السبت 27 يوليو 2024
اقتصاد

رشيد حسناوي: هذه قراءتي لأهم التدابير في مشروع قانون المالية لسنة 2024

رشيد حسناوي: هذه قراءتي لأهم التدابير في مشروع قانون المالية لسنة 2024 رشيد حسناوي
يوضح رشيد حسناوي، أستاذ باحث في الاقتصاد العمومي والمالية - جامعة ابن طفيل القنيطرة، أهم الإجراءات الواردة في مشروع مالية 2024. 
وذلك عبر خمسة محاور، تهم تمويل برنامج إعادة المناطق المتضررة من زلزال الحوز، ثانيا تفعيل المساعدة الاجتماعية المباشرة من خلال الالتزام بمبادئ الحكامة والتدبير العقلاني للموارد. ثالثا، مواصلة خوصصة وتفويت عدد من القطاعات منها شركة الإنتاجات البيولوجية والصيدلية البيطرية، والشركة الوطنية لتسويق البذور (سوناكوس). مما يهدد حسب محاورنا، القطاع الفلاحي بأن يصبح في المستقبل القريب تحت رحمة لوبيات المبيدات الحشرية والبذور والأسمدة التي ستتحكم أكثر في السوق. رابعا، تأثير المديونية على الاقتصاد الوطني، ثم خامسا أهم الإجراءات الضريبية في مشروع مالية 2024، منها تعميم إعفاء الضريبة على القيمة المضافة على كافة المنتجات الصيدلانية لتتماشى مع ما هو معمول به في دول أخرى مثل السعودية، مصر والإمارات العربية.
 
1) تنفيذ البرنامج الهادف إلى إعادة البناء والتحديث لعموم المناطق المتضررة من الزلزال. بهذا الخصوص سيتم إعادة بناء وتأهيل المدارس والمستشفيات والمرافق الحيوية التي تضررت بفعل الزلزال. وقد خصص لتمويل هاته المشاريع حساب خصوصي مخصص لتدبير الآثار المترتبة على الزلزال. وقد تم تخصيص 400 مليون درهم  سنة 2024 لتمويل هده المشاريع في إطار صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية. 
 
2) تفعيل المساعدة الاجتماعية المباشرة، بميزانية قدرها 25 مليار درهم، سيتم تخصيص هذه المساعدة الاجتماعية المباشرة إلى الأسر المحتاجة، وسوف تشمل مخصصات الولادة الأولى والثانية وسيتم تمديدها إلى الأطفال في وضعية إعاقة وحديثي الولادة و الأسر التي ترعى كبار السن. وهنا من الضروري العمل على استدامة تمويل هدا المشروع المهم من خلال الالتزام بمبادئ الحكامة و التدبير العقلاني للموارد وكذلك بمنطق الشفافية والتتبع والتقييم. وتجدر الإشارة إلى أن النتيجة الطبيعية الأولى لمأسسة هذه المساعدة الاجتماعية هو تخفيض الميزانية المخصصة لصندوق المقاصة. فحسب بيانات مشروع القانون المالي 2024 ستصل قيمة هذا الانخفاض الى 9.62 مليار درهم مقارنة مع قانون مالية 2023. المادة الأساسية المعنية هنا بطبيعة الحال هي غاز البوتان.
ومن المؤكد أن هذا التخفيض في ميزانية دعم المواد الأساسية، سيشكل - حسب تقديرات الحكومة-  موردا هاما لتمويل سياسة تعميم الحماية الاجتماعية، غير أنه في الآن نفسه يضرب ويقوض القدرة الشرائية للمستهلك وخاصة الطبقة المتوسطة والفقيرة. 

 
3) مواصلة الخوصصة، فمن خلال مطالعة تقرير حول المؤسسات والمقاولات العمومية مرفق بمشروع قانون المالية لسنة 2024. فقد برمجت الحكومة تفويت لائحة من القطاعات  تضم شركة “مرسى ماروك”، وشركة “اتصالات المغرب”، وفندق المأمونية، وشركة الطاقة الكهربائية لتهدارت، وشركة الإنتاجات البيولوجية والصيدلية البيطرية، والشركة الوطنية لتسويق البذور (سوناكوس). ومن المرتقب أن يصبح القطاع الفلاحي في المستقبل القريب تحت رحمة لوبيات المبيدات الحشرية والبذور والأسمدة التي ستتحكم اكثر في السوق وستفرض البذور المستنسخة التي تنمو فقط مع المدخلات الكيميائية وهنا يمكن أن نفكر مستقبلا في جميع الأمراض التي يسببها اختلال الغدد الصماء بفعل مبيدات الحشرات التي نتنفسها أو نأكلها، إذن النتيجة مخيفة، غير قابلة للقياس الكمي، ولكنها هائلة في اعتقادنا. 
 
4) اللجوء الى المزيد من المديونية التي تثقل كاهل الاقتصاد الوطني. فعلى سبيل المثال حسب مشروع القانون المالي 2024 تبلغ النفقات على خدمة الدين العمومي101 مليار درهم منها 38 مليار درهم فوائد وعمولات مقابل 110 مليار درهم سنة 2023 منها تقريبا31 مليار درهم فوائد وعمولات. وحسب التوقعات ستحتاج الحكومة أكثر من 120 مليار درهم لتمويل الميزانية. ما يعني أن الحكومة ستلجأ لمزيد من الديون الجديدة لتمويل العجز في الميزانية. 
 
5) خفض العبء الضريبي على الشركات مقابل الرفع من الضريبة على القيمة المضافة على الاسر والطبقة الفقيرة في إطار سياسة إغناء الغني وإفقار الفقير. فعند قراءة الأحكام المتعلقة بالضريبة في قانون مالية 2024، يمكننا أن نلاحظ ان الحكومة قامت كما في السابق بالتركيز على معدلات الضريبة من خلال الرفع تدريجيا للضريبة على القيمة المضافة، فمثلا من المقرر إجراء مراجعة تصاعدية للمعدلات الضريبية على القيمة المضافة من 7 إلى 10% على عمليات البيع و التسليم المتعلقة بالماء، تأجير عدادات الكهرباء وعمليات تسليم السكر المكرر أو المجمّع، ثم أيضا تطبيق مراجعة تصاعدية لمعدلات ضريبة القيمة المضافة من 14 إلى 20% على الطاقة الكهربائية و على عمليات نقل الركاب و البضائع، وفي أفق سنة 2025 سيتم بالمقابل  تخفيض معدلات ضريبة القيمة المضافة من 14 إلى 10% المطبقة على عمليات البيع التي تتم من قبل منتجي الطاقة الكهربائية المستخرجة من الطاقات المتجددة في اطار سياسة تشجيع المنتوجات المستهلكة للطاقة النظيفة. 
 
غير أنه من بين نقاط القوة في المجال الضريبي نسجل هذه السنة تعميم إعفاء الضريبة على القيمة المضافة على كافة المنتجات الصيدلانية لتتماشى مع ما هو معمول به في دول أخرى مثل السعودية، مصر والجزائر والامارات العربية. هذا الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة سيكون له تأثير جيد ومباشر على ثمن الادوية ببلادنا. وقد أشار تقرير لمجلس المنافسة حول وضعية المنافسة في سوق الأدوية بالمغرب (2020) إلى التأثير الكبير الذي تسببه الضريبة على القيمة المضافة كمعيق أساسي للولوج للدواء بشكل عادل وبسعر مناسب بالنسبة للمرضى.