يعد تتبع وتقييم العمل الحكومي من بين المهام الرئيسية للفاعلين المدنيين والاكاديميين المهتمين بتتبع الفعل العمومي وتقييم السياسات العمومية، وكرسها دستور 2011 كحق من حقوق المشاركة السياسية، وفي هذا الاطار وتتبعا ومواكبة وتقييما للأداء الحكومي بعد مرور أكثر من سنتين ونصف من العمل على تفعيل التزاماتها المتعلقة بالأمازيغية، وسنة كاملة على اصدار المرسوم الخاص بصندوق "استعمال الأمازيغية"، ودرءا لأي خلط متعمد ومقصود من أي طرف كان، فإننا نقصد هنا صندوق تحديث الإدارة العمومية ودعم الانتقال الرقمي واستعمال الأمازيغية FOMAP كما ورد في المرسوم المؤطر لعمل الصندوق في صيغته الحالية ل 8 ماي 2023، رغم ان البعض يصر على تسمية صندوق تفعيل الطابع ارسمي للأمازيغية، وإن كان استعمال الامازيغية اختصاصا هامشيا وثانويا من اختصاصات الصندوق، لعدة اعتبارات من بينها التراتبية المكرسة في تسمية الصندوق، توزيع الميزانيات المرصودة بين المجالات الثلاثة التي يشرف عليها الصندوق، والبنيات التدبيرية المكلفة بتدبير الصندوق...الخ.
يعتبر احداث "صندوق خاص" بتفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية من أهم التزامات الحزب القائد للائتلاف الحكومي الحالي، وقد حرصت الحكومة على إحداثه في أول سنة من فترتها الانتدابية الحالية حيث خصصت له ميزانية تقدر ب 200 و300 مليون درهم خلال السنتين الأوليين على ان يصل هذه الميزانية الى مليار درهم في متم ولايتها الحكومية، رغم أهمية الاجراء والتدبير الا اننا نلاحظ ان الحكومة والوزارة المكلفة بتدبير الصندوق لم تعمل على التصريح ببرنامج عمل واضح ودقيق بأهداف دقيقة ومعلنة للعموم، مما يجعل عملية تتبع وتقييم ومواكبة عمله وحصيلته مهمة صعبة ومعقدة لعدم توفر المعطيات والمؤشرات لقياس درجة الالتزام والانجاز، نظرا لغياب الأهداف والالتزامات والإجراءات والتدابير ومعايير ومؤشرات قياس المنجز وفق الاجندة التي تضعها الهيئة المكلفة بتدبير الصندوق، خاصة أن الحكومة الحالية ووزارة الانتقال الرقمي وتحديث الإدارة وهي المكلفة بتدبير الصندوق لا تصدر تقارير أو بلاغات تقدم فيها التزاماتها بوضوح ولا حصيلة الصندوق السنوية.
إضافة الى ضعف تواصل الحكومة والوزارة المكلفة بتدبير الصندوق هناك إشكالات أخرى مرتبطة بالأرقام التي تعلنها الحكومة بخصوص حصيلة نصف ولايتها الانتدابية حيث تغيب معطيات ذات الصلة بعمل الصندوق ومدى تقدم الأوراش المسندة للوزارة المعنية. وتحريا للدقة في الموضوع بحثنا عن الوثائق والمعطيات التي توفرها مواقع الحكومة والوزارة المعنية والاتصال بمن يمكن ان يمدنا ببعض المعطيات بخصوص الموضوع، الا أن لا معلومة يمكن أن تساعدنا على التعرف على منجز الحكومة والوزارة في الموضوع، كما موقع الصندوق غير مفعل وغير محين وهو ما تأكدت منه بعد تصفحه يومه السبت 01 يونيو 2024 على الساعة 14 بعد الزول.
ويمكن حصر حصيلة الوزارة والصندوق في توفير خدمة الاستقبال والإرشاد والتوجيه باللغة الأمازيغية لفائدة المرتفقين الناطقين بهذه اللغة، في مصالح قطاعات الصحة والحماية الاجتماعية والعدل والثقافة، وذلك من خلال تزويدها بما مجموعه 460 عونا ناطقين بالأمازيغية بتنويعاتها اللغوية الثلاثة، تريفيت وتشلحيت وتمزيغت، كما مكنت كذلك من توفير خدمة الاستقبال الهاتفي باللغة الأمازيغية، من خلال وضع 60 عونا ناطقين بالأمازيغية، لعدد من مراكز الاتصال التابعة لبعض القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية، الشيء الذي سيكلف الوزارة والصندوق ثلث ميزانيته السنوية، تقريبا 37 مليون درهم سنويا، علما أن تدبير هذه العملية أسندت الى شركات مناولة في إطار صفقات عمومية، ولكم ان تتخيلوا المساطر المعتمدة في التوظيف وشروط العمل وجودة الخدمة المقدمة للمرتفقين، الى جانب كون الخدمة بهكذا شروط لا تتوفر فيها شروط الاستدامة والتجويد.
أهم ملاحظات يمكننا الخلوص إليها هي كون الوزارة المعنية غير جادة في تعاطيها مع الملف، حيث ومن خلال الاطلاع على موقع الصندوق وموقع الوزارة المعنية، يمكن رصد العديد من الاختلالات والتقصير في تفعيل الصندوق كألية للدفع بملق تنزيل مقتضيات القانون التنظيمي 16-26 الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية بالنظر لمجموعة من المؤشرات منها:
• عدم اعداد مخطط مندمج لتفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية وفق التصور الذي يحدده القانون التنظيمي 16-26، خاصة ان الحكومة الحالية تخلت عن المخطط الذي أعدته الحكومة السابقة دون الحرص على تحيينه او تغييره بما يتماشى من سياسة واستراتيجية الحكومة الحالية ذات الصلة بتدبير ملف الامازيغية، والاكتفاء بالقول، في ظل غياب وثيقة تبرز خطة وبرنامج الحكومة في هذا المجال، مما يجعل التزامات الحكومة موسومة بالضبابية والغموض.
• غياب خطة تواصلية للوزارة المعنية لشرح اليات وإجراءات تفعيل الصندوق، رغم ان القانون المنظم لعمل الصندوق ينص على مجموعة من الإجراءات والتدابير في هذا المجال. والدليل ان موقع الصندوق تم حجبه مؤخرا لتعطيل عملية الولوج اليه ويجعل مهمة تتبع عمله غير متاح لكل الفاعلين المعنيين بالاستفادة منه او بتتبع وتقييم عمل الصندوق، وهذه مفارقة عجيبة، كيف يمكن لوزارة ستسهر على رقمنة الإدارة وتحديثها ان تقوم بهذه المهمة وهي غير قادرة على تدبير موقع اليكتروني ؟؟؟ !!!
• تغيير المرسوم الخاص بالصندوق ساهم في اغراق الصندوق باختصاصات جديدة كتحديث الإدارة ورقمنتها، مما يجعل محور استعمال الامازيغية محورا ثانويا في اختصاصات الصندوق، ويبرز ذلك في تخصيص مليار ونصف فبرسم قانون ميزانية السنة الحالية 2024 دون توضيح حجم الاعتمادات المخصصة للأمازيغية.
• عدم التزام الوزارة المعنية بتطبيق مضامين المرسوم رقم 2.23.245 صادر في 17 من شوال 1444 (8 ماي 2023) المتعلق بتحديد أشكال وكيفيات دفع المبالغ وتقديم الدعم من صندوق تحديث الإدارة العمومية ودعم الانتقال الرقمي واستعمال الأمازيغية. وخاصة المادة 2 والتي تنص على تعد السلطة الحكومية المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، بتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة بالمالية، برنامج العمل السنوي للصندوق بناء على التوجهات الاستراتيجية المندرجة ضمنها العمليات المتعلقة بتحديث المرافق العمومية والتحول الرقمي واستعمال اللغة الأمازيغية. ويمكن تحيين هذا البرنامج خلال السنة. يتضمن برنامج العمل السنوي للصندوق المحاور ذات الأولوية القابلة للدعم والاعتمادات المخصصة لكل محور في حدود الاعتمادات المتوفرة خلال السنة. ينشر برنامج العمل بالمنصة الإلكترونية للصندوقwww.fomap ma قبل العاشر من شهر يناير من كل سنة وعند كل تحيين.
• عدم الإعلان عن المعايير والشروط الخاصة بالاستفادة من دعم الصندوق، حيث أن الوزارة المعنية لحدود الساعة لم تحدد وفق ما تنص عليه المادة 3 من المرسوم معايير وشروط دراسة المشاريع والعمليات المقترحة للاستفادة من دعم الصندوق بقرار مشترك للسلطة الحكومية المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة والسلطة الحكومية المكلفة بالمالية حسب مجالات ومحاور ذات الأولوية القابلة للدعم.
• عدم الإعلان عن طلبات مقترحات مشاريع للتمويل، حيث لم يسبق للوزارة ان أعلنت يتم الإعلان عن فتح باب تلقي الطلبات عبر المنصة الإلكترونية للصندوق في إطار المحاور ذات الأولوية، حسب المجالات الواردة في برنامج العمل السنوي المشار إليه في المادة 2 من المرسوم.
• عدم تفعيل المنصة الاليكترونية يمس بأحد الشروط الواردة في المرسوم والتي تنص على أن الطلبات تودع وجوبا عبر المنصة الإلكترونية للصندوق المشار إليها في المادة 2 أعلاه، في حساب خاص يفتح لفائدة الفاعلين، على كل دعامة وبكل وسيلة تثبت الاستلام.
• عدم اعداد مخطط مندمج لتفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية وفق التصور الذي يحدده القانون التنظيمي 16-26، خاصة ان الحكومة الحالية تخلت عن المخطط الذي أعدته الحكومة السابقة دون الحرص على تحيينه او تغييره بما يتماشى من سياسة واستراتيجية الحكومة الحالية ذات الصلة بتدبير ملف الامازيغية، والاكتفاء بالقول، في ظل غياب وثيقة تبرز خطة وبرنامج الحكومة في هذا المجال، مما يجعل التزامات الحكومة موسومة بالضبابية والغموض.
• غياب خطة تواصلية للوزارة المعنية لشرح اليات وإجراءات تفعيل الصندوق، رغم ان القانون المنظم لعمل الصندوق ينص على مجموعة من الإجراءات والتدابير في هذا المجال. والدليل ان موقع الصندوق تم حجبه مؤخرا لتعطيل عملية الولوج اليه ويجعل مهمة تتبع عمله غير متاح لكل الفاعلين المعنيين بالاستفادة منه او بتتبع وتقييم عمل الصندوق، وهذه مفارقة عجيبة، كيف يمكن لوزارة ستسهر على رقمنة الإدارة وتحديثها ان تقوم بهذه المهمة وهي غير قادرة على تدبير موقع اليكتروني ؟؟؟ !!!
• تغيير المرسوم الخاص بالصندوق ساهم في اغراق الصندوق باختصاصات جديدة كتحديث الإدارة ورقمنتها، مما يجعل محور استعمال الامازيغية محورا ثانويا في اختصاصات الصندوق، ويبرز ذلك في تخصيص مليار ونصف فبرسم قانون ميزانية السنة الحالية 2024 دون توضيح حجم الاعتمادات المخصصة للأمازيغية.
• عدم التزام الوزارة المعنية بتطبيق مضامين المرسوم رقم 2.23.245 صادر في 17 من شوال 1444 (8 ماي 2023) المتعلق بتحديد أشكال وكيفيات دفع المبالغ وتقديم الدعم من صندوق تحديث الإدارة العمومية ودعم الانتقال الرقمي واستعمال الأمازيغية. وخاصة المادة 2 والتي تنص على تعد السلطة الحكومية المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، بتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة بالمالية، برنامج العمل السنوي للصندوق بناء على التوجهات الاستراتيجية المندرجة ضمنها العمليات المتعلقة بتحديث المرافق العمومية والتحول الرقمي واستعمال اللغة الأمازيغية. ويمكن تحيين هذا البرنامج خلال السنة. يتضمن برنامج العمل السنوي للصندوق المحاور ذات الأولوية القابلة للدعم والاعتمادات المخصصة لكل محور في حدود الاعتمادات المتوفرة خلال السنة. ينشر برنامج العمل بالمنصة الإلكترونية للصندوقwww.fomap ma قبل العاشر من شهر يناير من كل سنة وعند كل تحيين.
• عدم الإعلان عن المعايير والشروط الخاصة بالاستفادة من دعم الصندوق، حيث أن الوزارة المعنية لحدود الساعة لم تحدد وفق ما تنص عليه المادة 3 من المرسوم معايير وشروط دراسة المشاريع والعمليات المقترحة للاستفادة من دعم الصندوق بقرار مشترك للسلطة الحكومية المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة والسلطة الحكومية المكلفة بالمالية حسب مجالات ومحاور ذات الأولوية القابلة للدعم.
• عدم الإعلان عن طلبات مقترحات مشاريع للتمويل، حيث لم يسبق للوزارة ان أعلنت يتم الإعلان عن فتح باب تلقي الطلبات عبر المنصة الإلكترونية للصندوق في إطار المحاور ذات الأولوية، حسب المجالات الواردة في برنامج العمل السنوي المشار إليه في المادة 2 من المرسوم.
• عدم تفعيل المنصة الاليكترونية يمس بأحد الشروط الواردة في المرسوم والتي تنص على أن الطلبات تودع وجوبا عبر المنصة الإلكترونية للصندوق المشار إليها في المادة 2 أعلاه، في حساب خاص يفتح لفائدة الفاعلين، على كل دعامة وبكل وسيلة تثبت الاستلام.
من خلال المعطيات المتوفرة حول الصندوق تترسخ لدينا قناعة بكون الحكومة الحالية غير جادة في التعاطي مع ملف الامازيغية ولا توليه الأهمية الضرورية، رغم أن هذا الورش الوطني الهام بصم على تغير جذري في تعاطي الدولة المغربية مع ملف الامازيغية خلال العقدين الأخيرين، مما يدعونا إلى التشكيك في إرادة الدولة في المضي قدما من اجل ترصيد ورسملة المكتسبات التي تحققت في هذا الورش من قبيل ادماج الامازيغية في المنظومة التعليمية الوطنية، وتطوير الاعلام الناطق بالأمازيغية وادراج الأمازيغية في التشوير الطرقي والإدارات العمومية، وأحداث خدمات التواصل والإرشاد بالأمازيغية في عدد محدود من الإدارات والمرافق العمومية، إلا أن الملاحظ أن هذه الدينامية عرفت خفوتا وانتكاسة مع الحكومة الحالية، مما يسير في الاتجاه المعاكس للخطابات والشعارات التي تروج لها الحكومة منذ توليها تدبير الشأن العام.
عبد الله بادو، باحث مهتم بقضايا الأمازيغية، فاعل مدني