حينما دخلت الدارالبيضاء تجربة وحدة المدينة في عام 2003 كانت الكثير من الأصوات متفائلة بقدرة هذه التجربة على حل الكثير من المشاكل التي تعرفها، خاصة أن العديد من المنتخبين كانوا يشتكون كثيرا من تخصيص اعتمادات مالية كبيرة لبعض الجماعات ( المعاريف، سيدي بليوط، انفا) على حساب الجماعات التي توجد بالمحيط، لكن سنوات قليلة بعد ذلك بدأ بعض المتتبعين يؤكدون أن تجميع كل السلط في بيد جماعة الدارالبيضاء( مجلس المدينة) مع منح بعض الاختصاصات المحدودة للمقاطعات حد بشكل كبير من تنزيل سياسة القرب التي رفعت كشعار في تلك الحقبة لدرجة أنه هناك من أطلق على هذه التجربة إسم "وحلة المدينة، وليس وحدة المدينة.
حاليا ومع مرور أزيد من عشرين سنة على هذه التجربة هناك تضارب في تقييم هذه التجربة بين من يطالب بالقطع النهائي معها، وبين من يؤكد أنه الأمر يحتاج إلى بعض التعديلات الطفيفة في هذا النظام تتيح لرؤساء المقاطعات 16 اختصاصات أخرى تسمح لهم بالقيام ببعض المشاريع بدل العودة كل مرة إلى رئيس المجلس الجماعي أو ما يصطلح عليه إعلاميا " عمدة المدينة".
ويعتبر بعض المراقبين للشأن المحلي البيضاوي أنه حان الوقت لعقد مناظرة وطنية تشارك فيها كل الأطراف المعنية للوقوف على مدى فشل ونجاح هذه التجربة، لأن مرور أزيد من عشرين سنة على تطبيق هذا النظام تسمح بالقيام بقراءة متأنية حول اتفاقات ونجاحات هذه التجربة سواء على مستوى العاصمة الاقتصادية أو في باقي المدن الأخرى ( الرباط، مراكش، سلا ، فاس وطنجة).
ويؤكد هؤلاء المتتبعين أنه ليس من الأسلم حاليا القطع مع هذه التجربة بجرة قلم، لأن ذلك سيدخل البيضاء والمدن التي تعرف تطبيق هذا النظام في مرحلة فراغ أخرى تتطلب سنوات أخرى للاستئناس مع الوضع الجديد. وإن الظرفية الحالية لا تستدعي القيام بأي إجراء جديد باستثناء إدخال تعديلات جديدة على النظام الحالي، سيما أن أمام المغرب الكثير من التحديات المرتبطة بكأس العالم 2030 والمدن الكبرى ستكون في الواجهة بما فيها أكبر مدينة بالمغرب.
فهل سيتم فتح ملف وحدة المدن سواء في البيضاء أو غيرها؟ أم أن الأمر سيترك إلى ما بعد مونديال 2030؟.
فهل سيتم فتح ملف وحدة المدن سواء في البيضاء أو غيرها؟ أم أن الأمر سيترك إلى ما بعد مونديال 2030؟.
وهناك من يذهب أبعد من ذلك ويؤكد أن الوقت حان ليكون للبيضاء نظام خاص بها حتى تتمكن من القطع النهائي مع كل المشاكل التي تحول دون وجود إقلاع حقيقي بها.
وقال مصطفى منضور، عضو بمجلس مدينة البيضاء عن حزب التقدم والاشتراكية، في تصريح ل "أنفاس بريس" : "قد حان الوقت للقيام بوقفة تأملية وتنظيم ندوة وطنية لمناقشة القانون التنظيمي للجماعات الترابية والوقوف عن إيجابيات وسلبياته.
إن الهدف من نظام وحدة كان هو توزيع خيرات البيضاء بشكل عادل ومتساوي على جميع السكان دون أن تكون هناك جماعة غنية وأخرى فقيرة..للأسف لايزال يطغى على المدبر المحلي الجانب الانتخابي وتسير فكرة الدرب والحومة على التفكير وبالتالي لابد من تنظيم ندوة يشارك فيها الخبراء وجميع المعنيين لاستخراج الخلاصات".
بدوره أكد عبد الغني المرحاني، عضو بمجلس مدينة البيضاء عن حزب الاستقلال، أن لكل تجربة تدبيرية بداية ونهاية، وأنه حان الوقت للقيام بعملية تقييمية، على اعتبار أن هناك نواقص وعيوب، لكن أيضا هناك نقاط قوة وتألق.
وأكد المرحاني أن المشرع المغربي لابد أن يقوم بوقفة تقييمية تكون عبارة عن مناظرة وطنية تعرض فيها حصيلة هذه التجربة.
عبد الله أبعقيل، عضو بمجلس مدينة البيضاء عن الحزب الاشتراكي الموحد، أوضح أنه كان من المفروض منذ البداية أن تحتفظ المقاطعات الجماعية بالدارالبيضاء ببعض الاختصاصات دون تحويلها إلى المجلس الجماعي، لأن تحويل هذه الاختصاصات، حسب رأبع، هي التي أحدثت مشكل في تنزيل نظام وحدة المدينة، الذي يبقى النظام الصالح في الدارالبيضاء التي يجب أن تسير بنظام الجماعة.
و قال محدثنا: "المشكل الذي ظهر مع نظام وحدة المدينة يكمن بشكل كبير في اتخاذ بعض القرارات داخل مجلس المدينة وهي لها علاقة بالمقاطعات، ولقد حان الوقت من أجل تعديل نظام وحدة المدينة في الدارالبيضاء".