ثلاثون عاما ليقرر العالم ذات يوم، سنة 1977، أن يكون للشعب الفلسطيني المتجذر في أرضه المقدسة يوم دولي للتضامن معه. يالها من وقاحة ويا له من ظلم ألجما أفواه العرب رغم كثرة تغراتهم وطول ألسنتهم. فهنيئا لكل منافق بيوم التضامن الدولي لشعب يباد في الصمت والعلن منذ 76 عاما. أجيال قضت وأخرى تنتظر موعدها مع الشهادة.
مل العرب من هذا الصمود الذي يؤرق بالهم كل يوم ويعكر مزاح "أبناء العم" والعم "سام" أيضا. صمود يقود مساعيهم للتسلط والهيمنة على شعوب أبت أن تصرخ في وجههم وفي وجه آل صهيون منددين بالقتل والإبادة ضد شعب أعزل ترك وحيدا يواجه مصيرا سطره مستعمر، انتهك حرمات القادة وكشف عوراتهم فأذلهم الواحد تلو الآخر. وها هو المستعمر مرة أخرى يكشف عن خبثه بقرار أممي عظيم دعت إليه الجمعية العامة، عام 1977، للاحتفال في 29 نونبر من كل عام باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (القرار 32/40 ب). ولم يذهب العالم بعيدا ولم يكلف القادة أنفسهم جهدا في اختيار الموعد. أولم يقل فيهم الشاعر "وإن قالوا شهدكم هذا مر، قولوا بل علقم". فكان للصهاينة مبتغاهم وجعلوا من يوم نكبة الفلسطينيين والعرب الشرفاء يوما للتضامن معهم. ففي ذلك اليوم من عام 1947، اعتمدت نفس الجمعية العامة قرار تقسيم فلسطين (القرار 181 (II)).
أما آن الأوان أن يفهم العالم بأن العرب والشرفاء في تضامن مطلق مع شعب فلسطين في حقه المشروع؟ لا نحتاج للقرار 60/37 بتاريخ 1 دجنبر 2005، لتنظيم معرض سنوي عن حقوق الفلسطينيين بالتعاون مع بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة. أولم يكفيهم تحنيط وتشجيع الدول الأعضاء على مواصلة تقديم أوسع دعم وتغطية إعلامية للاحتفال بيوم التضامن؟ وماذا عن باقي الأيام؟ وكيف نفسر لأبناء الصحافيات والصحافيين غياب أمهاتهم وآباءهم عن البيت والجمعية العامة التي دعت للتضامن الاعلامي لم تكلف نفسها مساءلة القتلة عن اغتيال الإعلاميين؟ كيف علينا أن ننتظر خمسة أيام أخرى ليحل 29 نونبر حتى يكون لنا الحق في التضامن مع شعب يباد منذ 7 أكتوبر 2023 وهو الصامد الشهيد منذ 74 عاما ؟ كيف وكيف ثم كيف .. أولا تستحون؟
شعب فلسطين ليس من يقصف كل دقيقة وتدمر منازله فوق رأسه أو حتى من شرد ولازال. شعب فلسطين بمئات الملايين هم العرب الشرفاء الذين لا محيد لهم عن تحرير الأرض الطاهرة من "أبناء عم" لا نعرف لهم أصل ولا فصل. هاموا من كل صوب ونحب كضباع جائعة استولت على الأرض وعلى الأخضر واليابس وها هي تفترس اليوم، كما ألفت، لحم شعب لا ينوي التخاذل، شعاره "الحرية أو الموت الزؤام".
خذوا عيدكم وحلفاءكم وخونتنا وعارنا ولا تنسوا أبواقكم وارحلوا احتفلوا بنكبتكم بعيدا عن أرض فلسطين. الأرض لنا والصخر والماء والهواء والشجر. أما العيد العالمي وعملاء القتلة فلكم مزبلة التاريخ. يومها ستجعل لكم الجمعية يوما دوليا لكن ليس للتضامن وإنما للرجم. فحتى الضباع لن ترضى بلحمكم وألسنتكم المتعفنة. أما الصقور فلن تحط فوق صلعاتكم العريضة ولن تقترب من بطونكم المليئة ببقايا طعام "أبناء عمومتكم" لأن الطيور لا تأكل هكذا جياف.
ريضا عدام، صحافي مغربي مقيم بأبيدجان (كوت ديفوار)