يبدو آن ثمة رابط منطقي بين قصيدة الشاعر اليوناني كفافييس في قصيدته الطريق إلى إيتاكا، والطريق إلى المؤتمر الثامن عشر لحزب الاستقلال.
في قصيدة الطريق الى إيتاكا، الشاعر كفافيس يستعيد ملحمة الأوديسة ومحنة أوديسيوس للعودة بعد عشر سنوات من الحرب لاستعادة بيته وعائلته ووطنه.
بدأت رحلة الذهاب إلى المؤتمر الثامن عشر من حيث انتهت قصيدة كفافييس وهي نصيحة موجهة للبطل العائد: " مادمت قد صرت حكيما حائزا لكل هذه الخبرة والحكمة، فلا ريب أنك قد فهمت ما تعنيه الرحلة والايثاكات.
ثمة تشابه بين أوديسيوس بطل العائد الى إيتاكا، والأمين العام لحزب الاستقلال في حجم الصعوبات وتعقيدات الرحلة، حيث الذهاب إلى محطة المؤتمر الثامن عشر العام كان استثنائيا بسبب حجم العراقيل والجائحة وتداعياتها واختلاف وجهات النظر في مشاريع الإصلاح، ومخرجات خلوة الهرهورة، وانتخابات الإعادة لرئيس الفريق النيابي، وإكراهات تسيير وتدبير أزمة الماء، وما يطلبه ذلك من جهد متواصل ويقظة دائمة كلها عوامل جعلت من الذهاب إلى المؤتمر صعبا و شاقا.
الأمين العام للحزب رجل التوافق، جعل من الفعل السياسي شبيها بلعبة شطرنج معقدة وبحسابات رياضية دقيقة، الخطأ يقود إلى خسارة كبرى، لذا استطاع تحمل ضغط من جميع الجهات للإسراع في عقد المؤتمر والوصول إلى المحطة الثامنة عشر في الوقت المقرر تنظيميا.
كان يعتبر أن السرعة تقود إلى التسرع، وأن تنظيم المؤتمر ليس مهما بقدر أهمية النتائج التي سيفرزها، لذا كان يعتبر أن الطريق إلى المؤتمر أهم من المؤتمر ذاته، لأن الطريق يعني فسح مزيد من الوقت للنقاش، للتدافع، للاختلاف والترافع من أجل تدبير الاختلاف وبناء أرضية مشتركة للمؤتمر، تحترم قيمة الحزب وتاريخ لحزب وإكراهات الحاضر ورهانات المستقبل.
مرة قال الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة أن نزار البركة هو سياسي كبير، يعرف إدارة الصراع دون أن يدخل فيه” وهي عبارة ربما تحمل جزءا من الحقيقة، لكن ليس كل الحقيقة. لأن نزار البركة لا يتهرب من الصراع إن كان ذلك دفاعا عن توابث الحزب ومقدسات المملكة، وإنما يتجنب الحروب الهاشمية التي تستنزف الجهد والطاقة، وإن شئنا التدقيق نقول إن الأمين العام سياسي استراتيجي يعرف كيف يدير ويدبر حتى في اللحظات الصعبة والضاغطة بما يضمن وحدة الحزب وقوته.
أن يكون البركة مرشحا وحيدا لا يعني غياب الكفاءات، لكن هو اعتراف كل الاستقلاليين والاستقلاليات بقيمة الرجل الذي يعرف كيف يقود الحزب نحو المستقبل، وبحس وحدوي مسجم حيث حضور الجميع وكل القوى والكفاءات والمناضلين والقيادات والمرجعيات.
يبدو أن الطريق إلى المؤتمر الثامن عشر حتى وإن كان شاقا، لكنه طريق منتج للتوافق والتعاون عبر إدارة جماعية، تحضى بالاحترام والتقدير، بدءا من الأخ حمدي ولد الرشيد، نور الدين مضيان، عبد الواحد الفاسي، عبد الصمد قيوح، محمد حمدي ولد الرشيد ،النعم مبارة، الزومي خديجة، عبد القادر الكيحل، احجيرة، النعم مبارة والقادري وعبد الجبار الراشدي والمكاوي و كل الاستقلاليات والاستقلاليين.
قيمة هذه التجربة أنها أكدت طبيعة الحزب وخصوصيته وأنه قادر على امتصاص كل التوترات وتدبير الاختلافات وأنه الحزب الوحيد الذي لا يعرف الانشقاق حتى في أصعب اللحظات وإنما يملك ثقافة تدبير التعدد وتنمية الاختلاف.