السبت 27 إبريل 2024
منبر أنفاس

حسن برما: رمضانيات... قبل يوم الاحتجاج

حسن برما: رمضانيات... قبل يوم الاحتجاج حسن برما
نزل "حمادي" الأدراج من سكناه البئيسة المعلقة في سطح مشاع، كما نزل أدراج الشهرة الخادعة، بخفة مهرج لا يبالي بتصفيق وقهقهات جمهور يضحك بهيستيريا حتى تمتلئ عيونه بالدموع.
في بيت "التيجاني" عساس العمارة صادف المعلم المتقاعد "الداسوكو" رئيس السانديك، كانا يتناوبان على سبسي بشقف بلدي، يتبادلان أسرار السكان، ويعبران همسا عن سخطهما على من لا يلتزمون بتأدية واجب السانديك وإصلاحات لا تنقطع.
غير أسلوب التناوب الظاهري، ناوله "التيجاني" السبسي بشقفه المملوء كيفا، أخذ أنفاسا طويلة، أحس بخدر لذيذ يصعد جمجمته المتعبة، طالب بالمزيد من الشقوفة، ارتخت شرايين عقله الباطني، سعل طويلا، واستعاد جسده النحيل بعضا من حيويته التي راحت.
أخبر المعلم "الداسوكو" بنيته السفر إلى العاصمة، ناوله مفتاح شقته المسماة واقعا ومجازا بقبر الحياة الكائن في سطح متسخ ظل سببا لحروب عنترية بين سكان لا يتوقفون عن التطاول على حقوق الغير، طلب منه الاهتمام بكلبته "ريا"، وأوصاه بالعناية بأهل المكان.
كان الجيران يعرفون أنه توقف عن التمثيل والسفريات منذ شتت "الفراقشي" شمل الفرقة بتواطؤ من "ولد الميلودي" و "حسن المجهول"، اشتعلت نار الفضول، استباحت مخ "الداسوكو" المعطل، أضافت لدوخة الكيف الحكيمة نزوة الفضولي الأرعن، تناوبوا على السبسي وكموصة الميكا السوداء، وانطلقت دردشة الاستنطاق.
- تكلم أ السي حمادي، قلت غ تسافر للعاصمة، ياك ما كاين باس؟
- غ نمشيوا لمسيرة الممثلين نحتجوا على ولاد الحرام.
- تسمروا فيه ميت.. غ اللي حققوه السابقون تحققوه أنتم.
- ماشي مشكل المهم هو نوصلوا أصواتنا لأصحاب القرار.
- ياودي سير تجلس، خلي عظيماتك سالمين، وأنت ما فيك لحم تتحمل به ضرب هراوات المخزن.
- غ نمشي واللي ليها ليها، تا راهم قهرونا أصاحبي بالظلم والتجاهل والنكران.
- زعما زعما..غ اللي ربحوه المعلمين تربحوه أنتم.
- ماعلينا.. المهم نسمعوهم أصواتنا.
- مزيان الله يْغَلّبْكُم على من عاداكم وزيدك هاذ عكاز الطريق.
- جاك الخير أوجه الخير.
واصل الثلاثة التناوب على سبسي النبتة المقدسة، حلقت بهم دوخة من ليس عندهم لا شُغلا ولا مَشْغَلة في سماوات تفسير كل شئ بالمؤامرة، انصاعوا لسحر الكيف، استلذوا استنشاق دخان لا علاقة له بالأدخنة المسمومة، تحدثوا عن غضبهم بصيغ هادئة، ولم ينسوا الحديث عن زوار "عايشة" بائعة الهوى العنيفة.