للمرة الرابعة، وفي أقل من 34 شهرا، أقدمت الجزائر، اليوم 30 يوليوز 2024، على سحب سفيرها في باريس، سعيد موسى، بأثر فوري عقب إقدام الحكومة الفرنسية على الاعتراف بالمخطط المغربي للحكم الذاتي كأساس وحيد لحل نزاع الصحراء، أي بمعدل سحب للسفير الجزائري من باريس كل تسعة أشهر !
وكانت حكومة تبون وشنقريحة قد أعلنت سحب سفيرها في فرنسا، في أكتوبر 2021، بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي انتقدت النظام السياسي الجزائري وشككت في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي.
وعادت الجزائر مرة أخرى، في فبراير 2023، لإعلان سحب السفير، بعد رفض باريس تسليم ناشطة سياسية جزائرية، وهو أمر فسرته الجزائر أنه دليل على التدخل في شؤونها الداخلية.
وتحرك العسكر الجزائري للمرة الثالثة، في يوليوز 2023، لإشهار ورقة سحب السفير، بعد مزاعم حول إبعاد مواطن جزائري من فرنسا بطرق غير قانونية، مما زاد التوتر بين البلدين.
يؤكد إقدام الجزائر على إخراج ورقة سحب السفير، الذي تحرك كثيرا، في الآونة الأخيرة، على معطى أساس، وهو أنها دولة الابتزاز السياسي بامتياز، إذ كلما تلقت هزيمة ديبلوماسية قاسية على يد الرباط، سارعت إلى الدخول في موجة من الانفعال، لا تليق بدولة، واتهمت دول ذات سيادة بانتهاك الشرعية الدولية، وأنها تسير عكس"الجهود الحثيثة والدؤوبة التي تبذلها الأمم المتحدة"، وأنها "تتنصل من المسؤوليات الخاصة التي تترتب عن عضويتها الدائمة بمجلس الأمن الأممي".
وينسى العسكر الجزائري أن يصرخ في وجه الأمم المتحدة أنه ليس طرفا في النزاع، بينما تؤكد الوقائع بالحجة والبرهان أن البوليساريو ما هي إلا ورقة تآمرية لمعاكسة الوحدة الترابية للمغرب، مثلما يؤكد اعتراف باريس بمغربية الصحراء أن آخر ورقة تتستر بها السردية التوسعية للجزائر أصبحت في خبر كان.
ويضيف بعض المراقبين بأن سحب السفير الجزائري من باريس ما هو إلا فركلة المذبوح من الوريد إلى الوريد. وقالوا متسائلين:" لماذا لم يسحب الجزائريون سفيرهم في واشنطن عندما اعترفت أمريكا بشكل صريح وواضح بمغربية الصحراء، وهي عضو دائم العضوية في مجلس الأمن؟ ما الفرق بين واشنطن وباريس أو مدريد؟"