الأربعاء 1 مايو 2024
كتاب الرأي

عبد الله رشاگ: الزكاة بين الشكلانية ومستجدات العصر..

عبد الله رشاگ: الزكاة بين الشكلانية ومستجدات العصر.. عبد الله رشاگ
ما زال رمضان لم ينتصف حتى بدأ عدد من الفقهاء والمتكلمين الحديث في الدين من أصحاب اللحى الكثة في أشرطة مرئية في لوك الحديث عن وجوب إخراج زكاة الفطر من الحبوب والتمور فقط، مرجعهم في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرجها كذلك من غالبية الحبوب التي تأكل منها الأسرة دون النقد.
وأفتى بعضهم بعدم جواز زكاة من يخرجها نقدا؛ ووصل الأمر ببعض المتكلمين أن حرم إخراج الزكاة نقدا واعتبر مخرجها هكذا ٱثما، إذا كان على علم وبينة أوأن إثم هذا الإخراج المخالف لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، حسب زعمهم، يقع على من أفتى له بها!.
نحن نتبع ونقتدي بفقه المقاصد.ما القصد من الزكاة .. أليس كفاية الفقير السؤال يوم العيد؟ إذا كانت الحبوب، من شعير وقمح وذرة وتمر تكفي مؤونة الفقير والمحتاج، فمن باب أولى أن تكون بالمال، الذي يحل محلها كلها ويقيمها، يستطيع الوفاء بكل تلك الحاجيات، لا تقتصر طلبات الفقير على الحبوب بل تتعداها إلى أشياء أخرى كثيرة، كالزيت والخضر واللحم والملح والصابون والقماش وأداء الديون. والمال يقضيها كلها..
أما الإلتزام الحرفي والشكلاني بإخراج الزكاة صاعا من حبوب أو أمدد من تمر، مما اعتادت عليه الأسرة، فهذه الأخيرة لم تعد تعتمد في حياتها على الحبوب لتأكل خبز دقيقها بل إن نسبة كبيرة من الأسر تقتني احتياجاتها من المخبزة، في ظل تغير ظروف العيش وخروج المرأة إلى العمل، ففي مثل هذه الحالات، وقياسا على إخراج الزكاة مما دأب الناس على أكله في حياتهم، فهل نكيل الخبز بالمكيال المشترى من المخبزة أم نزنه بالميزان؟ وكم عدد الخبزات ونوعها يجب على رب أسرة ما أن يزكي بها عن أهله؟ وقس على ذلك حالات أناس لهم عادات أكل لا يدخل في أغلبها الحبوب والتمور؟. ما العمل إذن في هذه الحالات وهي كثيرة؟
تغيرت عادات الناس في طرق المعيشة  وبقيت نفس المقاصد 
إن فقه المقاصد قد سد هذه الثغرات، والناس وجدت في الأمر تسهيلا عليهم وانتفاع الفقير من إخراج الزكاة نقدا أكثر مما سواه.
وهذه أمور حسم فيها عدد من العلماء والفقهاء منذ مئات السنين ، ونحن لا ننتظرمتكلما أو محدثا أوفقيها كي يفتي لنا في أمور أفاض فيها الفقهاء شرحا وتفسيرا واستحسنت غالبيتهم النقد بديلا عن الحبوب، لما في ذلك من فوائد ملموسة على الفقراء قبل المزكين.