الأربعاء 27 نوفمبر 2024
اقتصاد

عمر طنان: الحاجة لوضع استراتيجية وطنية للابتكار وتعزيز الاختراع بالمغرب

عمر طنان: الحاجة لوضع استراتيجية وطنية للابتكار وتعزيز الاختراع بالمغرب عمر طنان، منسق مركز دعم الابتكار التكنولوجي بكلية العلوم بنمسيك بالدار البيضاء
يشرح عمر طنان، منسق مركز دعم الابتكار التكنولوجي بكلية العلوم بنمسيك بالدار البيضاء،  أبرز  المعيقات أمام إنتاج براءات الاختراع في المغرب.
وإلى جانب الحاجة إلى وضع استراتيجية وطنية للابتكار، قدم في حوار مع "
أنفاس بريس"  مجموعة من الحلول التي تعتمدها الدول المتقدمة، منها وضع مكتب نقل التكنولوجيا بداخل الجامعة، مع العلم أن هناك جامعة واحدة بالمغرب تتوفر على هذا النوع من المكاتب المختصة وهي جامعة محمد السادس متعددة التخصصات ببنجرير، ودور هذا المكتب يتجلى في تسويق وجلب مستثمرين للاستثمار وتمويل حلول البحث العلمي وبراءات الاختراع.

بالرغم من توفر المغرب على موارد بشرية عليا وجامعات، معاهد البحث والتطوير، إلى جانب توفره على موارد طبيعية مهمة لصناعة المستقبل كالكوبالت الذي يستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية، لماذا مازال استمرار ضعف إنتاج براءات الاختراع في بلادنا؟
بشكل عام يمكن تلخيص بعض المعيقات أمام إنتاج براءات الاختراع في المغرب فيما يلي: قلة التحفيزات وتشجيع المخترعين،  ضعف الاستثمار في البحث والتطوير، إذ نجد 0.8 في المائة من الناتج الداخلي الخام مخصصة للبحث العلمي والتطوير وهي نسبة ضعيفة جدا، هذا يعني أن هناك نقصا في الموارد المالية لتمويل المشاريع الطموحة والتقنية المبتكرة.
وهذا ينعكس على الترتيب الدولي للمغرب، إذ صنف التقرير العالمي للابتكار سنة  2021 المغرب في الرتبة 77 عالميا من حيث مؤشر الابتكار. علما أن عدد براءات الاختراعات المسجلة في المغرب لم يتجاوز1144 سنة 2023 حسب معطيات المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ضعف الإنتاج العلمي والتقني ببلادنا، ومن الصعوبات المالية التي تعترض المخترعين غلاء رسوم تسجيل براءات الاختراع، طول مدة الحصول على الرد، خوف المخترعين من سرقة أفكارهم بسبب غياب آليات فعالة لحماية حقوق الملكية الفكرية وتسويق الاختراعات.
السبب الثالث، يكمن في نقص التعاون والتكامل بين القطاعات الأكاديمية والصناعية والحكومية، فإحدى الإشكاليات التي تواجه الابتكار والاختراع في المغرب هي عدم وجود رؤية استراتيجية مشتركة بين مختلف الفاعلين المعنيين بالتنمية العلمية والتقنية، إذ هناك حاجة لتعزيز التواصل والتنسيق والشراكة بين الجامعات والمعاهد والمراكز البحثية والمؤسسات الصناعية والحكومية لتحقيق تكامل وتكيف بين العرض والطلب في مجال البحث والإختراع.
المغرب يتوفر على موارد بشرية مؤهلة وموارد طبيعية ثمينة وموقع جغرافي استراتيجي، ويتميز بعلاقات تعاون مع منظمات إقليمية ودولية، كل هذه العناصر يمكن أن تساهم في  تعزيزها للابتكار والإختراع في المغرب إذا ما تم استغلالها بشكل منظم ومستدام .    
بالنسبة للحلول  التي أقترحها من خلال تجربتي الطويلة لأكثر من عشر سنوات في هذا الميدان وقمت بزيارة العديد من الدول كالولايات المتحدة الأمريكية، بلجيكا واليابان.. يجب نقل التكنولوجيا من الجامعات لكي لا تبقى حبيسة المختبرات لى مرحلة الاستثمارات أو التثمين الصناعي والتجاري.
إنشاء آليات فعالة لتسويق وحماية ملكية الاختراعات، وهي من الحلول التي تعتمدها الدول المتقدمة عبر وضع مكتب نقل التكنولوجيا بداخل الجامعة، مع العلم أن هناك جامعة واحدة بالمغرب تتوفر على هذا النوع من المكاتب المختصة وهي جامعة محمد السادس متعددة التخصصات ببنجرير، ودور المكتب يتجلى في تسويق وجلب مستثمرين للاستثمار في حلول البحث العلمي وبراءات الاختراع.

هاهي دول منافسة مثل تركيا خطت خطوات متقدمة في مجال الاختراعات والإنتاج الذاتي الصناعي، ماهي المعيقات التي تحد من إنتاج براءات الاختراع بالمغرب؟
الاختراع والابتكار من أساسيات التنمية الاقتصادية في العصر الحالي، لأن نهضة الدول المتقدمة مثل كوريا واليابان والصين كان بناء على إنتاجها لعدد أكبر من براءات الاختراعات . لكن للأسف المغرب لا يحقق إنجازات كبيرة في هذا المجال، وحتى لا نكون عدميين هناك العديد من براءات الاختراعات لكن أغلبها تبقى حبيسة الرفوف الجامعات والمختبرات ولا تخرج إلى ميدان التسويق الصناعي والتجاري. إذا قارنا المغرب مع تركيا التي تعتبر من الدول الرائدة في الاختراع والإنتاج الصناعي في العالم،  وفق التقرير العالمي للابتكار في 2021 تحتل تركيا الرتبة 51 عالميا في المؤشرالدولي للابتكار، وتنفق 1.1 في المائة من الناتج الداخلي الخام على البحث والتطوير، وتسجل 12 براءة اختراع لكل مليون نسمة، علما أن ساكنة تركيا تبلغ 80 مليون نسمة. بينما المغرب يحتل الرتبة 77 عالميا ولا ينفق إلا 0.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على البحث والتطوير، ويسجل أقل من براءة اختراع واحدة لكل مليون نسمة أي 0.4 براءة اختراع.
هذه الأرقام توضح الفارق الكبير بين البلدين في مجال  الابتكار الاختراع. ومن بين أسباب تقدم تركيا اعتمادها على استراتيجية وطنية للابتكار تحدد الأهداف والأولويات والمسؤوليات والمؤشرات لتعزيز النشاط العلمي والتقني، هذه الاستراتيجية تشمل مختلف القطاعات والمجالات وتركز على تحسين البنية التحتية والموارد البشرية والتمويل والتشريعات والتنافسية للابتكار والاختراع.
في حين لا توجد في المغرب استراتيجة وطنية منسقة للابتكار، بل هناك مجموعة من المبادرات متفرقة ومتباينة ومتناقضة في الجودة والفعالية، وغالبا لا تتوافق مع الاحتياجات والتحديات الحقيقية للبلاد.
وتحظى تركيا بتقاليد ثقافية علمية متجددة وعريقة تعود إلى الحضارة العثمانية الإسلامية التي تمثل مصدر إلهام وفخر للأجيال الحالية، بينما يعاني المغرب من ضعف القيم الثقافية الاجتماعية المحفزة للابتكار والاختراع على حساب قيم الاستهلاك والتقليد، ولا يتم تشجيع مبادرات الابتكار والاختراع.
من جانب آخر، تولي تركيا اهتماما كبيرا للتعليم في جميع مراحله والتدريب والبحث العلمي مع العلم أن تركيا تضم حوالي 160 جامعة ولا يتجاوز عدد سكانها 80 مليون نسمة أي ضعف ساكنة المغرب الذي يضم 16 جامعة.
 
ماهي الحلول، مقارنة مع  نماذج دول متقدمة، والمقترحات لتجاوز هذا الوضع وانخراط كل من الدولة القطاع العام والقطاع الخاص لفائدة نمو براءات الاختراع بالمغرب  العلامات المغربية، وبالتالي تعزيز  نشاط المغرب بالمنظمة الدولية للملكية الفكرية؟
الابتكار والاختراع من عوامل التنمية والتقدم في العالم، للأسف يبدو أن المغرب لا يحقق نتائج مرضية في هذا المجال مقارنة مع بعض الدول الأخرى التي تتوفر على مستوى عال من الابتكار والاختراع، بعض الحلول التي أقترحها للاستفادة من التجارب الدولية الناجحة مثل الصين والهند وإسرائيل وكوريا الجنوبية وغيرهم، أن يستوعب صناع القرار في بلادنا بعض الممارسات الاستراتيجية التي مكنت هذه الدول من تطوير قدراتها العلمية والابتكارية، من بين هذه الممارسات والاستراتيجيات، زيادة الاستثمار في البحث والتطوير، تحسين البنية التحتية والتشريعات، تشجيع القيم الثقافية المحفزة على الابتكار والاختراع، تحسين التعليم والتكوين المستمر في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
وختاما، تعزيز التعاون مع المنظمة الدولية للملكية الفكرية، عبر تعزيز الشراكة القائمة بين هذه المنظمة التابعة للأمم المتحدة والمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية "أومبيك"، وذلك للاستفادة من خبراتها وبرامجها. وسبق لي أن استفدت من تكويناتها عن بعد بحكم شراكتها مع مكتب "أومبيك" التي تزودنا بتقارير ويستفيد من تكويناتها عن بعد الطلبة والأساتذة الباحثون.