دق مركز"أوميغا" للأبحاث الاقتصادية والجيوسياسية، ناقوس الخطر فيما يخص أزمة الماء التي بدأت تهدد المغرب في السنوات الأخيرة.
إذ حاول المركز في إصداره الجديد بعنوان "أزمة الماء بالمغرب، كيف نحل الإشكالية دون خلق ستة مشاكل أخرى" والذي صدر في فبراير 2024، وضع الأصبع على هذه الإشكالية وعرض بعض الحلول لمواجهة وضعية الإجهاد المائي الذي تعرفه المملكة.
واعتبر المركز في الفصل التمهيدي لهذا الإصدار الجديد أن هناك عدة حلول لكن بلورتها على أرض الواقع تقتضي قدرا كبيرا من الحذر، حتى لا تتسبب في أعراض جانبية توازي أحيانا أضرارها ما يخلفه الإجهاد المائي، كالمخلفات السلبية لأشغال تحلية مياه البحر على الصيد التقليدي، على سبيل المثال.
وترى الورقة السياسية التي تضمنها الإصدار الجديد لمركز أوميغا للأبحاث الاقتصادية والجيوسياسية، أن المغرب يواجه جفاف حاد يهدد تنزيل النموذج التنموي الجديد. لذلك يبدو أن تحيين المخططات الترابية والقطاعية مسألة استعجالية لتأمين الانتقالات، بالإضافة لمقاربة اجتماعية تعيد النظر في تنسيق المبادرات ونتائجها الاجتماعية والبيئية للاستثمار العام والخاص.
وحسب التقرير فإن ندرة الماء تضع المغرب أمام تحد كبير يفرمل عددا متزايدا من المشاريع المهيكلة، فتدبير العوامل الخارجية السلبية لتحلية مياه البحر ووضع تجهيزات الطاقة الشمسية داخل المدار القروي اصبحت رهانا مجتمعيا يتطلب مواكبة تقنية-اجتماعية لتفادي أن يتم هذا التحول على حساب الفلاحة والعالم القروي.
وتحت عنوان "جفاف وأيام صعبة في انتظارنا"، استدل التقرير بالوثيقة السياسية لمركز السياسات للجنوب الجديد (PCNS) والذي صدر في ماي 2023، بعنوان "مع ندرة الماء والضرورة الملحة لتحقيق الأمن الغذائي"، والتي أكدت "أن المغرب يعتبر من أكثر دول العالم التي تشهد إجهادا مائيا والذي يحدد بأقل من ألف متر مكعب لكل فرد في السنة والذي سيزداد تفاقما مع التغيرات المناخية في السنوات القادمة".
واستنجد التقرير بلغة الأرقام التي ترسم صورة "مرعبة" عن أزمة الماء القادمة، فبين 1960 و2020 تراجعت الحصة المائية لكل فرد بالمغرب من 2560 متر مكعب لحوالي 620 متر مكعب في السنة أي الحصة الفردية تقترب لمستوى الندرة المقدر بـ 500 متر مكعب للفرد في السنة.
ويؤكد مركز أوميغا للأبحاث الاقتصادية والجيوسياسية، أنه رغم وعد الحكومة بخلق عدة مراكز لتحلية ماء البحر ورفع عددها من تسعة إلى 20 في الأفق سنة 2030، فإن الموجودات المائية ستنقص وسترتفع الحاجيات الاستهلاكية الحضرية والصناعية من 60 في المائة إلى 100 في المائة بالمدن الكبرى، في الوقت الذي سترتفع درجات الحرارة السنوية من 1.5 في المائة و3 في المائة في أفق 2050 وربما ازيد من 5 في المائة مع نهاية القرن. فمن اليوم إلى العام 2090 سترتفع الحرارة بـ 10 في المائة وتنخفض معدلات التساقطات بـ 20 في المائة في حين يصل هذا المعدل إلى ناقص 30 في المائة في منطقة الساحل.
ويرى المركز للوقوف أمام هذه المخاطر، لابد من اتخاذ إجراءات مستدامة ولو كانت مكلفة من الجانب الاجتماعي والبيئي. لأن تأخير اتخاذ الإجراءات سيفاقم الوضع ويجعل الكلفة أكبر والنتائج أخطر. وحتى يتم السيطرة على الكلفة بالنسبة للفاعلين المحليين والوطنيين الذين يوجهون بشكل مسترسل في وضعية صعبة، من الأجدر إعطاء أولوية للأنشطة القادرة على الزيادة في المداخيل ونقص مستوى الفقر بتحسين الجدودة أي قيمة الإنتاج دون الزيادة من حجم استهلاك الماء ومساحة الضيعات الزراعية على سبيل المثال.