سعت الحكومة إلى تحقيق مجموعة من الخطط والبرامج السكنية لتيسير ولوج مختلف الفئات الاجتماعية إلى مساكن لائقة، واعتمدت وزارة الإسكان في هذا الإطار على برنامج السكن الاقتصادي والسكن الاجتماعي الموجه للفئات التي لا تتوفر على سكن أو الفئات ذات الدخل المحدود أوالمتوسطة، ويعد السكن الاقتصادي أو الاجتماعي بالمغرب أبرز هذه الخطط اذ تمكن من توفير تجمعات سكنية هائلة بتوفير العديد من الشقق ذات المساحات المحدودة المحددة الثمن في 250 ألف درهم للشقة، دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة بأثر اجتماعي إيجابي للإنجازات المسجلة به.
واليوم تدخل هذه السياسة الاجتماعية منعطفا جديدا بالبرنامج الاجتماعي الجديد بدعم مالي للسكن مباشر للطبقات الفقيرة وذات الدخل المتوسط، تَم الإعلان عنها من خلال المبادرة الملكية الهادفة الى تعزيز قدرة المواطنين على الولوج للسكن اللائق.. تلَقاه المغاربة بارتياح واعتزاز لجلالته لحرصه على تعزيز ممارسة الدولة ولقيمة التضامن المغربي ومساعدة الفئات الهشة وتحسين الوضع المعيشي للأسر.
- برنامج الدعم المالي للسكن.. وتعزيز القوة الشرائية للمواطن
بعد ان كشفت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير الإسكان وسياسة المدينة عن الخطوط العريضة لهذا البرنامج ومضامن الدعم المالي أوضحت في سياق الشروحات شروط الاستفادة والقيمة المالية المخصصة له.. خلفت جوا من التفاعل بين المواطنين الذين استحسنوا العرض وعبروا عن رضاهم بالمكتسب الجديد ودالك وفق إيمان الإنسان المغربي بمسلمة "السكن قبر الحياة" ومن قلب النقاش طفت بعض المخاوف من أن يتحول هذا الدعم بين يدي المقاولين العقاريين الى سلب للحق واستغلاله بالزيادات في الأسعار أو التلاعب بمقوماته من قبل المنعشين العقاريين الذين ألفوا لأكثر من عقدين من الزمن التمتع بامتيازات شتى منها الاعفاءات الضريبية في ظل البرنامج الاجتماعي السابق، بل عبر الكثيرون عن تخوفهم من أن يتحول دعم الدولة إلى زيادات في ثمن الشقق أو استغلال للقدرة الشرائية والتموين البنكي أو التلاعب بالعرض السكني.
وهذا ما أكدته بعض استقراءات الرأي.. حيث لم يُخف بعض المواطنين تلك المخاوف في ظل التجربة السابقة للسكن الاقتصادي، بل ذهب البعض الى حد القول " نخشى التلاعب والتواطئ لبعض النفوس المريضة على حساب المواطن.. فالماضي حافل لأمثلة من بعض المقاولين والموثقين مما يدعو السلطات لتعزيز الحماية القانونية، ولطالما اشتكت الأسر عدم احترام بعض المنعشين للمعايير الجودة الملزمة في بناء الشقق المتكاملة والآمنة أو تفشي ظاهرة تسبيق الظلام تحت الطاولة والتملص الضريبي، وغياب الالتزام ببناء المرافق الاجتماعية الضرورية وتفشي ظاهرة السمسرة وغيرها من أساليب الجشع والانتهازية في الكثير من المشاريع".
-دعم السكن المباشر.. هو دعم للطلب بدل العرض
من المتفق عليه ومما لا شك أن برنامج الدعم يعزز مفهوم الدولة الاجتماعية، وقبل أشهر أعلن رئيس الحكومة عزيز أخنوش تحث قبة البرلمان استعداد حكومته لطرح بديل سكني مدعم بمُنتوجَيْن جديدين للسكن للأسر الفقيرة والمتوسطة يروم استبدال النفقات الضريبية التي يتم منحها للمنعشين العقاريين وتحويلها الى دعم مباشر للأسر، وهو ما يعد انسجاما مع تفعيل القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، ومخرجات النموذج التنموي الاجتماعي وذكًَر بمساعدات مالية مباشرة للمقبلين على اقتناء السكن خاصة منهم الأسر حديثة التكوين والشباب المقبل على الزواج خصوصا الفئات ذات الدخل الضعيف والطبقة الوسطى التي باتت هي الأخرى تشكو من وطأة الغلاء وصعوبات الولوج للسكن، تشجيعا لفرص إقتناء السكن وخلق دينامية للقطاع بمقاربة ترابية كفيلة بإحداث نموذج جديد لتهيئة المدن وفضاءات العيش السهلة للسكان.
وبفضل المبادرة الجديدة اليوم تم تخصيص غلاف مالي للبرنامج بلغ 9.5 مليار درهم يتم منحها للأسر للراغبة في اقتناء مساكن ببثمن 30 مليون بدعم مالي قيمته 10 مليون سنتيم، وللراغبين في اقتناء مساكن لا تتجاوز 70 مليون بمبلغ دعم قيمته 7 مليون سنتيم، علاوة على أن تستفيد النساء الأرامل فضلا عن دالك من إعانة إضافية قدرها عشرة الاف (10.000) درهم أي (مليون سنتيم) وفق مشروع مرسوم القانون.
-سبل نجاح البرنامج ..
ومهما قيل عن قصر المدة الزمنية المخصصة لهذا البرنامج المحددة بين سنتي 2024 و 2028 .. يبقى طابع النجاح مرهون بما سيحققه البرنامج على أرض الواقع لبلوغ المنحى التصاعدي لسوق العقار المغربي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وارتفاع نسبة الاستثمار الداخلي وجدب المستثمرين لإنعاشه، كما تبقى إنتظارات المواطن عند نقطة الانطلاق أول دعم في المشروع بمعالجة أول ملف.. بنظرة استشراف للمستقبل أكثر تفاؤلا لتحقيق التطور والمرونة للفئات ذات الأكثر هشاشة التي ترجمت معناها تلك السيدة المغربية التي ننقل كلامها للأمانة بالقول .. " والله العظيم نترقب تنفيد هذا المشروع بفارغ الصبر وأتمنى أن لا يكون حبرا على ورق، فأنا أرملة عندي أطفال صغار أكتري غرفة واحدة بمبلغ 800 درهم سيكون أفضل لي لو أنني أدفع هذا المبلغ في سكني.. شكرا لجلالة الملك و للحكومة."
عتيقة الموساوي، مختصة في شؤون السكن والسكن الاجتماعي