لم يكن أحد يتخيل أن محمد راضي الليلي مقدم نشرات الأخبار سابقا بالقناة الأولى المغربية، سوف يعادي المغاربة والمغرب، وهذا الأمر لم يتخيله حتى كابرانات الجزائر المعادين للوحدة الترابية للمملكة المغربية، ولم يتخيله حتى مهندسو هذه الأزمة السياسية المفتعلة والتي لم تعد تجدي نفعا، بل تمعن في جلب الضرر والعزلة للمحتجزين بمخيمات العار بتندوف، يوما بعد يوم وثانية بعد ثانية.
بالعودة إلى أرشيف أخبار القناة الأولى، التي كان يطل منها على المغاربة، ستجد أن الانفصالي راضي الليلي، كان يقدم الأنشطة الملكية ويردد عبارة الصحراء المغربية، بوجه بشوش وابتسامة صادقة، وثقة في النفس، عكس حاله اليوم، حيث يبدو مضطربا وقلقا وعبوسا، وهو يردد عكس ما كان يقوله في الشاشة وفي اللقاءات الثقافية والإعلامية، وقد اضحى خلال هذه الأيام، غير مهضوم حتى عند الذين لا يعلمون قصته وحكاية خيانته للوطن، واصطفافه إلى جانب أعداء الوحدة الترابية لوطنه الأم، وما تصريح أمه الأخير المنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، سوى علامة من العلامات البارزة لتنكره لأصله، إذ تظهر أمه في تصريح مؤثر وهي تطلب له الهداية وتقرن ما بدر منه اتجاه وطنه من خيانة وارتماء في أحضان أعداء بلده، بفقدانه لعمله السابق، وهو أمر لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن يبرر خيانة الوطن ومعاداة المغاربة و وصفهم بأبشع الأوصاف، خلال تعبيرهم عن مغربية الصحراء.
لا يمكن اعتبار سلوكات وتصريحات راضي الليلي، تغيير موقف، أو مراجعة فكر أو إحقاق حق، إذ بعد إعلان انفصاله وحرق جواز سفره المغربي أمام العالم، في فيديو صوره بهاتفه النقال، الذي لا ولن يجلب له سوى الإحراج والغرق في الوحل لقطة بعد لقطة، تأكد بالصوت والصورة ومن خلال ملامح وجهه، أنه يعيش حالة نفسية، تجاوزت ما هو مهني وسياسي، وفعل انتقامي من نفسه قبل وطنه وعائلته والشعب المغربي عامة، لينطبق عليها القول بأنها حالة نفسية مضطربة، لا يستقيم معها سوى وصف الحالة النفسية غير المستقرة، التي تنتج عن ما يعرف بمرض اضطراب الهوية التفارقي (Dissociative Identity Disorder)، و هو اضطراب نفسي يعاني منه الشخص الواحد الموصوف علميا، بالتعدد في الشخصيات أو الهويات المختلفة، التي تتزاحم وتتصارع داخل كينونته الوجدانية الوجودية، فكأني به يستلهم مقولة ديكارت ويفككها ويعيد تركيبها وتجميعها بشكل مفتت وغير متجانس، كخلط الماء مع الزيت، فيقول : أنا أفكر ولا أفكر وأشك ولا أشك إذن فأنا موجود غير موجود ومغربي ليس مغربيا.
قد يصنع الشخص الذي يعاني من هذا المرض النفسي، هوية ثانية له، بشكل سهل جدا وسريع، بعيدا عن الحقيقة، بعد أن يجد مشاكلا في التعامل مع الواقع واتخاذ القرارات الصحيحة، لأن مرض اضطراب الهوية التفارقي هو حالة نفسية خطيرة تتسم بوجود هويات متعددة لدى الشخص، هذه الحالة قد تكون نتيجة لتجارب صادمة في الحياة أو ضغوط نفسية كبيرة، إذ أن الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب، يعانون من صعوبة في التمييز بين الواقع والخيال، مما قد يؤدي إلى تصرفات غير منطقية، يمكن أن يرتكب من خلالها المصاب حماقات وتصرفات غير محسوبة العواقب، والدليل هو زيارة راضي الليلي لمخيمات المحتجزين بتندوف، ونقل معاناتهم على المباشر بهاتفه النقال، وكشفه للعالم في غفلة منه وغفلة ممن استقبلوه ورحبوا به، لتناقض كبير ومخجل بين وصف مخيمات "العزة والكرامة"، مع الواقع، إذ كشف ونقل الليلي بصدق غير مقصود، الحياة القاتمة والقاحلة بتلك المخيمات، حيث الخيام الراشية .. والتراب و"العجاج" والشمش الحارقة والعطش والجوع والحصار، وما زاد من انقلاب الزيارة ضد الهدف المخطط له، هو إعلان من حاورهم أمام عدسة كاميرا هاتفه النقال، عن احتياجهم للماء كل يوم ومعاناتهم مع العطش والقهر وغياب أبسط شروط الحياة الكريمة، والأنكى هو أن أغلب المصرحين، نساء مقهورات لا حول لهن ولا قوة، بلغن من الكبر عتيا و وصلن لسن يتطلب رعايتهن وتمكينهن من المأكل والمشرب والملبس والمسكن والمراحيض والدواء، بعيدا عن الحسابات السياسية الانفصالية، التي يتحكم فيها عن بعد، أشخاص معادون للوحدة الترابية للمغرب، من مكاتبهم المكيفة وفيلاتهم الفاخرة، ولم يسبق لهم أن وطئوا باقدامهم ذلك التراب .. ولن تقبل قبلهم زوجاتهم وأبناءهم أن يعيشوا ولو لدقيقة واحدة في تلك الخيام وتلك الأوضاع المأساوية.
حالة راضي الليلي الانفصالي .. النفسية، يتم وصفها أيضا من طرف خبراء علم النفس، بالاضطرابات الانشقاقية، وينتج عنها فقدان الذاكرة جزئيا أو كليا، وتبدد وتفكيك وإعادة تركيب الشخصية بشكل غير متماسك، والغربة عن الواقع واضطراب الهوية، ويمكن أن يتميز المصاب بها باندماجه داخل شخصيتين، تتناوبان في التحكم بسلوكياته ووعيه ومن أسبابها المقدرة الفطرية على الانفصال بسهولة .. ويمكن أيضا أن يكون المصاب قد تعرض في مرحلة الطفولة أو الشباب، إلى الشحن المباشر أو غير المباشر، بفكر معين أو إيديولوجية مغايرة لما تأثر به الفرد بالفطرة أو الاكتساب، إذ تترسب هذه التأثيرات في اللاوعي وتنتظر فرصة خروجها للعلن، خصوصا إذا كان المصاب قد تعرض في سن مبكرة، قبل اكتمال نضجه و وعيه، لمحاولات وتأثيرات لمنع دمج خبراته وتجاربه في هوية متماسكة واحدة. وترافق هذه الحالة أعراض كثيرة، كالقلق والاكتئاب والعدوانية و الحقد وتصديق الخرافات وترديدها وتطويرها ومعاداة كل من يرفضها ويعلن بعدها عن الحق والمنطق والعقل، فغالبا ما يتخيل المصابون بهذه الحالة النفسية أمام الآخرين، أنهم مركز الكون، لكن عندما يختلون بأنفسهم، يعودون لشخصيتهم الأولى الأصلية في وعيهم ولا وعيهم، ليدركوا أنهم يعيشون بهويتين أو أكثر، فتخيلوا معي أن يكون طرد البوليساريو لراضي الليلي من المخيمات، سببا آخر في انفصاله أيضا عن الانفصاليين ومهندسي العداء للصحراء المغربية، فماذا سيكون مصير هويته مرة ثالثة !!؟؟.
أكيد أنه سيبحث عن هوية ثالثة ورابعة وخامسة .. لأن المصابين بمرض اضطراب الهوية التفارقي، يغيرون الهوية بسهولة وقد لا يقتصرون على هويتين فقط.
إذا تبث أن الانفصالي راضي الليلي مصاب فعلا بمرض اضطراب الهوية التفارقي بالدليل العلمي والخبرة الطبية، فإن العلاج سهل حسب خبراء علم النفس، ولن ينفعه سوى عودته لرشده وإعلان توبته من جريمة خيانة الوطن والاعتذار للمغاربة ملكا وشعبا وانتظار الصفح والعفو ..