الخميس 6 فبراير 2025
مجتمع

أحمد صحيف: "صخرة أموني" الشاهدة على انكسارات حاضرة المحيط أسفي

أحمد صحيف: "صخرة أموني" الشاهدة على انكسارات حاضرة المحيط أسفي أحمد صحيف وصخرة أموني
كشمعة تذيب نفسها، لتنير عتمتنا، كقطعة خشب تحترق لتدفئتنا، كنحل اليعسوب الذي يقدم روحه، لتعيش خلية النحل وتتكاثر. هكذا هي صخرة أموني الشامخة، الممتدة على طول ساحل المحيط الأطلسي جنوبا بحاضرة المحيط أسفي. 
صامدة لقرون طويلة، في مواجهة أمواج عاتية، أمواج سادية، كسرت أضلعها، وحفرت ثقوبا كثيرة في جسدها، تسللت وانتشرت كالسرطان داخلها. لم تستسلم الشامخة أموني، وظلت واقفة بكبرياء في مواجهة الضربات العنيفة، ولمواجهة أمواج البحر العاتية، أمواج ألفت قرع الطبول فوق ظهر الصخرة، والرقص على جنباتها، وتشكيل قوس قزح مستعينة، بخيوط شمس الصباح.
توالت السنين، وسقطت أطراف قصر البحر التاريخية، ولم تسقط الصخرة. بكت دمعة على قطعة ألفتها فوق ظهرها لقرون، حيث كانت تجعلها تحس بالأمان والاطمئنان، وهي تربت على ظهرها. تلك الأطراف التاريخية التهمها الجائع الأزرق في رمشه عين، وغاصت في الأعماق بقايا من طعام تربة وحجارة ومآثر تاريخية.
أكل المحيط فريسته، ولم يشبع بعد، وصار يبحث على ما تبقى من جسد هذه المعلمة التاريخية بأسفي. لقد استطاع هذا الأزرق أن ينفذ لأعماق المدينة، وبات ينهش جسدها العليل، وطموحاته أصبحت أكبر بكثير، فالصخرة أموني، لم تعد تقوى على تحمل الكثير، وبات من الضروري علينا التفكير في تقوية الصخرة، ومن فوقها، وما تحتها حتى لا نفقد كل شيء.