![ماهي الدروس المستقاة من زلزال الحوز.. الجواب على لسان المهندس بوفوس (مع فيديو)](/storage/cover/23-09/G82rf0oiKCA4JySA3ON5s7bTooFWWj7Jg98mpdtz.jpeg)
كشف رشيد بوفوس، مهندس معماري وعضو المجلس الوطني لحزب الحركة الشعبية، في هذا الحوار عن التدابير التي يمكن التركيز عليها أثناء عملية إعادة إعمار منطقة الحوز وتارودانت وشيشاوة التي تضررت بفعل الزلزال.
من المعروف أن المغرب يضم مجموعة من الأحواض الزلزالية، ماهي التدابير التي على السلطات اتخاذها للتخفيف من حدة خسائر الهزات الأرضية؟
بداية لابد أن أتقدم بالتعازي للأسر المكلومة وللشعب المغربي على إثر فاجعة الزلزال، كما لابد أن أشير إلى مسألة التضامن والدعم المقدم من قبل السلطات وفي مقدمتها الدعم المقدم من قبل الملك محمد السادس، لأن هذا التضامن والدعم سيمكن من إنقاذ المنطقة التي تعرضت للزلزال وسيتم تعويض الأهالي على الخسائر التي تعرضوا لها. بالعودة إلى السؤال، فإن القانون الخاص بتدبير الزلازل موجود منذ 2002، وهوالذي يحدد نوع التدخل في مجال البناء. فكما يعرف الجميع فالمغرب عرف زلزال أكادير عام 1960 ووصل عدد الضحايا إلى 12 ألف قتيل. ولكن منذ 2002 فطنت الدولة المغربية إلى أن البلاد ستعرف بعض الزلازل بشكل متكرر، ما عجل بصدور هذا القانون الذي يحدد كيفية تدخل المهندسين في مجال البناء. علما أنه في زلزال الحسيمة الذي ضرب بعض الدواوير في منطقة تعرف صعوبة في عمليات التدخل، تمكنت الدولة من إنقاذ المواطنين.
هناك من يقول إن نوع البناء في منطقة الحوز ساهم في رفع عدد الضحايا، هل يمكن أن تتكفل الدولة بعمليات البناء حرصا من عدم تكرار هذه الفاجعة؟
الإشكال في مثل هذه المناطق هو أن المواطنين يبنون منازلهم على النمط التقليدي وفق الإمكانات المتاحة لهم في محيطهم الجغرافي، علما أن بعض المواطنين الأخريين في هذه المناطق بدأوا يستعينون بالوسائل الحديثة في البناء،. إن المواطنين الذين يقطنون بالحوز لم ينزلوا من السماء، بل هذه المنطقة هي مهد الدولة الموحدية، والدليل هو مسجد تنمل. ومع ظهور نمط البناء الحضري أصبح السؤال لماذا لا يتم الاستعانة بالوسائل الحديثة في عملية البناء في هذه المناطق، ولا يجب أن نلوم أي أحد، فهؤلاء المواطنين كانوا يقومون ببناء منازلهم على النمط التقليدي، وما وقع حاليا هو قدر الله، وستتكفل الدولة المغربية كما وقع في الحسيمة، بعملية البناء بنمط حديث وحسب التقنيات الجديدة المضادة للزلازل، لكن مع وجوب الحفاظ على النمط التقليدي في الهندسة، على اعتبار أن المنازل في هذه المناطق لا تخصص فقط للسكن، ولكن هناك أيضا أنشطة اقتصادية موازية، وهذا لابد من استحضاره في عملية إعادة الإعمار.
البعض يقول إن منطقة الحوز هي بؤرة للكوارث منذ سنوات (فيضانات، زلازل، انهيارات، انجرافات للتربة..)، وهو الأمر الذي يتطلب حسب أصحاب هذا الرأي، استراتيجية جديدة في التعامل مع قضية التعمير في هذه المنطقة، هل تتفق مع ذلك؟
إن الأسر الأمازيغية منذ زمن كانت تسمع بعض الأصوات الناجمة عن بعض التصدعات وكانت تعتقد أن الأطلس الكبير يستغيث، والمنطقة الزلزالية في الحوز تصل إلى ليبيا، والجبال في حد ذاتها هي حصيلة تراكمات الزلازل، التي لا يمكن التنبؤ بها.
ولكن المنطقة الزلزالية معروفة، الأمر الذي يتطلب اتخاذ التدابير المسبقة؟
في 2011 تم تحديد مجموعة من المناطق الزلزالية وفق رقم محدد، وتم إعداد دليل موجه للجميع.
ولابد أن أشير أن 80 في المائة من المنازل التي يتم بناؤها في المغرب، تتم بشكل ذاتي من قبل المواطنين.
ولابد أن أشير أن 80 في المائة من المنازل التي يتم بناؤها في المغرب، تتم بشكل ذاتي من قبل المواطنين.
متتبعون يتحدثون عن المشاكل التي تعرفها مثل هذه الدواوير التي وقع فيها الزلزال بسبب التشثت الذي تعرفه، لماذا في رأيك لا يتم استنساخ التجربة الروسية والرومانية التي تمت في القرن العشرين في تجميع هذه الدواوير وهي التجربة الناجحة في العديد من الدول الأوروبية حاليا؟
ربما يكون الزلزال فرصة من أجل إنجاز استراتيجية فعالة، ولا يجب أن يبقى التدخل محصورا فقط أثناء الأزمات، الحل الوحيد هو تجميع أسر الدواوير في قرى نموذجية.
ولكن كانت هناك تجربة إنجاز قرية نموذجية في بداية الألفية الحالية ولم يكتب لها النجاح.لماذا؟
هناك مشكل يتعلق بارتباط المواطنين الذين يتم بناء قرى نموذجية لفائدتهم. فعلا كانت هناك خطة من أجل تمليكهم لأراضيهم ولابد من إعادة إحياء هذا المشروع.
الملاحظ أن النقاش دائما حول مثل هذه القضايا يكون في وقت النكبة، لماذا؟
صحيح، ونحن أبطال العالم في الطوارئ. لكن هناك إشكال كبير على مستوى الاستراتيجيات، فلابد أن يعرف الجميع أن من أصل 1503 جماعة ترابية،هناك 1283 جماعة قروية، بمعنى أن 83 في المائة من الجماعات بالمغرب هي جماعات قروية يقطن فيها 14 مليون مغربي، وهو ما يقارب نصف سكان المغرب، والجميع يعرف أهمية المجال القروي في البلاد .
ولكن لماذا يتم التركيز فقط على محور (طنجة تطوان) ومحور (البيضاء القنيطرة)، عوض الاهتمام بشكل كبير على المناطق الجبلية وحل مشاكلها؟
هذا الأمر لا يتعلق فقط بالمغرب، وهذا ما يفسر الهجرة القروية التي بدأت في المغرب منذ بداية الاستقلال، لأن المدن العصرية لم يكن للمغاربة الحق الدخول إليها أيام الاستعمار، بمعنى أن 80 في المائة من المغاربة كانوا يعيشون في العالم القروي. حاليا تغيرت الأمور، و50 في المائة من المغاربة الذين يقطون في المدن يقطنون بين الجديدة والقنيطرة، ففي هذا الساحل هناك فرص الشغل، وسكان المناطق القروية يهاجرون بسبب الاضطرابات الجوية، "ففي عام تايكون الفيضان وعشر سنين ما تايكون والو"، الأمر الذي يتطلب مراكز حضرية بين المدن والقرى لامتصاص هذه الهجرة، لأن من أسباب الهجرة القروية عدم وجود المرافق العمومية في القرى، وفي بعض المناطق يتم نقل الحوامل على النعش، وهذا ليس وليد اليوم. و لابد من استراتيجية فعالة تستهدف العالم القروي، لأن لا أحد يهاجر موطنه الأصلي إلا إذا كان متضررا، وهو الأمر الذي يفسر حاليا هجرة الأطباء إلى الخارج، وذلك رغم الحاجة الملحة لهم في المغرب.
هل تعتقد أن صندوق الكوارث الطبيعة يمكن أن يخفف من حدة المشاكل التي تعرفها منطقة الحوز ويساهم في تنميتها؟
بالفعل، فلأول مرة مع إحداث هذا الصندوق، أصبحت شركات التأمين مجبرة على تعويض ضحايا الكوارث الطبيعية، لكن بشرط أن يقوم رئيس الحكومة بإعلان المناطق التي تعرضت لهذه الكوارث بأنها مناطق نكبة. إذ بدون هذا الاعلان لن يتمكن السكان المتضررون من التوصل بأي تعويض.
يعني الكرة في مرمى رئيس الحكومة من أجل تعويض ضحايا زلزال الحوز؟
نعم، وهذا يوجد في قانون 14-110 الذي يؤطر هذه العملية، وإنشاء الله يكون خير.