غير خاف أن جهة درعة تافيلالت هي الجهة التي لا تشملها رؤية واضحة في السياسات الحكومية الخاصة بالتنمية المجالية، خصوصا بعد إعلان المغرب ترشحه لاحتضان مونديال 2030 مع اسبانيا والبرتغال.
فإلى اي حد تحضر جهة درعة تافيلالت ضمن المخطط التنموي للحكومة…؟ وماهي العوامل التي تجعل هذه الجهة تتعثر في اللحاق بركب التنمية على كل الأصعدة…؟ وما هي السبل الكفيلة بجعل الجهة تعرف ثورة تنموية شاملة وحقيقية…؟
إن من حق هذه الجهة ان تطرح سؤالا جوهريا حول حضورها في تفكير القائمين على إعداد مشاريع واستراتيجيات التحضير لاحتضان نهائيات كأس العالم 2030 المشترك مع إسبانيا والبرتغال، علما أن هذين البلدين يشكلان قوة تنافسية للمغرب في قطاعي السينما والسياحة، وبإمكاننا الترويج لهما في هذه المحطة الرياضية العالمية والتعريف بها والترويج لها سياحيا وثقافيا بمنهجية أفضل.
السياسة نفسها تُعامل بها جهة درعة-تافيلالت، على مستوى منتوجاتها المجالية، كالورد العطري ومنتجاته العطرية والتجميلية والطبية، بإقليم تنغير، بالإضافة إلى إنتاج الزعفران بتزناخت الكبرى، وإكنيون، وإنتاج التفاح بميدلت وباقي المناطق بالجهة، دون نسيان الغوص في إنتاج التمور بالرشيدية وزاكورة، الذي يشكل عصب إنتاج هذه المادة الحيوية بالمغرب، وغيرها من المنتوجات المجالية، والتي تعاني من مشكل التسويق، والسمسرة، والمضاربة، والإحتكار، والتخزين والإستغلال غير المشروع، بدل منحها أسس التثمين الجاد والحقيقي لثرواتها.
إن ما تعيشه الجهة من عزلة جغرافية، تتجلى في ضعف الربط بينها وبباقي جهات المغرب لتسهيل الولوج إلى الطرق السيار بالمملكة، خاصة ربط محور ميدلت الرشيدية بجهة فاس مكناس، ومحوري تنغير و ورزازات بجهة بني ملال خنيفرة، ومحوري زاكورة ورزازات بجهة سوس ماسة، وربطها أيضا بجهة الشرق عبر بوعرفة وفجيج، بمحاور طرقية معبدة ذات جودة وطرقات سريعة، وإخراج نفق تيشكا للوجود.
يتضح أن ساكنة هذه الجهة ومن منظور العدالة المجالية من حقها ربط جهتهم بشبكة الخطوط الجوية الجهوية والدولية بشكل يمكنها من تذويب، فارق سنوات العزلة الجوية التي طالت وتعاني منها جراء شح الرحلات الرابطة بين جهات المملكة والمطارات الأجنبية، لتمكينها من نهضة سياحية حقيقية والقطع مع العزلة والحرمان التي تعيشها هذه الساكنة.
إن تأهيل جهة درعة-تافيلالت وتنميتها وتطوير الخدمات فيها بمثابة فرملة اربعة اقطاب جهوية سياحيا تجمعها حدود ترابية بدرعة تافيلالت، والتي لا محال ستنتعش وتزدهر سياحيا واقتصاديا وتنمويا، وبالمقابل ستصبح قطبا عالميا وعاصمة سياحية بامتياز، خصوصا أن السياح الأجانب تغيرت نظرتهم اتجاه سياحة الفنادق بالمدن المزدحمة كمراكش، وفاس، واكادير.
إذ أضحوا يفضلون السياحة الجبلية والطبيعة الخلابة، والسياحة الواحية والتضامنية، وتسلق الجبال واكتشاف المضايق، ناهيك عن سياحة الإبل في صحراء محاميد الغزلان ومرزوكة، ثم المبيت تحت نجوم الصحاري وقرى اعالي الجبال للإستمتاع بفسيفسائها وعظمتها، بالإضافة إلى الغوص في السياحة الإيكولوجية واستكشاف الآثار والصخور المنقوشة والمغارات والمخازن الجماعية، والإستجمام في البحيرات والمناطق الغابوية الرطبة بأقاليم ميدلت، ورزازات، وتنغير.
أصبح من الضروري التفكير في تنويع العرض السياحي المغربي وبالخصوص في جهة درعة تافيلالت، واستغلال الفرص المتاحة لاسيما بعد جائحة كورونا، والطفرة الكروية لأسود الاطلس في مونديال قطر 2022، وشرف احتضان المملكة لمونديال 2030، والتحضير لهذه المحطة وهذا الحدث العالمي لا يجب أن تفسد نكهته لدى ساكنة جهة درعة-تافيلالت، من خلال إقصائها وحرمانها من مشاريع تنموية وبرامج سياحية وثقافية موازية لهذا الحدث داخل اقاليمها، ولا يمكن القبول بفرض عزلة أخرى عبر محطة مونديال 2030، على الجهة المحدثة بأقاليمها الخمس الرشيدية، ورزازات، ميدلت، زاكورة، وتنغير.
وهنا نسأل المسؤولين والقائمين على تدبير الشأن المحلي بالجهة من منتخبين وبرلمانيين، وسلطات محلية، وممثلو القطاعات العمومية، وحكومة صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، وكذا فعاليات المجتمع المدني والإعلام الجهوي والوطني، إلى أي حد ستظل التنمية متعثرة في هذه الربوع من تراب المملكة الغالية التي ضحى من أجلها أباؤها واجدادها ومن سبقوهم، في سبيل وحدتها الترابية وازدهار ساكنتها أمام تهميش واقصاء أبناء وفلذات اكبادهم في جهة درعة تافيلالت من التنمية الحقيقية كباقي الجهات الفريدة والإستثنائية لمغربنا..
مروان قراب/ إعلامي بدرعة تافيلالت ورئيس جمعية انصاف لحماية المستهلك بورزازات