الجمعة 17 مايو 2024
ضيف

أنس العاقل: هدفنا جعل المتلقي يحس بدهشة الطفل وحكمة الجد

 
 
أنس العاقل: هدفنا جعل المتلقي يحس بدهشة الطفل وحكمة الجد

أنس العاقل، مؤلف وممثل ابن مدينة شفشاون، من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط. هو من الفنانين المغاربة القلائل الذين يجمعون بين التمثيل والتأليف والاشتغال على البحث الأكاديمي في الدراماتورجيا. غالبا ما يتحدث في اللقاءات الصحفية عن ما يمكن تسميته بـ "مكامن الخلل في الصناعة الدرامية الوطنية، وأسباب تخييبها لانتظارات الجمهور المغربي". ألف مؤخرا مسرحية فردية بعنوان "ماروك now ". تكلف بإخراجها الفنان والبرلماني "ياسين أحجام"، ويقوم بتشخيصها الممثل الكوميدي الشاب "بوبكر أحموش" الملقب بـ "بوب القلب". من المنتظر أن يتم تقديم العرض الأولي للمسرحية بقاعة "لافول" بالدار البيضاء يوم 18 أكتوبر 2014. "أنفاس بريس" التقت أنس العاقل وأجرت معه هذا الحوار.

- لماذا عنوان "ماروك now"؟ ولماذا دمج اللغة العربية على مستوى كتابة الحروف في كلمة Maroc لتصبح ماروك وجمعها بـ Now بالإنجليزية التي تعني الآن؟

+ عنوان ماروكNow  دلالة على راهنية الوقائع التي نعرضها، وهو يعبر في الوقت نفسه عن الهجنة الثقافية واللغوية التي نعيش فيها، حيث تتداخل الدارجة مع الفرنسية، فنكتب الاسم الفرنسي بحروف عربية. أماNow  بصيغتها الإنجليزية فتحيل على القيم الاستهلاكية التي تسوقها العولمة والتي ترتهن لمنطق "الآن" كما "الفاست فود" (يعني الأكلة السريعة باللغة الإنجليزية). إننا نأخذ من الحداثة الغربية ما تنتجه من بضائع ومنتوجات لكننا نرفض في الوقت ذاته القيم التي تقوم على أساسها هذه الحداثة. وهذه هي المفارقة الأساسية التي يقوم عليها العرض.

- ما هو ملخص مسرحية "ماروك now

+ يدور العرض حول قصص متفرقة لشخصيات مختلفة من المجتمع المغربي، القاسم المشترك بينها أنها كلها تنتمي للطبقة المتوسطة. فكما نعلم فإن تقدم الأمم يتعلق أساسا بمستوى الوعي لدى هذه الطبقة. لذلك، أردنا أن نضعها تحت المجهر انطلاقا من نماذج مختلفة، فهناك المحافظ، الثوري، البراغماتي، الليبيرالي، والفنان. "ماروك Now" فرجة ساخرة ترصد التمثلات الاجتماعية حول مفهوم النجاح بالمغرب.

- ما هي الموضوعة الرئيسية التي تتمركز عليها المسرحية؟

+ يقوم العرض على أساس أن كل شخصية تعرض فصلا من حياتها على الجمهور. إننا لا نريد أن نطلق الأحكام، لأن كل شخصية نعرضها تنفلت من كل الأحكام التي يمكن أن نصدرها عليها، فكل منا يحمل بداخله نصيبا منها، لذلك تترك للمتلقي مهمة الحكم، لكننا نطلب منه أن يفهمها جيدا قبل الحكم عليها، لأننا لا نستطيع الحكم على شيء دون أن نفهمه، أما عندما نفهم فإننا نتوقف عن إطلاق اﻷحكام.

- من خلال طرح موضوع يقارب ظاهرة إطلاق الأحكام على الآخرين المنتشرة في المجتمع. ما الهدف الأسمى للمسرحية؟

+ نهدف من خلال العرض إلى خلق صراع معرفي داخل وعي المتلقي، إذ نعرض عليه مفارقات هي نتيجة منطقية لمنطلقات تواضع المجتمع على صحتها، بحيث أن كل متفرج عندما يضع نفسه في مكان الشخصية سيجد أنها تصرفت بطريقة صحيحة انطلاقا من مسارها، لكنه قد يتخذ منها موقفا بالسلب أو الإيجاب، وقد يرفضها ويتقبلها في نفس الوقت. إننا نحاول أن نعرض الطبيعة المختلطة للمجتمع المغربي والتي جعلت منه مجتمعا مركبا بتعبير بول باسكون.

- إلى أي نوع أو مدرسة تنتمي مسرحية "ماروك ناو"؟

+ يمزج العرض بين كوميديا الطبائع والكوميديا السوداء. فنحن نسخر من مخاوفنا كي نتخلص منها، ونسخر من غبائنا كي نرى أنفسنا في حجمها الطبيعي، كما نسخر من كل ما يبدو لنا عظيما وجليلا كي نستطيع أن نراه من اﻷعلى وتبدو لنا أبعاده الحقيقية. ويتطلب العرض مشاركة المتلقي كي يكمل بذكائه ويربط بين المفارقات المعروضة أمامه... لذلك يمكننا أن نعرض فرجة "ماروكNow" على نفس المتلقي أكثر من مرة فيخرج بقراءة مغايرة في كل مرة.

- كيف تتوقع تجاوب الجمهور مع هذا النوع من المسرح؟

+ شخصيا، لا أعرف كيف سيتجاوب الجمهور مع هذا العرض، خصوصا أن بعض الشخصيات التي نعرضها تتطلب بعض المعرفة بالتحولات الاجتماعية التي وقعت في المغرب منذ السبعينيات إلى الآن. إن الأمر متعلق بطبيعة الجمهور الذي سيحضر، والذي يلزمه أن يكون متيقظا كي يستطيع ملء البياضات بين سطور النص. إننا نطمح إلى إنتاج تسلية تتسلل من خلالها معرفتنا، ونهدف إلى جعل المتلقي يحس بدهشة الطفل وحكمة الجد في نفس الوقت.