أثارت تصريحات أحمد عطاف، وزير الخارجية الجزائري، في حوار له مع قناة "الجزيرة"، دهشة المتتبع للشأن السياسي، حين قال، إن “الجزائر مهتمة أكثر بإيجاد حل سريع مع المغرب”، وهو الادعاء الذي تكذبه الوقائع والأحداث..
وضمن تفاعل المتتبعين مع هذا التصريح، استقت جريدة "أنفاس بريس"، وجهة نظر إبراهيم بلالي اسويح، وهو المحلل السياسي وعضو بالمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية:
وضمن تفاعل المتتبعين مع هذا التصريح، استقت جريدة "أنفاس بريس"، وجهة نظر إبراهيم بلالي اسويح، وهو المحلل السياسي وعضو بالمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية:
تصريحات وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف الأخيرة لإحدى القنوات التلفزيونية، تدفعنا للاعتقاد بأن دبلوماسية الجارة الشرقية في طريقها لفقدان البوصلة والتخبط في الرؤيا الاستشرافية، بسبب تسارع المستجدات، إن على المستوى الإقليمي أو الدولي. فقد رهنت هذه الدبلوماسية لسنوات مصيرها بحسابات جيوسياسية، يبدو أنها تنحي بها نحو مزيد من العزلة وبوادر الفشلين الإقليمي والدولي، وتبحث عن مخرج. إذ أن الأمر تجاوز انتهاكها لمبدأ حسن الجوار الذي وصم علاقاتها التاريخية مع المغرب، والذي هو أساس دولي للحفاظ على الأمن والسلم عبر القيام بأفعال وتصرفات الضرر الجوهري، بل وقطع جميع العلاقات من جانب واحد منذ 2021 مع رفض أي وساطة والتلويح باللاعودة، ناهيكم عن اليد الممدودة للمملكة لحل الأزمة، بل أن هذه العدوى امتدت إلى كل الجيران من خلال افتعال أزمات مع كل من مالي والنيجر، هددت بقطع العلاقات بسبب التدخل الجزائري الفاقد للبصيرة، والمتناقض في الشؤون الداخلية لهذه الدول، كما أن الجارين ليبيا وتونس لم تسلما من الوصاية الاستفزازية للجزائر، مما يعزز عدم الاستقرار والانشقاق في هذين القطرين.
كل هذا لا يتماشى مع حلم وزير الخارجية الجزائري بالمغرب العربي الموحد، والذي ارتهن فشله السابق بمزاجية العسكريين والساسة بالجزائر بإقرار من الجميع، بما فيهم أمينه العام. وما رهان اليوم سوى تضليل تحت مظلة تبني المهادنة لمواجهة سيل الإخفاقات الجارف، وهو أمر ظهرت بوادره الجلية عندما هرولت الجزائر إلى إعادة بناء علاقتها الدبلوماسية من جانب واحد مع إسبانيا، والتي قطعتها منذ سنة ونصف السنة من جانب واحد أيضا، بسبب تأييد إسبانيا البلد السيادي في قراراته لمقترح الحكم الذاتي المغربي، بمبررات غير مفهومة ولا ترقي لمستوى التوتر المفتعل، مما لفت الانتباه بأنه مؤشر لقناعة الجارة الشرقية، بأن رياح الدبلوماسية الحالية والمستجدات الداخلية بإسبانيا تهب في اتجاه مصالحها مع المغرب.
إن اعتراف الوزير الجزائري بالدور الذي أصبحت تلعبه الدبلوماسية الملكية الناعمة في افريقيا، يضع العقيدة التصادمية أمام الفشل وغياب أي قدرة لمواجهة المزيد من الضغوطات الدولية بزخم موجه نحو دعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي، أمام سياسة الهروب إلى الأمام، التي لا مفر تستشف من هذه التصريحات لذر الرماد في العيون حول خطاب متجدد يحيل إلى مقاربة أصحاب القرار لدعم الاستقرار الذي شكل النظام بهذا البلد الجار تقويضه ضمان للريادة الإقليمية، وكل ذلك يفسر من خلال توالي الأحداث سواء التوجه الأمريكي المعلن بزيارات متعاقبة في أقل من ثلاثة أشهر لنائب مساعد وزير الخارجية الأميركي جوشوا هاريس للجزائر، كما أن تغير إدارة التحالفات القطبية لم يفسح مزيدا من المناورة للنظام الجزائري المرتهن لمعسكر بدأت تتوسع مقاربته، لتتلاءم مع بزوغ فجر نظام جديد متعدد الأقطاب يعمل المغرب على تنويع شركائه للانخراط في المزاج العالمي والإفريقي بالخصوص، المبنى على التعاون النفعي بمنطق رابح - رابح عزز ذلك بوادر التقارب الصيني المغربي أو الروسي المغربي مؤخرا من خلال منتدى التعاون العربي الروسي، والذي غابت عنه الجزائر ومؤخرا الاجتماع الوزاري بالمغرب لبحث تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، تنزيلا لمضامين الخطاب الملكي في الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء الأخير.
الحديث باستخفاف بسبق الإصرار عن مبادرة المغرب للحكم الذاتي، يفهم منها عمق موقف العداء المعاكس لبلورة أي تصور لحلحلة هذا المسار، الذي ورغم التنصل من المسؤولية كطرف رئيسي وليس معني، ثبوت لحقيقة هذا الخلاف الجزائري المغربي، وأن مبادرة من هذا القبيل موجهة لأبناء الصحراء لا تعني الجزائر في شيء، متناسيا بأن تصريحاته كرست خروج دبلوماسيته عن سياق كواليس صنع القرار الدولي الجديدة، بنفحة برغماتية لواقع المبادر وعدم الاكتراث لدبلوماسية الابتزاز، التي بفقدانها لروح المبادرة والتنصل من المسؤولية القانونية والسياسية لهذا النزاع، تبدد مصداقية هذا الخطاب اليائس لمشروع الحكم الذاتي الذي يحظى بمضمون فقراته الخمسة والثلاثون، بتأييد أكثر من مائة دولة في الأمم المتحدة وثلاثة وعشرون بلدا أفريقيا وأربعة عشر أوروبيا لاستجابته لخصوصية القضية الصحراوية، من حيث شكل تقرير المصير أو ضمانا لحقوق الهوية في تناغم مع السيادة المغربية على الإقليم بشرعية تاريخية يعرف الجزائريون قبل غيرهم بأنها لا تحتاج إلى البرهان.
كل هذا لا يتماشى مع حلم وزير الخارجية الجزائري بالمغرب العربي الموحد، والذي ارتهن فشله السابق بمزاجية العسكريين والساسة بالجزائر بإقرار من الجميع، بما فيهم أمينه العام. وما رهان اليوم سوى تضليل تحت مظلة تبني المهادنة لمواجهة سيل الإخفاقات الجارف، وهو أمر ظهرت بوادره الجلية عندما هرولت الجزائر إلى إعادة بناء علاقتها الدبلوماسية من جانب واحد مع إسبانيا، والتي قطعتها منذ سنة ونصف السنة من جانب واحد أيضا، بسبب تأييد إسبانيا البلد السيادي في قراراته لمقترح الحكم الذاتي المغربي، بمبررات غير مفهومة ولا ترقي لمستوى التوتر المفتعل، مما لفت الانتباه بأنه مؤشر لقناعة الجارة الشرقية، بأن رياح الدبلوماسية الحالية والمستجدات الداخلية بإسبانيا تهب في اتجاه مصالحها مع المغرب.
إن اعتراف الوزير الجزائري بالدور الذي أصبحت تلعبه الدبلوماسية الملكية الناعمة في افريقيا، يضع العقيدة التصادمية أمام الفشل وغياب أي قدرة لمواجهة المزيد من الضغوطات الدولية بزخم موجه نحو دعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي، أمام سياسة الهروب إلى الأمام، التي لا مفر تستشف من هذه التصريحات لذر الرماد في العيون حول خطاب متجدد يحيل إلى مقاربة أصحاب القرار لدعم الاستقرار الذي شكل النظام بهذا البلد الجار تقويضه ضمان للريادة الإقليمية، وكل ذلك يفسر من خلال توالي الأحداث سواء التوجه الأمريكي المعلن بزيارات متعاقبة في أقل من ثلاثة أشهر لنائب مساعد وزير الخارجية الأميركي جوشوا هاريس للجزائر، كما أن تغير إدارة التحالفات القطبية لم يفسح مزيدا من المناورة للنظام الجزائري المرتهن لمعسكر بدأت تتوسع مقاربته، لتتلاءم مع بزوغ فجر نظام جديد متعدد الأقطاب يعمل المغرب على تنويع شركائه للانخراط في المزاج العالمي والإفريقي بالخصوص، المبنى على التعاون النفعي بمنطق رابح - رابح عزز ذلك بوادر التقارب الصيني المغربي أو الروسي المغربي مؤخرا من خلال منتدى التعاون العربي الروسي، والذي غابت عنه الجزائر ومؤخرا الاجتماع الوزاري بالمغرب لبحث تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، تنزيلا لمضامين الخطاب الملكي في الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء الأخير.
الحديث باستخفاف بسبق الإصرار عن مبادرة المغرب للحكم الذاتي، يفهم منها عمق موقف العداء المعاكس لبلورة أي تصور لحلحلة هذا المسار، الذي ورغم التنصل من المسؤولية كطرف رئيسي وليس معني، ثبوت لحقيقة هذا الخلاف الجزائري المغربي، وأن مبادرة من هذا القبيل موجهة لأبناء الصحراء لا تعني الجزائر في شيء، متناسيا بأن تصريحاته كرست خروج دبلوماسيته عن سياق كواليس صنع القرار الدولي الجديدة، بنفحة برغماتية لواقع المبادر وعدم الاكتراث لدبلوماسية الابتزاز، التي بفقدانها لروح المبادرة والتنصل من المسؤولية القانونية والسياسية لهذا النزاع، تبدد مصداقية هذا الخطاب اليائس لمشروع الحكم الذاتي الذي يحظى بمضمون فقراته الخمسة والثلاثون، بتأييد أكثر من مائة دولة في الأمم المتحدة وثلاثة وعشرون بلدا أفريقيا وأربعة عشر أوروبيا لاستجابته لخصوصية القضية الصحراوية، من حيث شكل تقرير المصير أو ضمانا لحقوق الهوية في تناغم مع السيادة المغربية على الإقليم بشرعية تاريخية يعرف الجزائريون قبل غيرهم بأنها لا تحتاج إلى البرهان.