مادة اليوم أردنا أن نطل عليها، من شرفة سخرية الفنان اليمني محمد الأضرعي. فمنذ سنوات وهذا الفنان ينتج برامج متعددة ساخرة من الحوثيين. ومن هذه البرامج "مع المرجع آية الله أكبر معرجاني". لكن يبقى انفتاحنا مشروطا بملاحظة ضرورة عدم الخلط بين انتقاد الحوثيين، وبين التعريض بأهل البيت، أو التحامل المجاني على الحكم "الإمامي"في تاريخ اليمن السعيد.
مناسبة هذا الاستحضار/الانفتاح، هو تجنيد وزارة الأوقاف، لعلماء ميثاق تأطير الأئمة، يوم السبت 8 يونيه 2024، لشرح كلمة الوزير أحمد التوفيق، التي سبق أن ألقاها عن بعد، يوم الأربعاء، 5 يونيو2024 ،على رؤساء وأعضاء المجالس العلمية المحلية، ومندوبي الشؤون الإسلامية، والأئمة المرشدين..
هذه الكلمة يمكن مقاربتها من حيث الشكل والمضمون على النحو التالي:
أولا: في إطار تعميم التوجيهات الرسمية، يمكن أن تكون هذه الكلمة موضع استماع من طرف الأئمة، حتى وإن كان أغلبهم غير مدرجين في استحقاقاتها كخطباء و وعاظ. ويمكن أن تكون موضع مناقشة من طرفهم. هذا أمر محمود. لكن أن تكون هذه الكلمة موضع "شرح" من قبل علماء الميثاق، فهذا يجعلنا أمام ظاهرة 'آية الله أحمد مريغاتي"(نسبة إلى مريغة موطن ازدياد الأستاذ التوفيق)، وقد قام بتمريغ رمزيات المغرب في حسابات إضعاف منطق الدولة بمرجعية دينية قوية.
والدليل على أنه أصبح "آية الله"، أن كلمته لا تشير لأي مرجع فوقه. ولكم أن تبحثوا في كلمته عن وجود مرجعية أمير المؤمنين، للتأكد من ذلك...
هكذا أصبح وزيرالأوقاف، المرجع الديني في البلاد، يزحف بالتدريج على صلاحيات صاحب الأمر. فبعد أن أصبح يعين رؤساء وأعضاء المجالس العلمية، فكانت الكوارث. فضلا عن كون ذلك، يضعنا أمام مفارقة عجيبة، تتمثل في تعيين أعضاء "الرابطة المحمدية للعلماء" بظهير شريف، وهي جمعية مدنية. في حين يتم تعيين علماء المؤسسة الرسمية على مستوى رؤساء وأعضاء المجالس العلمية من طرف الوزير. بعد كل هذا، ها هو الآن يجعل من كلمته مادة مرجعية يتجند علماء الميثاق على طول البلاد وعرضها لشرحها.
ثانيا: والآن لنقف على هذه الكلمة، وقد تناقلتها وسائط التواصل الاجتماعي. فقد انطلقت كلمة "آية الله" من رؤية متشائمة، عن واقع المجتمع المغربي، لينتهي به القول، إلى أن هناك مسافة شاسعة بين توجيهات الدين، والأحوال المشهودة في سلوك المواطنين؛ من خوف وفقر وإجرام وإدمان وشقاء عائلي...
واعتبر أنه أمام كثرة المؤثرين في المجتمع من سياسيين وجمعويين وأمميين ..جاءت "خطة تسديد التبليغ"، لتبرز دور العلماء في التأثير على المجتمع. هذه الخطة التي اشتغل عليها المجلس العلمي الأعلى منذ عامين.
وقد صرح بأن هدف هذه الخطة من جهة، ترشيد عمل الخطباء عن طريق توحيد الخطب. ومن جهة أخرى إسكات المنازعين والمخالفين.
ولأنه "آية الله"، فقد تميز خطابه بتوجيه اللوم، بين الفينة والأخرى، لعمل المجلس العلمي الأعلى عن تقصيره، علما أنه عضو ضمن هذه الهيأة،ولا يملك سلطة عليها،حتى يخاطبها بهذا الاستعلاء، لأن لها رئيسها وهو أمير المؤمنين، الذي يملك وحده الحق في ذلك.
وتسمح هذه الكلمة بإبداء ملاحظات سريعة:
1. كل مرة تغرق الوزارة الحقل الديني، بمبادرات جديدة وبإمكانات مادية مهمة، دون أن تخضع المبادرات السابقة للتقييم، مما يعني هدر المال العام والمجهود، من غير ثمرات ملموسة على طريق التمكين للثوابت المذهبية للبلاد.
2. أما مسألة توحيد الخطب على الصعيد الوطني، فستعصف بإشعاع المسجد بهذا التنميط. كما سيجعل جائزة الخطبة المنبرية بدون معنى، مادام سيتحول الخطباء إلى مجرد ساردين، يتساوون جميعا في قراءة الخطبة ليس إلا.حيث ستتحول هذه الجائزة إلى مرتع للأهواء والمحسوبية. فضلا عن إمكانية تعميم الخطبة الموحدة لمخالفات مذهبية من المنبع، كما حصل مع أدبيات ميثاق العلماء.
3. أما إسكات المخالفين، فسيتم من خلال التدقيق أكثر في دليل الإمام والخطيب والواعظ، واتخاذ المتعين في حالة الخروج عن ذلك بكل تجرد ومسؤولية، وليس بالخطبة الموحدة، وبمضاعفاتها السلبية.
4. بقيت ملاحظة عملية تتمثل في ترجمة خطة التبليغ في الواقع والميدان .فليت "آية الله" يتفضل، فليشرح لنا كيف سيتمكن العلماء والعالمات و الخطباء أو المرشدون والمرشدات أو الوعاظ والواعظات، من استقطاب الناس إلى سماع الخطبة أو الموعظة؟
نود ذلك بلغة الحقيقة، وليس بتلبيسات الغش في اللبن!