الجمعة 10 مايو 2024
فن وثقافة

عبد السلام بوطيب يكتب: عندما تفتك بك الذاكرة ويقتلك التذكر.. تذكر أن بامكانك أن تحلم

عبد السلام بوطيب يكتب: عندما تفتك بك الذاكرة ويقتلك التذكر.. تذكر أن بامكانك أن تحلم عبد السلام بوطيب
إهداء: لي أصدقاء، ورفاق كثر من ضحايا الذاكرة؛ اليكم جميعا هذا الحب ؛ كنه ذاكرتنا المشتركة.
 
قبل القصيدة: في عمق الصورة المرافقة ملصق إعلاني للفنانة
مارينا أبراموفيتش، الفنانة المعاصرة المثيرة للجدل عبر تعبيراتها الجسدية.
 
 
تهليل: الماضي فات يا الشاغل بيه بالك مات!
ناس الغيوان.
 
القصيدة:
 
ذاع خبر؛
خبر يشبه نفسه؛
و يكاد ان يشبه لا خبر.
لكنه كان خبرا شغل الناس.
 
قوم خنقهم التذكر،
ونبض مخزونهم من الحلم.
 
قوم نخرهم الحزن.
 
غادروا أسرتهم،
ومقاهيهم الليلة التي يحاولون فيها مراودة أحلامهم، وسقيها، عندما يشتد عليهم الحزن، ويأخذهم اليأس أو ما يشبهه.
 
خرجوا الى ساحة عمومية،
جلسوا القرفصاء في دوائر مبعثرة،
كأنهم في حضرة فقيه لا يعرف لا صناعة الأقلام الخشبية،
ولا تحضير الصمغ،
ولا كيف للصلصال ان يمحو خربشات لوحاتهم الخشبية.
 
و بالأحرى أن يدلهم على وجود الله ، ويسقيهم كنه العبادات.
 
حاولوا ان يتذكروا اخر مرة حلموا فيها،
 
أغلقوا عيونهم بالرغم من أنهم يخافون الظلام،
………………….
لم تسعفهم ذاكرتم،
ظلوا صامتين،
بدون حركة.
لم ينتبه اليهم أحدا؛
لا المارة،
و لا من يتيهون ليلا في الساحة ينتظرون رداذ الصباح،
وولوج مراكب الصيد إلى الميناء،
 
حتى رفعوا عناوين احلامهم شعارات، و صور و أعلام .
 
شاع الخبر؛
حتى كاد أن يكون لا خبر،
 
لم يعد بإمكان القوم أن يوقفوا ذاكرتهم،
و لا أن يحلموا؛
و لا ان يتذكروا آخر مرة حلموا فيها،
و لا آخر مرة عانقوا احدا أو عانقهم أحدا،
و لا آخر مرة ضاجعوا فيها نسائهم،
و لا آخر مرة بعثوا فيها رسالة حب إلى أحد.
خرجوا الى الساحة رافعين أعلاما قديمة،وصورا بها رجل يحلم بما مضى ،
و أخرى لرجال يحاولون إيقاف ذاكرتهم
لتكف عن استرداد ما مضى.
 
صدح الخبر؛ أو لا خبر؛
وانتشر كما تنتشر قطرة زيت عندما تسقط على ورقة من دفتر تلميذ فقير.
قال عنه معلم أصيب لم يحلم إبدا أنه تلميذ كسول.
 
أيقظ الخبر ما نام في الناس؛
ما نام فيهم منذ أن توقفوا عن تذكر عودتهم من الجبل
و عن لمس ندوب القلب
التي تذكرهم بصعودهم إليه حاملين ذاكرتهم و أحلامهم،
و نزولهم منه يحضنون حزنهم.
و المآسي التي كتبوها على أنفسهم.
 
اهتزت المدينة،
 
ارتجت اركان المدينة؛
و المدن المجاورة على ايقاع الخبر ،
الناس تتذكر كثيرا؛
و لم تعد تحلم.
وقد قتلهم صمت ناطق بالمقدس.
و خنقتهم ضجيج الحنين إلى ما مضى.
 
بعد حين؛
انطفأ الخبر؛
بصمت مريب؛ هكذا!
هكذا، انطفأ الخبر .
 
سكت الناس كانهم في حضرة الموت ،
او في حضرة من يلاعب سيفها،
او يشد حبل المشنقة.
 
صمت.
 
كاد الخبر أن يقتلنا؛
 
أن يقتلنا ككلب دهسته سيارة أجرة بالية،
يقودها سائق مخمور كان ينصت لتلاوة نصوص دينية باللغة الكردية.
أن يقطف رأس الامل الذي أينع فينا.
 
لا خبر عن الخبر،
 
صمت؛
 
صمت رهيب يمتص قليلا من أملنا مرة أخرى.
 
الماضي فات يا الشاغل بيه بالك مات!
 
إمستردام 16 أبريل سنة الأمل.