الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

عبد العزيز الداودي: في الحاجة إلى عالم متعدد الأقطاب

عبد العزيز الداودي:  في الحاجة إلى عالم متعدد الأقطاب عبد العزيز الداودي
أتيحت لي الفرصة لزيارة قصيرة للعاصمة الروسية موسكو التي كنت أمني النفس طبعا أن أزورها منذ أن كنت طالبا بكلية العلوم بوجدة، ليس للسياحة فقط ،ولكن لاكتشاف بلد قيل عنه الكثير، وكان محورا لتوازن النظام الدولي حتى أضحت حلقيات النقاش تقحم الاتحاد السوفياتي في مواضعيها بل اشتد الجدل بين فصائل الحركة الطلابية المنضوية تحت لواء المنظمة الطلابية العتيدة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب حول الاختلاف بشأن الموقف العام من الاتحاد السوفياتي، هل هو حليف استراتيجي أم صديق مبدئي إلى أن إنهار وتفكك إلى دول شرقا وغربا بعد أن سقط جدار برلين طبعا، وبعد أن ساهم كورباتشوف كآخر رئيس للاتحاد السوفياتي بنظريته الشهيرة' البريسترويكا او الكلاسنوست" الطريقة الجديدة في التفكير.
وقد نبه الدكتور عبدالاله بلقزيز إلى خطورة ما قد يقع للنظام الدولي بعد أن كتب مقالا عنونه "بملامح التوازن الدولي الجديد بعد البريسترويكا " حيث اتضح فيما بعد أن العالم أصبح أحادي القطبية وأن أمريكا هيمنت على العالم كله، بما في ذلك الدول الغربية والأوروبية وهذه الهيمنة مردها الى التفوق العسكري والاقتصادي والى التسويق الثقافي عبر السيطرة على مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
نذكر، كيف خنقت أمريكا دولا عارضت سياستها؛ في الشرق الاوسط وأمريكا اللاتينية وافريقيا، وهكذا حوصرت كوبا والعراق التي نفذ بها الدواء والغذاء بعد أن حضر تصدير نفطها رغم أهميته الحيوية والاستراتيجية وتكرس بالتالي منطق النفط مقابل الغذاء ينضاف هذا طبعا الى جرائم الحرب في العراق واليابان والفيتنام التي وصلت حد الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بمبرر نشر الديمقراطية عبر تكريس هيمنة الحضارة الغربية. وبالتالي فإن الحاجة ماسة إلى عالم متعدد الاقطاب يكون مدخلا لتوازن دولي يعيد للعلاقات الدولية مصداقيتها. وليست روسيا وحدها هي المؤهلة بالرغم من إمكانياتها الضخمة العسكرية والاقتصادية بل كذلك الصين التي تسير على خطى ثابتة لإزاحة أمريكا من عرش التفوق الاقتصادي وربما حتى العسكري وكذلك الهند باعتبار اقتصادها ازدهر بشكل ملفت ناهيك عن الدول الصاعدة في شرق اسيا كماليزيا وكوريا الجنوبية واندونيسيا .ويبقى على دول العالم الثالث أو الذين يصطلح عليهم الدول السائرة في طريق النمو نفض الغبار عنها لان التجربة أثبتت أنه لا مكان للضعفاء في عالم يفترس كل شيء وبالتالي فإن التكتلات الإقليمية والقارية والقومية تعتبر آلية للوصول الى الهدف المنشود وهو السيادة الفعلية للدول على أراضيها وهذه السيادة لن تتأتى إلا بالاكتفاء الذاتي . والوطن العربي ومعه القارة الأفريقية غنيان بالموارد الطبيعية والبشرية للوصول الى المبتغى.