من المتوقع أن تغير الديبلوماسية الإسبانية من أسلوب تعاطيها مع جبهة البوليساريو لاعتبارات ميدانية تتعلق بتغير الموقف الإسباني من قضية الصحراء، وكذلك لفشل اعتبار البوليساريو “حصان طروادة” لكسب الرهان، أو لكسب فوائد في المنطقة، أو لضبط التوازنات الإقليمية، أو مراقبتها في هذه المنطقة.
نحن اليوم على وقع فريد من التغيرات في ممارسة السياسة الخارجية الإسبانية بعد حل الأزمة، أو بعد التوقيع على خارطة الطريق بين المغرب وإسبانيا، وبالتالي لاحظنا أن هناك تطور في السلوك الإسباني من خلال العديد من الممارسات بعد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي. هناك كذلك مجموعة من المؤشرات التي بدت واضحة من خلال استمرارها على نفس الموقف، بالرغم من الضغوطات التي قامت الجزائر بممارستها على إسبانيا، إن على المستوى السياسي، أو التجاري، والاقتصادي، تم كذلك إسبانيا في سياق التأكيد على استدامة موقفها من العلاقة مع المغرب، لاسيما بعد موقفها الأخير، حيث برزت خرائط على موقع وزارة الخارجية الإسبانية تشمل الخارطة المغربية كاملة، كما أنه على مستوى موقع الجريدة الرسمية لدولة إسبانيا، كانت هناك إشارات إلى سيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية.
اليوم إذن، هناك تغيرات كبيرة في أسلوب إسبانيا تجاه البوليساريو، وتجاه الصحراويين، وتجاه الأنشطة التي كانت تقوم بها جبهة البوليساريو، وأتوقع أن يتوقف التعامل مع ممثلي البوليساريو، كما أتوقع أن يتم التقليص من المساعدات الإنسانية، أو على الأقل مراقبة هذه المساعدات بشكل دقيق. أتوقع أيضا أن يتوقف برنامج المخيمات الصيفية الذي كانت تعتمده إسبانيا لصالح الأطفال المتواجدين بمخيمات تيندوف، أتوقع أيضا مراقبة أو تقوية وضبط العلاقة على مستوى منح الجنسية لبعض ساكنة مخيمات تيندوف، وخاصة الانفصاليين، هذا بالإضافة إلى وقف برامج الإسناد الإعلامي التي كانت تتمتع به البوليساريو في العهد القديم لنسق السياسة الإسبانية.
هناك جملة من المتغيرات التي سنلاحظها بعد تطور الموقف الإسباني في قضية الصحراء، والذي يمكن أن ألخصه في عدد من الأمور، ويتعلق الأمر بـ”
- مراجعة المساعدات الغذائية.
- البوليساريو لم تعد فرس الرهان في المنطقة لكي يحقق لإسبانيا مكاسب مالية.
- إسبانيا ستصحح علاقتها في ما يتعلق بمنح الجنسية للانفصاليين.
- تقوية المراقبة القانونية للانتهاكات التي يمارسها عدد من أعضاء جبهة البوليساريو.
وسيستمر هذا الحظر، وهذا الإجهاز على المكتسبات التي كانت لجبهة البوليساريو عقب تجدد الصراع الديبلوماسي بين إسبانيا، والجزائر غداة تراجع الجزائر عن استقبال وزير خارجية إسبانيا مؤخرا، وبالتالي ستستمر إسبانيا في تضييق الخناق على جبهة البوليساريو بعد فشل كل الإمكانيات التي قدمتها إسبانيا لجبهة البوليساريو لكسب رهان البقاء في المنطقة لضبط التوازنات الدولية والجيوستراجية أيضا.