-1تحضيرات عسكرية صهيونية تمهيدا لمجازر نكبة 1948
لتسهيل سبل قيام الدولة الصهيونية، منحت سلطات الانتداب البريطاني للحركة الصهيونية حق التصرف في جزء صغير من أرض فلسطين، سيلعب هذا الحق دورا خطيرا للسيطرة على كل فلسطين، إذ اعتبره الصهاينة بمثابة الضوء الأخضر لتأسيس الدولة الصهيونية. في نهاية الثلاثينات من القرن الماضي، نجح قادة الحركة الصهيونية في تحويل الفكرة المجردة للاستثناء اليهودي إلى خطط تمارس على أرض الواقع ، بدأوا يستعدون بجدية لغزو كل فلسطين بالقوة، في حالة ما لم يحصلوا عليها بالدبلوماسية، اهتموا أولا ببناء منظمة عسكرية فعّالة بمساعدة من ضباط بريطانيين متعاطفين ، والبحث عن موارد مالية واسعة ، والتماسها من الجالية اليهودية ، وإنشاء هيكل دبلوماسي يتواصل مع الغرب ، كل هذه الاستعدادات مثلت جزءًا من التحضيرات العامة، التي كانت تهدف إلى تركيز جذور دولة عنصرية على أرض فلسطين بالقوة.
ساهم الضابط البريطاني، أورد تشارلز وينغيت بشكل كبير في جعل قادة الصهيونية يدركون تمامًا، أن فكرة دولة يهودية يجب أن تكون مرتبطة بشكل وثيق بالقوة العسكرية وتأسيس جيش، لحماية الأجزاء المقتطعة والمستوطنات اليهودية التي كانت تتكاثر داخل فلسطين، وإحباط كل أشكال المقاومة المحتملة من طرف الفلسطينيين.
وُلد أورد شارلز وينغيت في الهند في بداية القرن العشرين في عائلة عسكرية، تلقى تربية دينية، اشتغل بالسودان في السودان، عام 1936، نقل إلى فلسطين، انخرط بسرعة في الحلم الصهيوني، فقرر أن يشجع المستوطنين اليهود، وبدأ في تدريس تكتيكات القتال ووسائل الردع الفعّالة ضد السكان الأصليين. قام الضابط البريطاني أورد شارلز وينغيت بتحويل المنظمة العسكرية المعروفة باسم الهاغانا، التي تأسست عام 1920، إلى تنظيم قتالي رئيسي للحركة الصهيونية. تحت تأثير وينغيت، أصبحت الهاغانا الذراع المسلح للوكالة اليهودية، وهي الهيئة الرائدة للصهيونية في فلسطين، وهي التي قامت في النهاية بوضع وتنفيذ خطط التطهير العرقي والغزو العسكري لكامل التراب فلسطيني.
مثلت الثورة العربية فرصة لا تعوض، استغلها أعضاء الهاغانا لتطبيق التكتيكات العسكرية التي علمهم إياها وينغيت، اتخذت في البداية شكل عمليات انتقام، استهدفت بعض المقاومين الذين كانوا يقومون بعمليات فدائية على طول الطرق، أو بعض ممن كانوا يسرقون مواد غذائية من الكيبوتسات، كما استغلت الهاغانا الظروف لبث الخوف والهلع بين سكان القرى الفلسطينية القريبة من المستوطنات اليهودية.
نجح وينغيت في إقناع بريطانيا بقبول قوات الهاغانا أن تكون طرفا يساعد قواتها خلال الثورة العربية سنة 1936، في يونيو 1938، خاض جنود الهاغانا تجارب عدة لتطبيق تكتيك وطرق احتلال موقع فلسطيني ، حيث هاجمت وحدة من الهاغانا بمشاركة جنود بريطانيين قرية على الحدود بين فلسطين ولبنان ، استمر احتلالها لبضع ساعات، يذكر أماتسيا كوهين، أحد أعضاء تلك الوحدة، أن الرقيب البريطاني قدم لهم عرضا عن كيفية استخدام السيف الثابت (BAYONETTE)لمهاجمة القرويين العرب قال لهم : "أعتقد أنكم لا تعرفون الاستخدام المثالي للسيف الثابت عند مهاجمة هؤلاء العرب القذرين!" كما اكتسبت الهاغانا خبرة عسكرية قيمة خلال الحرب العالمية الثانية، حيث شارك الكثير من جنودها كمتطوعين في الجيش البريطاني، وبقي آخرون في فلسطين، يتسللون إلى القرى الفلسطينية، وأراضي المزارعين التي تعود ملكيتها لعائلات فلسطينية منذ قرون.
-2 استعدادا للتطهير العرقي، إعداد سجلات القرى والقرويين.أعلى النموذج
لطرد الفلسطينيين من أراضيهم، احتاج الصهاينة إلى جمع معلومات دقيقة عن القرى الفلسطينية لوضع سجلات خاصة بكل قرية وسكانها، رأى مؤرخ شاب من الجامعة العبرية، يسمى بن زيون لوريا، أن هذه السجلات ذات فائدة كبيرة، لأنها سيساعد الصهاينة كثيرًا في شراء الأراضي، لهذا اقترح أن يتم تنفيذ هذا العمل من قبل الصندوق الوطني اليهودي، الذي ستكون له المبادرة في رسم خطط طرد الفلسطينيين من أراضيهم، وبدء عمليات التطهير العرقي.
تأسس الصندوق الوطني اليهودي (le fond national juif) FNJ سنة 1901، كان الأداة الرئيسية للحركة الصهيونية لتنفيذ خطط الاستيطان في فلسطين، بواسطته كانت الحركة تشتري الأراضي الفلسطينية، ثم توطن بها المهاجرين اليهود، تم إنشاء هذا الصندوق من قبل الكونغرس الصهيوني الخامس، وكان أداة فعالة لصهينة فلسطين طوال فترة الانتداب، تم إنشاؤه ليشرف نيابة عن الشعب اليهودي على إدارة الأراضي التي اشتروها، وقد حافظ على هذه الوظيفة بعد إنشاء الدولة الصهيونية.أعلى النموذج
معظم نشاطات الصندوق الوطني اليهودي ،خلال فترة الانتداب وبعد حدوث النكبة ،كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بصهيوني اسمه يوسف وايتز، رئيس خدمة التوطين في فلسطين، كانت أولوية وايتز الأساسية في تلك الفترة، تسهيل طرد الفلاحين الفلسطينيين الذين كانوا يشتغلون في الأراضي التي تم شراؤها من المالكين غير القاطنين بأراضيهم ، أو المتواجدين خارج البلاد، هذا الإجراء خالف العادة، فعندما تتغير ملكية الأرض ، لا يعني ذلك أن الفلاحين أو سكان القرى يجب عليهم أن يغادروا مساكنهم ، لأن فلسطين كانت مجتمعًا زراعيًا، وكان المالك الجديد بحاجة إلى الفلاحين لمواصلة زراعة أراضيه، ولكن مع وصول المستوطنين تغير كل شيء.
كان وايتز يتوجه شخصيًا مع مساعديه المباشرين إلى أراضي المزارعين، ليحث المستوطنين اليهود الجدد على طرد الفلاحين المحليين، كتب له يوسف نحماني أحد أقرب مساعديه:" للأسف الفلاحون لا يرغبون في المغادرة، وأن بعض أصحاب الأراضي الجدد من اليهود يظهرون جبنًا، فيسمحون لهم بالبقاء". كانت مهمة نحماني وغيره من مساعدي وايتز ، حث المالكين الجدد للأراضي الفلسطينية ألا يظهروا ضعفا تجاه الفلاحين ، تحت إشرافهم أصبحت عمليات الطرد أكثر انتشارًا وذات فعالية ، كان تأثير هذه الأنشطة الاستيطانية في تلك الفترة محدودًا، لأن الموارد المالية كانت محدودة جدًا، وكانت المقاومة الفلسطينية شرسة، كما كانت السياسة البريطانية تراقب وتقيد تلك الأنشطة .
في نهاية الانتداب، عام 1948، كان المستوطنون الصهاينة يسيطرون على ما يقارب 5.8٪ من أراضي فلسطين، لكن شهيتهم لالتهام كل فلسطين كانت مرتفعة، لهذا السبب دعم وايتز مشروع سجلات القرى، واقترح فورا أن يصبح مشروعًا وطنيًا. أبدى كل المسؤولين الصهاينة حماسا كبيرا تجاه فكرة وضع سجلات لكل القرى الفلسطينية، فهذا يتسحاق بن زفي، عضو بارز في القيادة الصهيونية، وثاني رئيس للكيان الصهيوني 1952 ، يشرح في رسالة إلى موشي شاريت، رئيس قسم الشؤون السياسية في الوكالة اليهودية، أن المشروع يجب أن يشمل إلى جانب الرسم الطبوغرافي للقرى الفلسطينية، عرضًا لـلأصول العبرية لكل قرية، كان الهدف الرئيسي هو رسم خرائط مفصلة للقرى الفلسطينية ، على أساسها سيتم التخطيط لمهاجمتها وضمها إلى الكيان الجديد، لتنفيذ العملية تم توظيف طوبوغراف من الجامعة العبرية ، كان يعمل في الخدمة الخرائطية للانتداب، اقترح على المسؤولين الاعتماد على التصوير الجوي، وبفضله استطاع أن ينجز خرائط دقيقة ، كما قدم لديفيد بن غوريون خريطتين ، لقريتي سنديانا وصبارين، نشير إلى أن الخريطتين الموجودتين في أرشيف الكيان الصهيوني ، هما الأثر الوحيد الدال على وجود القريتين قبل حلول نكبة 1948. بعد نجاح عملية التصوير الجوي انضم إلى المشروع أفضل المصورين المحترفين، أمثال يتسحاق شفير ومارجوت ساده، زوجة يتسحاق ساده، قائد في الهاغاناه، كما تم تجهيز مختبر تصوير سري في منزل مارجوت ساده تحت غطاء شركة للري، حتى لا تلتفت إلى مخططاتهم السلطات البريطانية، خاصة وأن البريطانيين كانوا يظنون أن الحركة الصهيونية تقوم بأنشطة استخباراتية غير قانونية موجهًة ضد بريطانيا العظمى، عام 1947، تم نقل الخدمة الخرائطية بأكملها إلى البيت الأحمر، وهو المكان السري لأرشيف الهاغاناه
نهاية الثلاثينات كانت كل السجلات عن القرى الفلسطينية جاهزة ، كانت تضم تفاصيل دقيقة عن الموقع الطبوغرافي لكل قرية، وطرق الوصول إليها، وجودة أراضيها، ومواردها المائية، ومصادر دخلها الرئيسية، وتكوينها الاجتماعي والسياسي، وانتماءاتها الدينية، وأسماء كبارها أو شيوخها ، وعلاقاتها مع القرى الأخرى، وعمر سكانها الذكور، ومؤشر العداء تجاه المشروع الصهيوني، وقياس درجة مشاركة سكان كل قرية في ثورة 1936، وتحديد قائمة بجميع الذين شاركوا فيها ،والعائلات التي فقدت أحد أفرادها في المعارك ضد البريطانيين، أما الذين أشيع أنهم قتلوا يهودًا، فقد كانوا محل اهتمام خاص من طرف الهاغاناه التي سترتكب جرائم إبادة في حق سكان القرى الفلسطينية عام 1948 )الإعدامات الجماعية والتعذيب.(
أدرك أفراد الهاغاناه العاديين الذين كلفوا بجمع البيانات خلال رحلات استطلاعية في القرى ، أنهم لا يقومون بتمرين جغرافي بسيط، وإنما يدخل عملهم في إطار الإعداد للسيطرة على كل فلسطين، وقد أشار إلى هذا موشيه باستيرناك، الذي شارك في إحدى أولى العمليات من هذا النوع عام 1940، حيث كتب : "كان علينا دراسة البنية الأساسية للقرية العربية، وأفضل طريقة لمهاجمتها ،في المدارس العسكرية تعلمنا كيفية مهاجمة مدينة أوروبية حديثة، ولم نتعلم كيف نهاجم قرية بدائية في الشرق الأوسط ، لا يمكن أن نقارنها بقرية بولندية أو نمساوية، إن القرية العربية على عكس القرى الأوروبية، كانت مبنية جغرافيًا جنب السفح، لذا كان علينا معرفة ما إذا كان من الأفضل الاقتراب منها من الأعلى أو الدخول من الأسفل، كان علينا أن نكون شبكة من المتعاونين من العرب، ونعلمهم كيفية العمل بطريقة فعالة لجمع الأخبار ." في البداية وجدوا صعوبة لاستقطاب العرب في العمل الاستخباراتي، لهذا مثل مشروع تكوين شبكة من المخبرين العرب مشكلة بارزة بالنسبة للحركة الصهيونية، وكان سؤال يتكرر بين المسؤولين عن ملء السجلات بالأخبار والمعلومات: "كيف يمكن إنشاء نظام استخباراتي بأشخاص بدائيين ووحشيين ؟ ... أناس يحبون شرب القهوة ويأكلون الأرز بأيديهم؟ " سنة 1943، ساد الانطباع بأنهم أنشأوا أخيرًا شبكة مخابراتية ضمت مجموعة من الفلسطينية، لهذا وفي نفس السنة، تم إعادة هيكلة ملفات القرى وأصبحت أكثر تنظيمًا تحت إشراف إزرا دانين، الذي سيلعب دورًا حاسمًا في التطهير العرقي في فلسطين.
لقد منح إزرا دانين، الذي تم اختطافه من مزرعته الناجحة للحمضيات، فعالية جديدة لعمل التجسس وتنظيم ملفات القرى، بعد 1943 أصبحت سجلات القرى تتضمن وصفا مفصلًا لبيانات ومعلومات كثيرة ، منها معدات تربية الحيوانات، الأراضي المزروعة، عدد الأشجار في البساتين، جودة كل بستان ،جودة كل شجرة على حدة، المساحة المتوسطة للأرض لكل عائلة، عدد السيارات، والتجار، والعمال في الأوراش، وأسماء الحرفيين في كل قرية مع مهاراتهم، ز وقت لاحق تم إدخال معلومات دقيقة جدًا حول كل عشيرة وانتماءاتها السياسية، وتفاصيل حول التدرج الاجتماعي بين الشخصيات المرموقة والفلاحين البسطاء، بالإضافة إلى أسماء المسؤولين في إدارة الانتداب. سنة 1945 تم جمع بيانات أخرى، مثل وصف المساجد في القرى؛ اسماء أئمتها، مع تعليقات من نوع: "هو رجل عادي"؛ وصف دقيق للصالونات في منازل الشخصيات المرموقة، ومع اقتراب نهاية فترة الانتداب، تحول التركيز بشكل أكثر وضوحًا على المعلومات العسكرية: عدد الحراس، لاحظوا أن معظم القرى لم يكن لديها حراس، وكمية وجودة الأسلحة التي يمتلكها أهالي القرى وعادة ما تكون قديمة أو غير موجودة.
قام إزرا دانين بتجنيد يعاكوف شيموني، وهو يهودي ألماني سيصبح لاحقًا واحدًا من أعظم المستشرقين في الكيان الصهيوني، كلفه بمهام خاصة داخل القرى، منها مراقبة عمل المتعاونين، وقد كان بينهم متعاون عربي عرف باسم المخزن، كان مصدرا غزيرا للمعلومات التي أثرت السجلات، وكان يشرف على شبكة المتعاونين من عام 1941 إلى 1945،لكن افتضح أمره عام 1945 وتم قتله على يد نشطاء فلسطينيين.
انضم ازرا دانين ويعاكوف شيموني إلى شخصين آخرين، هما يهوشوع بالمون وتوفيا ليشانسكي، كلهم شاركوا في التحضير لتطهير فلسطين عرقيًا. كان توفيا ليشانسكي يعمل ، مديرًا للحملات الموجهة لطرد المزارعين الذين استمروا في العيش على الأراضي التي اشتراها الصندوق الوطني اليهودي من أصحابها الحاضرين أو الغائبين، كان يستخدم كل طاقته لتخويفهم ثم طردهم بالقوة من الأراضي التي امتلكتها عائلاتهم طيلة قرون.
قريبًا من قرية فريديس والمستوطنة اليهودية زخرون يعاكوف، تقع قرية شفيا ، كانت تضم مأوى للشباب الصهيوني سنة 1944،تدربوا على التحدث بالعربية ،وتقليد أساليب حياة وتصرفات الفلسطينيين الريفيين، كانت قرية شفيا تشبه إلى حد كبير قرية جواسيس من عصر الحرب الباردة.
يسترجع أحد أوائل المجندين في هذا المعسكر الخاص للتدريب ذكرياته، بدءا من أول مهمة استطلاع في قرية قريبة من المعسكر ،تسمى أم الزينات، عام 1944، كان الهدف هو إجراء تحقيق حول هذه القرية وجلب بعض المعلومات ، مثلا أين يعيش شيخ القرية، أين يقع المسجد، وأين يعيش أثرياء القرية ومن كان نشطًا في ثورة 1936، لم تكن المهمة صعبة وخطيرة ، كان يعلم المتسللون أنهم يمكن أن يستغلوا شيمة الضيافة العربية التقليدية ؛ تمت دعوتهم لزيارة شيخ القرية ، وبما أنهم لم يجمعوا جميع البيانات المرغوبة في يوم واحد ، طلبوا لقاء آخر مع شيخ القرية ، في زيارتهم الثانية، تم تكليفهم بالبحث عن معلومات حول خصوبة الأرض، سنة 1948، تم تدمير أم الزينات وطرد جميع سكانها.
سنة 1947 تم التحديث النهائي لسجلات القرى ، بهدف إعداد قوائم للأشخاص المطلوبين في كل قرية، سنة 1948، استخدمت القوات الصهيونية هذه القوائم في عمليات البحث واعتقال المطلوبين فور احتلالها لقرية ما، كان المحتلون الصهاينة يأمرون الرجال بالوقوف في صف ، ثم يشرعون في تحديد الأشخاص المسجلين على القوائم، غالبًا من قبل نفس الشخص الذي قدم معلومات عنهم، يقوم بهذه العملية وهو يغطي رأسه بكيسً من قماش به فتحتان للعينين حتى لا يتم التعرف عليه ، كل الرجال الذين يخرجونهم من الصفوف غالبًا ما يتم إطلاق النار عليهم في عين المكان.
ما هي المعايير المعتمدة لإدراج الشخص في هذه القوائم؟ من بين أهم المعايير المعتمدة ،التحاق الشخص بالحركة الوطنية الفلسطينية، الحفاظ على علاقات وثيقة مع زعيمها المفتي الحاج أمين الحسيني، المشاركة في أعمال ضد البريطانيين والصهاينة ، كان يمكن أن يظهر أي الشخص في هذه القوائم لأسباب أخرى منها الادعاءات وتصفية الحسابات أو لأسباب ليست ذات أهمية ، على سبيل المثال: "نعلم أنه ذهب إلى لبنان"، أو "تم اعتقاله من قبل السلطات البريطانية بصفته عضوًا في لجنة وطنية في القرية".
بالنسبة لقوائم الفئة الأولى ، التي تحمل أسماء أشخاص مسجلين " خطير" بحكم انخراطهم في المقاومة أو لالتزامهم مع الحركة الوطنية الفلسطينية ، ضمت عددا هائلا من الأشخاص ،أحيانا سكان قرية بأكملها ،بسبب علاقتهم بالمفتي الحاج أمين الحسيني ، أو الانتماء إلى الحزب الذي يديره ، وهذا الأمر كان شائعًا في العديد من القرى، خاصة أن حزب أمين الحسيني لم يتوقف عن السيطرة على الساحة السياسية المحلية الفلسطينية ، منذ إقامة الانتداب البريطاني الرسمي سنة 1923 ، وفاز أعضاؤه في الانتخابات الوطنية والبلدية، كما كانوا يشغلون المناصب الرئيسية في اللجنة العليا العربية، التي أصبحت تمثل اللبنة الأولى لقيام حكومة فلسطينية، لكن كل هذا الحراك السياسي كانت تعتبره الحركة الصهيونية جريمة .
ذكر يغائيل يادين: إن المعلومات الدقيقة والمفصلة بما يحدث في كل قرية فلسطينية ،هي التي سمحت للقيادة العسكرية الصهيونية بأن ترتكب جرائم الإبادة الجماعية في حق الفلسطينيين إبان نكبة 1948 ، لأنها استنتجت في نوفمبر 1947 أن الفلسطينيين لا يتوفرون على من ينظمهم بشكل صحيح ، المشكلة الوحيدة التي واجهتها القوات العسكرية الصهيونية هي الوجود البريطاني ، كان الصهاينة يرددون : "بدون البريطانيين، كنا سنسحق في شهر واحد الثورة العربية المعارضة لقرار الأمم المتحدة لعام 1947 بشأن تقسيم فلسطين. "
يتبع
عن كتاب: Le nettoyage ethnique de la Palestine Ilan Pappé
ترجمة وإعداد: عبد المجيد طعام (بتصرف)