تماما كما كان متصورا منذ الصفعة الأولى ل"ط_وفان الأق_صى"، فما أن صحا العقل الص*يوني على اختراقات ذلك اليوم حتى شرع في توجيه ضرباته الأقسى انتقاما من فداحة ما تجرعه نفسيا وعسكريا وسياسيا ومخابراتيا...
وها هي إسرا*يل تواصل انتحارها على امتداد أكثر من ثلاثة أسابيع مدعمة بشراكات العار مع الولايات ال_متحدة وغيرها من بلدان الاتح*اد الأوروبي.
إزاء ذلك لا سبيل أمام المقاوم_ين سوى المقاوم_ة، مثلما لا سبيل أمام المؤمنين بعدالة القض*ية الفلسط*ينيّة سوى المراهنة أكثر على التحدي الدبلوماسي، إذ سيكون من المحقق أن يبدع هؤلاء المؤمنون، وفي صدارتهم الفلسطي_نيون، صيغا جديدة لمواجهة ثلاثة تحديات:
أولا: الإقرار بمحدودية أثر قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وبإفلاس كل أنواع الحلول التي تم تبنيها باسم "سلام الشجعان" كما جسدتها اتفاقية أوس*لو (1993) التي يتبين أنها كانت شركا حقيقيا، إضافة إلى مبادرة "الس_لام" العرب*ية (2002) التي اعترفت بالك_يان الص*يوني مقابل إنشاء الدولة الفلس*طينيّة على حدود يونيو 1967، مع الانسحاب من الأراضي العرب_ية المحت*لة، وعودة اللاجئ_ين...
وهنا تفرض الجرأة على الجميع التساؤل حول معنى استمرار الاعتقاد بالسلام مع كيان مسكون بتعاليم تأويل لاهوتي مغرض، وتحريف لدلالات الح_رب والس_لام كما تمثلها خطاب رئيس الكيان الص*يوني الأخير الذي استلهم "نبوءة" تتحدث عن إسرائ_يل "النور" مقابل الآخر "الظلام" (!؟).
ثم ما معنى الوجود الإشكالي ل"السلطة" في را*م الله، وهي لا تملك أية سلطة واقعية أو افتراضية. بل لا تملك حتى وقف العدوان على أقرب جيوبها في الضف*ة الغربية التي تباد يوميا، هي الأخرى، في صمت.
التحدي الثاني: خوض معركة فكرية من أجل استعادة المصطلحات والمفاهيم التي سرقتها إسرائ*يل حيث المطلوب من مفكرينا تجديد النظر في المعاني التي يحتكرها العقل الص*يوني من قبيل السام*ية وضدها، وفي فكرة احتكار معاني الهولوك_وست والإبادة والمخيمات والشتات، وفي معنى الاستيط*ان والمستوط*نات الذي تصوره الدعاية الص*يونية باعتباره تجمعا لليه_ود الأبرياء، والحال أنهم كائنات متطرفة مسلحة.
إن تاريخ القضية الفلسط_ينيّة هو تاريخ الإبادات منذ ما قبل 1917، وما بعده، مرورا بنكبات وهزائم 1948، 1967، وحصارات غ_زة سنوات 2006 و2008 و2014، وانتهاء بمشروع إبادة هذا القطاع اليوم وكل فلسط*ين.
التحدي الثالث: استمرار حركات الشعوب العربية والإسلامية في الغضب والاحتجاج. ذلك وحده ما سيدعم الأنظمة التي قدمت، من منظور ما تملكه من حدود، أقصى ما لديها بالمعنى الواقعي. لقد أدانت ونددت، ورفضت التهجير، وقدمت مشروعا للأمم المتح*دة حصل على 120 صوتا يتم بمقتضاه الدعوة إلى "هدنة إنسانية فورية" يرافقها وقف العمليات العسك_رية، وحماية المدنيين، وإدخال المساعدات للقط*اع ... وضمن هذا التحدي الثالث ينبغي أن يتم تعزيز الموقف الفريد للأمين العام للأمم المتحدة، وروافد المنتظم الدولي المعنية بالجوانب الصحية والغذائية وشؤون اللاجئين والإنسانية بشكل عام. مثلما ينبغي تواصل نخبنا السياسية والفكرية والفنية مع نخب العالم التي تنتصر للحق والإنسان، وللس_لام الحقيقي، في شوارع واشنطن ونيويوك وباريس وغيرها.
مجمل القول:
نعيش اليوم صفحة جديدة من تاريخ الملحمة الفلس*طينية.
لا أوهام لنا بما سيحدث مستقبلا. قد ينتصر الص*اينة ويهزم المقاوم*ون أصحاب الأرض والحق، لكن من المستحيل أن تهزم القضية.
إن من المؤكد اليوم أن أطفال فلس*طين لن يكونوا الجيل الأخير في تاريخ مأساتهم لأن للذاكرة أكثر من شكل للمقاو*مة.