السبت 27 يوليو 2024
سياسة

لازالت تثير الجدل.. من ينقذ المغاربة من مخالب  لوبي " العائلات السياسية " ؟

لازالت تثير الجدل.. من ينقذ المغاربة من مخالب  لوبي " العائلات السياسية " ؟ وجوه سياسية مغربية
لازالت ظاهرة " العائلات السياسية " تثير الجدل في المغرب، وهي ظاهرة متجذرة لم يفلح المغرب في طي صفحتها رقم أهمية المقتضيات التي يتضمنها القانون التنظيمي 11- 29 المتعلق بالأحزاب السياسية، وخاصة المادة 65 التي تنص على أنه : "يجب أن ينظم كل حزب سياسي ويسير وفق مبادئ ديمقراطية، تسمح لكل عضو من أعضائه بالمشاركة الفعلية في إدارة وتسيير مختلف أجهزته، كما يتعين مراعاة مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير شؤونه، ولاسيما مبادئ الشفافية والمسؤولية والمحاسبة " ، والمادة 68 التي تنص على ضرورة التزام كل حزب سياسي في اختيار مرشحاته ومرشحيه لمختلف العمليات الانتخابية باعتماد مبادئ الديمقراطية والشفافية في طريقة ومسطرة اختيار مرشحيه؛ تقديم مرشحين نزهاء وأكفاء وأمناء، قادرين على القيام بمهامهم التمثيلية..من أجل عقلنة المشهد السياسي والنهوض بعمل الأحزاب السياسية للقيام بدورها الدستوري في تأطير المواطنين في تمثيليتهم وفي التداول على السلطة، حيث أبان واقع الممارسة الحزبية عن هوة سحيقة مع هذه المقتضيات وكذا المرتكزات الدستورية التي أقرها دستور 2011، وخاصة الفصل  السابع، الذي جاء فيه ما يلي: “تعمل الأحزاب السياسية على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية وفي نطاق المؤسسات الدستورية ". 
ولعل أبرز مثال بهذا الخصوص هو أسرة جواد غريب، رئيس المجلس الإقليمي للقنيطرة التي تسيطر على مجموعة من المناصب الانتخابية بإقليم القنيطرة، مقابل تعويضات شهرية من المال العام، حيث تشغل زوجته سمية الضيف منصب رئيسة مجلس جماعة سوق أربعاء الغرب ويعتبر زوجها وزوج ابنتها عضوين بالمجلس الجماعي، ويشغل ابنه محمد غريب منصب نائب برلماني بمجلس النواب بعدما خلف والده الذي قدم استقالته بسبب حالة التنافي بين العضوية في البرلمان ورئاسة المجلس الإقليمي، كما يشغل غريب الابن منصب رئيس مجلس جماعة " سيدي محمد لحمر " فيما تشغل شقيقته منصب نائبة الرئيس بالجماعة نفسها، وهي كذلك مستشارة بالمجلس الإقليمي الذي يترأسه والدها، كما تشغل شقيقته الأخرى، خديجة غريب منصب مستشارة بالجماعة نفسها  إلى جانب شقيقها وشقيقتها وتشتغل في نفس الوقت نفسه نائبة لوالدها، الى جانب زوجها الرحالي المستشار بالمجلس الإقليمي وبالمجلس الجماعي لسوق أربعاء الغرب.
وبمكناس، تمكنت صوفيا الطاهري من تعويض مقعد شقيقها بمجلس النواب عن دائرة مكناس بعدما ألغت ألغته المحكمة الدستورية مقعده في قرارها الصادر في أبريل 2022، بسبب عدم أهليته للترشح، فقد كان مطعونا فيه بسبب صدور حكم عن المحكمة الإدارية بفاس، في 26 غشت 2021، قضى بإلغاء انتخاب الطاهري، في منازعة متعلقة بانتخاب الغرف المهنية لانعدام أهلية الترشح لديه، بسبب، وجوده في وضعية تصفية قضائية بصفة شخصية، بناء على حكم المحكمة التجارية بمكناس. 
وتحظى عائلة الطاهري بمكناس بنفوذ سياسي بالعاصمة الاسماعيلية، علما أن الراحل أحمد الطاهري ( عم بدر الطاهري ) سبق له أن شغل منصب، رئيس الجماعة الحضرية لمكناس، كما تشغل ابنة الراحل لبنى الطاهري منصب نائبة برلمانية عن حزب الحركة الشعبية، كما شغل بدر الطاهري الى جانب منصب نائب برلماني بمجلس النواب مهمة رئيس غرفة الصناعة والخدمات بجهة فاس – مكناس قبل إزاحته بحكم قضائي .
وبفاس شغل حميد شباط  البرلماني السابق وعمدة فاس الأسبق وزوجته فاطمة طارق عضوية المجلس الجماعي للمدينة قبل اتخاذ قرار إقالته في ماي 2024، كما تشغل ابنته ريم شباط عضوية مجلس النواب، في حين يشغل نجله البرلماني السابق عن حزب الإستقلال نوفل شباط منصب رئيس جماعة البرارحة بنواحي تازة .
وبالصحراء ورثت عائلة ولد الرشيد السلطة والنفوذ والمال، حيث تعتبر من أبرز العائلات السياسية، إذ يشغل حمدي ولد الرشيد، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الإستقلال منصب رئيس جماعة العيون، كما يشغل نجله محمد ولد الرشيد منصب النائب الأول لرئيس جماعة العيون، كما يشغل ابن أخيه سيدي حمدي ولد الرشيد منصب رئيس مجلس جهة العيون – الساقية الحمراء، في حين يشغل شقيقه خليهن ولد الرشيد منصب، رئيس المجلس الملكي للشؤون الصحراوية ( كوركاس ).
وبجهة بني ملال – خنيفرة تشغل زينب أمهروق نجلة القيادية في حزب الحركة الشعبية حليمة العسالي منصب نائبة برلمانية عن حزب الحركة الشعبية بدائرة خنيفرة، في حين يشغل زوج شقيقتها محمد أوزين، وزير الشباب والرياضة السابق محمد أوزين منصب نائب رئيس مجلس النواب الى جانب مسؤوليته على رأس الأمانة العامة للحزب الحركة الشعبية.
وعلى المنوال ذاته، يشغل عبد القادر قنديل منصب نائب برلماني عن دائرة سيدي بنور      ( التجمع الوطني للأحرار ) الى جانب منصب رئيس الغرفة الفلاحية لجهة الدار البيضاء – سطات، كما يشغل ابنه ياسر قنديل منصب رئيس جماعة المشرك .
ويرى بعض الباحثين أن ظاهرة "العائلات السياسية" هي "جزء لا يتجزأ من ظاهرة التدوير في الحقل السياسي المغربي، التي تشمل كذلك الترحال السياسي، مشيرين الى أنه في ظل هذا الوضع لا يمكن المراهنة على تجديد النخب والدفع ببرنامج انتخابي معين أو خط سياسي يعكس المقررات والتوجهات المرجعية للأحزاب السياسية، كما تؤثر هذه الظاهرة على أداء المؤسسات المنتخبة، لأنها حتى وإن امتلكت شرعية انتخابية، فهي عملياً لا تملك شرعية أخلاقية ولا شعبية، إذ يرى جزء كبير من المجتمع أن تلك النخب هي جزء من المشكلة، وأنها لا يمكن أن تكون رافعة لتنزيل النموذج التنموي الجديد للبلاد. كما أن وجودها يفرمل توزيع منافع التنمية سواء على المستوى المجالي أو على المستوى القطاعي، ولا يسمح بتوزيع الثروة سواء المادية أو غير المادية بشكل عادل جراء هيمنتها على الحقل السياسي وتحول فائض القيمة السياسية إلى المستوى الاقتصادي.
في حين يرى آخرون أن ترشيح بعض البرلمانيين في البلاد لأبنائهم وأقاربهم في القوائم الانتخابية، بدلاً من إتاحة الفرصة لأعضاء آخرين يسيء إلى الاختيار الديمقراطي الدستوري، كما تعكس وجود خلل سياسي جراء غياب سلطة تحدّ من شطط السلطة الحزبية التي تأخذ شكل بنية سرية عقيدتها ترتكز في أدائها على العائلات السياسية التي تهدم البنى التحتية للاختيار الديمقراطي وتمنع المؤسسات المنتخبة من أداء الأدوار المنوطة بها دستوريا على المستوى التنموي، الأمر الذي يفرض  البحث عن صيغة دستورية ديمقراطية بديلة تنقذ المسار الإصلاحي المغربي من مخالب لوبي العائلات السياسية التي تضر بمصداقية المؤسسات عبر استغلال النفوذ وشراء الذمم بالمال والالتفاف على القوانين المنظمة لعمل الأحزاب السياسية.