قالت البرلمانية نزيهة أباكريم، عضو الفريق الاشتراتكي بمجلس النواب، إن "التقييم الموضوعي للأداء الحكومي منذ تولي الحكومة الحالية تدبير شؤون هذا البلد الى اليوم، يفرض على صاحبه الرجوع إلى البرنامج الذي تعاقدت به هذه الحكومة مع ممثلي الشعب المغربي بالبرلمان بغرفتيه، والذي يعتبر خارطة طريق لعملها".
وأوضحت البرلمانية نزيهة أباكريم، في تصريحها لـ"أنفاس بريس"، أنه "بحسب ما جاء في التصريح الحكومي يقوم البرنامج الحكومي 2022-2026 على خمسة مبادئ موجهة، ويرتكز على ثلاثة محاور استراتيجية أولها " تدعيم ركائز الدولة الإجتماعية"، أي الدولة الراعية التي تضمن لمواطناتها ومواطنيها جميع الحقوق المكفولة لهم في الفصل 31 من الدستور. ويتعلق الأمر أساسا بالحق في العلاج و العناية الصحية، الحق في تعليم ذو جودة وشغل وسكن لائق...
وأشارت البرلمانية أباكريم أنه "لتفعيل مضامين هذا البرنامج، تعاقدت الحكومة مع الشعب المغربي على أساس عشر التزامات وهي:
1- الرفع من نسبة النمو إلى معدل 4%.
2- احداث مليون منصب شغل صافي على الاقل...
3- رفع نسبة نشاط النساء الى30% عوض 20%حاليا.
4- تفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة.
5- إخراج مليون أسرة من الفقر والهشاشة.
6- حماية وتوسيع الطبقة الوسطى وتوفير الشروط الاقتصادية والاجتماعي لبروز طبقة فلاحية وسطى في العالم القروي.
7- تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية...
8- تعبئة المنظومة التربوية بكل مكوناتها...
9- تعميم التعليم الاولي..
10- تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية...
وسارت إلى أن "تنفيذ هذه الالتزامات يمتد على مدى خمس سنوات، لكن لنسائل الحكومة عن الذي تحقق في السنتين اللتين مرت في عمرها والذي سيكون عنوانا لادائها فيما تبقى من زمنها التدبيري".
وأوضحت البرلمانية أباكريم أنه "بخصوص الالتزام الأول، فبالرغم من الارتفاع الطفيف الذي عرفه معدل النمو هذه السنة، فنسب التضخم لازالت مرتفعة، ولازالت الصدمات المناخية هي المتحكمة وهي المصدر الأساس للتقلبات الاقتصادية ببلادنا. أما عن الالتزامين الثاني والثالث الذين التزمت فيهما الحكومة بإحداث مليون منصب شغل مع الرفع من نسبة نشاط النساء، فالذي حدث هو العكس تماما، حيث ارتفعت نسبة البطالة إلى ٪ 12,9 كما فقد الاقتصاد الوطني خلال هاتين السنتين ما يزيد على 300.000 منصب شغل ، ولا يمكن أن يُعَوَّضَ هذا النزيف ببرامج تشغيل مؤقة تكتنف عملية تنفيذها مؤاخدات من عدة أطراف مما يجعل أهدافها بعيدة المنال كبرنامج "أوراش "مثلا .
أما عن الحماية الاجتماعية، فقد أكدت البرلمانية أباكريم أن "هذا الورش الملكي الطموح الذي يجب احترام الأجندة التي حددها له جلالة الملك، فإن المدخل الأساسي لنجاحه يرتبط بإرساء آلية السجل الاجتماعي الموحد الذي سيحدد عمليا وبطريقة مضبوطة الفئة المستهدفة في المجتمع. هذا السجل، الذي يعرف تنزيله عدة تعثرات اولها استمرار أنشطة القطاع غير المهيكل(60%) والذي لا يسمح بمعرفة حقيقة الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد ".
وإذا كان القانون الإطار رقم 09.21 قد وضع جدولة زمنية لتنفيذ برامج الحماية الاجتماعية عبر تعميم التغطية الصحية الإجبارية في أفق 2022، لفائدة 22 مليون مستفيد إضافي، وتعميم التعويضات العائلية في أفق 2024، لفائدة حوالي 7 ملايين طفل في سن التمدرس، إلى جانب توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد في أفق 2025، لفائدة 5 ملايين مغربي من الساكنة النشيطة، وكذا تعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل في أفق 2025، بالنسبة لكل شخص يتوفر على عمل قار. ، فقد أكدت البرلمانية أباكريم أن "الحكومة قد سجلت تأخيرا، بحيث أن ما كان مبرمجا إنجازه مع متم 2022 لم يتحقق ونحن على مشارف نهاية 2023 . كما أن طريقة التنزيل تسببت في ردود أفعال من المواطنين الذين وجدوا أنفسهم فجأة مدينين للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بٱلاف الدراهم من خلال توصلهم بإشعارات جعلتهم يرفعون شكايات لمختلف الجهات للتعبير عن عجزهم عن أداء تلك المبالغ ".
وبخصوص السكن الاجتماعي، قالت البرلمانية أباكريم أن "الحكومة الحالية أوقفت برامج دعم السكن الاجتماعي والاقتصادي وبرامج القضاء على دور الصفيح دون إيجاد بديل لهما، مما جعل فئات واسعة من المغاربة يعيشون حالة انتظار فَرَجٍ كالسراب، فيما الالتزامات 5 و 6 و7 المتعلقة بتوفير مناصب للشغل القار لمحاربة الفقر والهشاشة وتقليص الفوارق الاجتماعية، فبسبب الغلاء وضعف الإجراءات الحكومية، ضعفت القدرة الشرائية للمواطنين، وعوض توسيع الطبقة الوسطى كما جاء في الالتزام الحكومي، انضمت الطبقات المتوسطة لدائرة الفقر(3،2 مليون حسب المندوبية السامية للتخطيط) وبذلك وسعت خريطة الفوارق الاجتماعية.
أما في منظومة التربية والتعليم، الواردة في الالتزام رقم8، فالوزير المكلف بالقطاع شكيب بن موسى، تشرح البرلمانية أباكريم، يعترف رسميا بقصورها رغم كل محاولات الإصلاح.ففي كلمة له أمام المجلس الأعلى للتعليم، أدلى بأرقام مخيفة تؤكد تدهور جودة خدمات التعليم على جميع المستويات. فبخصوص التعليم الأولي (الالتزام رقم9) والموكول للمجتمع المدني، فما ينبغي أن يكون عليه وضعه حتى وإن تم تعميمه، لا يمكن تحقيقه بجمعيات ضعيفة الإمكانيات وبنيات غير احترافية وغير مختصة.
ويبدو أن تفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية (الالتزام رقم 10)، يؤكد أن "الحكومة تفتقر إلى تصور واضح وشمولي لهذا الورش. فتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية لا يمكن اختزاله في اعتماد مالي لا يرقى إلى مستوى تمويل كل التدابير والإجراءات التي جاء بها القانون التنظيمي 16-26 المتعلق بتحديد تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية وكيفيات ادماجها في التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الاولوية والذي حدد جدولة زمنية دقيقة لتنفيذ مقتضياته. كما لايمكن اختزاله في كتابة الترويسات بحرف تيفناغ في الوقت الذي يشهد تدريس الامازيغية تراجعا على كل المستويات ، أو في الوقت الذي تخلو مشاريع القوانين من اية إشارة إلى هذا التفعيل، كما هو الشأن بالنسبة لمشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية"، تشرح البرلمانية أباكريم.
وفيما يتعلق بصندوق النهوض بالأمازيغية الذي وعدت به الحكومة فلم يحدث لحدود الساعة، وتتم الميزانية المخصصة لهذا الورش ضمن ميزانية وزارة تحديث الإدارة والرقمنة.
وتؤكد البرلمانية أباكريم أنه "في الغالب تعزي الحكومة هذا التأخر في الوفاء بوعودها إلى تداعيات جائحة كوفيد-19 وحرب أوكرانيا التي سببت أزمة اقتصادية عالمية. فحتى وإن سلمنا بهذا الأمر، فعلى الحكومة أن تبني استراتيجيتها في التدبير على كل التوقعات، وأن تجتهد لتبدع حلولا لتخفيف وقع الازمة على البلاد والعباد، خاصة أنها قدمت نفسها للمغاربة على أساس انها حكومة الكفاءات. ففي الأزمات تعرف الكفاءات".
وتوضح البرلمانية أباكريم أن مناسبة إعداد مشروع القانون المالي لسنة 2024 تعدّ فرصة لتدارك التأخير الحاصل؛ إذ أن الحكومة مطالبة بتدقيق زاوية معالجة الميزانية العامة للبلاد، من خلال اعتماد تدابير مبتكرة تخلق دينامية حقيقية تسرع وثيرة تنفيذ مختلف البرامج التي من شأنها تعزيز دعامات الدولة الاجتماعية وتوفير شروط العيش الكريم للجميع انسجاما مع الإرادة الملكية المعبر عنها في خطاب العرش لسنة 2018، خاصة ما يتعلق بإخراج السجل الاجتماعي إلى حيز الوجود وتمكين الفئات المستهدفة من امتيازاته التي من شأنها أن تترجم مؤسساتيا قيم التضامن الضامنة لاستقرار بلادنا.