لم تحمل خديجة رزاك الصفارة للفصل بين فريقين من منطلق حبها للتحكيم، ورغبتها في تقليد الحكام الرجال الذين سبقوها في الفصل بين المتبارين، بل لكونها كانت عاشقة لكرة القدم وأصرت بعد اعتزالها على الاستمرار في الملاعب.
خديجة رزاك، واحدة من السيدات اللاتي ساهمن في وضع الأسس الأولى لمنتخب كرة القدم النسوية، بل وكانت سباقة لدخول عالم التحكيم في المغرب، فقد كانت ضمن أول فريق مغربي يشارك في كأس أفريقيا للسيدات، بالإضافة إلى كونها أول سيدة تدير مباراة كروية في البطولة المغربية.
بدأت خديجة مسيرتها الرياضية كلاعبة لكرة القدم بفريق الاتحاد الرياضي التوركي، قبل أن تحمل قميص المنتخب المغربي النسوي، ضمن أول جيل من لبؤات الأطلس يخوض منافسات قارية وكانت في نيجيريا سنة 1998، بل إن هذه الفتاة العاشقة للكرة سجلت حضورها بتوقيعها هدفين.
جمعت رزاك بين دورين: لاعبة وحكمة، إذ أنهى دخلت ميدان التحكيم خلال الموسم الكروي 1995/1996. وتدرجت في جميع الفئات العمرية إلى أن وصلت لتحكيم مباريات القسم الوطني الأول. بدأت كحكمة مساعدة لكن خلال نفس السنة تم اختيارها حكمة رئيسية، وفي فترة التحول من اللعب إلى التحكيم كانت عين خديجة ترصد تحركات الحكام وأمام عينيها تتراقص شخصية حكمة قادمة.
مازالت خديجة، تتذكر أول مباراة في مشوارها التحكيمي، وهي مباراة ضمن بطولة الشبان بين فريقين: الأول متصدر للترتيب والثاني في الرتبة الخامسة والتي قالت عنها خديجة: "كانت هذه المباراة هي انطلاقتي في مشوار التحكيم والحمد الله تمكنت من قيادتها بشكل جيد".
عجل غياب بطولة نسوية لكرة القدم في تلك الفترة، باقتحامها مجال التحكيم الذي كان يحتكره الرجال، تتذكر خديجة أيامها الأولى في الملاعب كقاضية تفصل بين فريقين: "عندما علمت بأن عصبة الغرب تبحث عن شابات لهن رغبة في دخول مجال التحكيم، تحمست للفكرة وكنت من بين الأوائل".
طبعا لم تكن طريق هذه الفتاة الطموحة في ميدان التحكيم مفروشة بالورود، بل واجهت مجموعة من الإكراهات، لكن همها الوحيد حينها كان هو التأسيس للتحكيم النسوي المغربي وإنهاء الهيمنة الذكورية على هذا القطاع. كان الرهان ممكنا لكنه صعب: "كنت استشعر المسؤولية الملقاة على عاتقي، بل وكنت متحمسة للنجاح، وهذا ما دفعني للاجتهاد في مجال وضعته صوب عيني ما جعلني أنال الثقة، لأصل إلى مباريات القسم الأول، وأصبح حكمة دولية، لقد كنت على يقين بأن التحكيم ليس حكرا على الرجال فقط، ولما أتيحت لي الفرصة استطعت أن أتبث أن التحكيم المغربي النسوي سيكون ناجحا والدليل اليوم هو العدد الهائل من الحكمات في المغرب".
ولأنها حكمة زادها الطموح، فإنها تسلحت بما يكفي من الجرأة لاجتياز أول اختبار. إلى اليوم مازالت حكمتنا تتذكر المباراة التي جمعت بين الرشاد البرنوصي وفتح الناظور، برسم بطولة القسم الوطني الثاني: "أتذكر حينها أنني عندما كنت في طريقي لرقعة الملعب شد انتباهي الإنزال الأمني الكثيف الذي كان بجنبات الملعب، لكن عندما بدأت أطوار المباراة قيل لي أنها مباراة حساسة لكنني تعاملت معها ككل المباريات، وانتهت بالتعادل بهدفين لمثلهما وبعدها تلقيت التهنئة من طرف الجميع".
كانت خديجة رياضية متعددة الاختصاصات، تشارك في كل الأنشطة الرياضية فردية كانت أو جماعية، بل إنها حصلت على الحزام الأسود في رياضة فنون القتال، كانت تؤمن بأن الرياضة حق مكفول للمرأة والرجل وكان حلمها الكبير قيادة مباراة ديربي بين الرجاء والوداد.