الأحد 8 سبتمبر 2024
خارج الحدود

البرازيل تتهم إيران وحزب الله بالاتجار في أطفال الأمازون

البرازيل تتهم إيران وحزب الله بالاتجار في أطفال الأمازون نقل الأطفال أبناء السكان الأصليين في مناطق الأمازون إلى المدارس الإيرانية بتركيا
قطعت إيران، منذ انقضاض "المعممين" على الحكم في العام 1979، عهدا على نفسها بتصدير "ثورتها الإسلامية" إلى الخارج، ونشر أفكارها الإيديولوجية في كل الجهات. ولم تتوان طهران في استعمال كل أذرعها في إفريقيا والبلدان العربية والإسلامية وأوروبا وأمريكا اللاتينية، من أجل خلق دائرة تأثير بعيدة المدى، من أجل استعادة المجد الفارسي الضائع.
 
وإذا كان المخطط الشيعي قد نجح إلى حد بعيد في التمكين لحكومة طهران في بعض البلدان العربية، وإفريقيا، بل حتى في شمال إفريقيا، بدعم من "كابرانات الجزائر" و"ميليشيات البوليساريو"، فإن دول أمريكا اللاتينية تأتي على رأس البلدان التي نجحت إيران نسبيا في التوغل فيها. حيث تشهد بلدان، مثل البرازيل والأرجنتين والباراغواي، حضورا كبيرا للعملاء الإيرانيين الذين وجدوا موطء قدم لهم بين السكان، فتغلغلوا عميقا بين ظهرانيهم، باستعمال المال والركوب على العمل الخيري والاجتماعي. 
 
وليس أدل على ذلك ما حدث في الأسابيع القليلة الماضية، من تجميع لبعض الأطفال من منطقة الأمازون في مدرسة تعليمية تابعة لإيران، ثم نقلهم إلى مدارس أخرى في تركيا بالهوية نفسها، من أجل تلقينهم العقيدة الإيرانية والمذهب الشيعي على وجه التحديد.
 
وأوضحت بعض الصحف البرازيلية (لارانخييراس نيوز، أوندا ديخيتال، أو كونفيرخينتي، كوف. بر، أمازوناس، ميتروبليس..إلخ)، أن حزب الله القابع في لبنان، هو الذي يتولى تنفيذ خطط نقل الأطفال من البرازيل إلى تركيا، مشيرة إلى أنه يركز نشاطه على مناطق الأمازون البرازيلية منذ عام 2019.
 
وكشفت الصحف البرازيلية نفسها أن عناصر حزب الله تعتمد في تنفيذ خطتها على الاختباء وراء ما يعرف بالشبكة الإسلامية الموجودة في البرازيل، إذ تستفيد من ضعف القوانين البرازيلية، في التصدي لبعض الأنشطة الدعوية المشبوهة، مما يمكن عناصر الحزب من تجنيد الأطفال بكل سهولة.
 
وأفادت المصادر في الشرطة الفيديرالية البرازيلية أنه تم بالفعل رصد عمليات لنقل الأطفال أبناء السكان الأصليين، في مناطق الأمازون إلى المدارس الإيرانية بتركيا، بغرض تلقينهم العقيدة الإيرانية، مما يسمح بإنشاء مجتمع شيعي تابع لإيران في هذه المنطقة البكر، البعيدة إلى حد ما عن قبضة الدولة المركزية في البرازيل، مثلما هو الحال في مثلث الحدود الساخن بين البرازيل، والأرجنتين، والباراغواي.
 
وقالت المصادر في الشرطة الفيدرالية بالبرازيل إن المجموعات التابعة لحزب الله، تعمل منذ عام 2019، في مناطق الأمازون، كاشفة عن أن الشرطة البرازيلية، نجحت في منع نقل نحو 15 مراهقا من السكان الأصليين بمجتمعات بانيوا، وديزانا، في ماناوس بولاية أمازوناس، إلى الخارج بواسطة جمعيتين خيريتين تعملان في تركيا، وتستهدفان تحويل المراهقين الأصليين من الأمازون إلى الإسلام وفقا للمذهب الإيراني.
 
ولفتت المصادر إلى أن المراهقين الـ15 الذين تعود أصولهم إلى مقاطعة "ساو غابرييل دا كاتشويرا"، التي تعد من المجتمعات الفقيرة، على الرغم من وقوعها في منطقة استراتيجية على الحدود بين كولومبيا وفنزويلا، هؤلاء المراهقون يتم تلقينهم عقيدة الإسلام وفق المذهب الإيراني، وذلك بواسطة جامعة تسمىsociação Solidária Humanitária do Amazonas ( Asham )، يرأسها التركي عبد الحكيم توكدمير. 
 
وألقت المصادر البرازيلية الضوء على ما أعلنته "لوسيا ألبيرتا باري"، مديرة تعزيز التنمية المستدامة في مؤسسة "Funai"، من أن المنظمة الإسلامية التابعة لإيران،  "استخدمت شحنات الطعام، والتبرعات المالية، وسيلة للتلاعب بعقول الأطفال وأسرهم"، كما كشفت ماريا روزيتا، وهي إحدى النساء الأصليات اللاتي قبلن أن يدرس ابنها في الجمعية الإيرانية: "ليس لدينا الموارد المالية لأطفالنا للدراسة، لذا أردت منهم أن يدرسوا للعثور على عمل، ونحن في عائلتنا عاطلين".
 
من جانبها وصفت، جويس كويلو، مفوضة الشرطة المدنية في ولاية أمازوناس، ما يجري قائلة: "نحن أمام قضية مثيرة للقلق، لأن هناك حالات متطرفة لجريمة الاتجار بالبشر، واستغلالا لرغبة الأسر في الحصول على فرص للعيش".
 
وتشير المصادر إلى أنه قبل الوصول إلى المدارس الشيعية الإيرانية في تركيا، تم إرسال الأطفال إلى مقاطعة ساو باولو، حيث قال أحد المراهقين لصحيفة "ميتروبوليس": " شجعنا المدير على الذهاب إلى ساو باولو، بعد أن أظهر لنا فقط صورًا للمدرسة، وأخبرنا أن هناك العديد من المراهقين الذين تم إحضارهم من الأرجنتين وفنزويلا وأماكن أخرى".
 
وبحسب ليديا لاسيردا، منسقة الجندر والمشاركة الاجتماعية في " Funai"، فإن تجنيد الأطفال يعد جريمة بسبب استغلال الهشاشة، وانتهاك حقوق الإنسان، ولأننا حتى الآن لا نعرف ما إذا كان هؤلاء الأطفال قد ذهبوا للدراسة أم لا، وما إذا كان هناك دافع خفي لهذه المؤسسة فيما يتعلق بهم".
 
محمود جنكيز، الأستاذ المساعد في مركز الإرهاب والجريمة عبر الوطنية والفساد (TraCCC) وكلية شار للسياسة والحكومة بجامعة جورج ميسون في واشنطن العاصمة، دق ناقوس الخطر، قائلا: "إن إيران تسعى لترسيخ فكرها في أمريكا اللاتينية، بحيث تصنع جهاديين قادرين على حمل السلاح لصالحها، خاصة في ظل إرسال الأطفال للتجنيد في مدارس مقامة على أرض تركيا، التي تعد المعقل الذي خرجت منه أفكار السلفية الجهادية".
 
وأضاف: "إذا اعتقدنا أن الشيعة الذين تحركهم إيران لهم نفوذ في البرازيل وأمريكا اللاتينية، فإن الحكومة التركية تشجع الجماعات الإسلامية على السفر والعمل في قارة أمريكا الجنوبية، والمشكلة هي أي نسخة من الإسلام تصدرها الجماعات التركية، لا تقل خطورة عن الإيرانية، فكلاهما غير وسطي".