينما نقول الحظوة فإن المقصود هو ذاك التمييز الإيجابي، الذي يروم سد الفجوة وردم الهوة.
 
فرغم روعة مناظر زاكورة، فالدولة حولت هذه المنطقة منذ البدايات الأولى للاستقلال لطمر البشر المعارض للسياسة الرسمية. فكان ذلك القرار القاضي بتحويل زاكورة في عهد سنوات الرصاص إلى إقليم حاضن للسجون السرية والمعتقلات الرهيبة: "أكدز، تاكونيت، لمحاميد"، بدل أن تتحول إلى قطب جذب للسياحة الوطنية والأجنبية للاستمتاع بواحات درعة الممتدة من دادس إلى أسرير.
 
ورغم جمال الحسيمة وافتتان المرء بساحلها وأجرافها، فقد كانت هي الأخرى مدينة منبوذة من طرف الدولة لرمزيتها كعاصمة للريف المتمرد. وبدل أن تتحول غابات الريف وسواحل الحسيمة إلى ملاذ آمن للمغاربة، تم بناء جدار أمني عازل بين الريف وباقي التراب الوطني. 
 
وكان علينا انتظار خريف 1999 لنعاين الصحوة الرسمية للمصالحة مع المجالات الواحية بدرعة من جهة، والمصالحة مع المجالات الريفية من جهة ثانية عبر هدم السجون السرية أو تحويلها إلى متاحف وعبر رد الاعتبار لرموز المقاومة الريفية. 
 
هذه الصحوة ستثمر سابقة إيجابية في الأدبيات السياسية عامي 2004 و 2005، حينما ترأس الملك محمد السادس يوم 25 فبراير 2004 حفلا كبيرا لإعداد مخطط تنموي مندمج لتأهيل إقليم الحسيمة وإعمار الريف. وأيضا لدى ترؤسه بزاكورة يوم 4 فبراير 2005 حفلا لتوقيع اتفاقية استراتيجية تنمية ورزازات وزاكورة (210 مليار سنتيم).
 
من هنا نفهم  لماذا يعتبر الإخلال بالواجب من طرف مسؤولي الإدارات العمومية بإقليمي الحسيمة وزاكورة مقرونا بظروف التشديد.

فالمسؤول المعين في أي إقليم بالمغرب إذا كان يفترض فيه  تمثل توجهات عقل الدولة واستقراء عمق انتظاراتها، إلا أن المسؤول المعين في منطقة الريف ودرعة مفروض فيه أن يستحضر الدلالات والرمزيات أيضا تحت طائلة أن تكون عقوبته أشد.
 
فمن أصل المدن الثلاثمائة بالمغرب الموزعة على 71 عمالة وإقليم(ملحوظة:  المغرب يضم حاليا 83 عمالة وإقليم)، لم تدخل للقاموس السياسي سوى مدينتين كما قلنا (الحسيمة وزاكورة)، حيث تم تخصيصهما ببلاغ رسمي تم اختيار لغته وألفاظه بعناية؛ "مخطط تنموي، استراتيجية تنمية"، في حين كانت المجالات الترابية الأخرى تدرج كأحواض جهوية، وليس كمدن في حد ذاتها. 
 
فمن أصل سبع اجتماعات كبرى ترأسها الملك محمد السادس لتنمية المجالات الترابية نجد أن اجتماعين ظفرت بهما الحسيمة وزاكورة، بينما الاجتماعات الخمسة الأخرى خصصت لكل من جهة تطوان – طنجة (8 يوليوز 2002)، والجهة الشرقية (18 مارس 2003)، وجهة سوس (15 يناير 2005)، وجهة مكناس تافيلالت (25 شتنبر 2005)، ثم جهة الدارالبيضاء الكبرى (21 أكتوبر2008). تضاف لها الأقاليم الجنوبية التي أفرد لها خطاب ملكي خاص (خطاب العيون 6 مارس 2002)، وما تلاه من رصد غلاف قارب 720 مليار سنتيم للفترة 2004-2008. (نستثني هنا الاجتماعات القطاعية العديدة حول مختلف المدن التي ترأسها الملك).
 
فإذا كان مطلوبا في البنايات بالحسيمة أن تتوفر على الضوابط المضادة للزلازل، فالمفروض في كل مسؤول بهذا الإقليم أن تتوفر فيه ضوابط مضادة لزلازل الإخلال بالمسؤولية. وإذا كان المغرب قد أحدث وكالة خاصة بالواحات في الجنوب لمقاومة زحف الرمال والتصحر فالمفروض في المسؤولين المعينين بزاكورة أن يقاوموا زحف الخمول وصحراء الكسل، وإلا فإن العاقبة ستكون وخيمة، وقد أعذر من أنذر !