في هذا الحوار يجيب الأستاذ منتصر حمادة (باحث في الشأن الديني) على أسئلة خاصة بقراءته وتفكيكه لما تضمنه خطاب الملك محمد السادس في عيد العرش (30 يوليوز 2014 ) من رسائل ونقط بخصوص ما وصفه الملك (أمير المؤمنين) بالنموذج المغربي للتدين. كما يشرح الأستاذ منتصر من وجهة نظره أسباب وضع عاهل البلاد لهذا النموذج رهن إشارة بعض الدول.
تحدث الملك في خطاب عيد العرش عن نموذج "التدين المغربي". ما الفرق في نظرك بين الدين والتدين؟
الدين شيء والتدين شيء آخر، الإسلام واحد، عند المسلمين كافة، ولكن أنماط التدين الإسلامي، تختلف من بلد مسلم لآخر، فالتدين في الكويت ليس هو التدين في تونس، هناك فوارق في العقيدة والمذهب والسلوك، رغم أن الجميع ينهل من مرجعية دين واحد هو الإسلام. هذه قاعدة تنطبق أيضاً على المغرب، أو على التدين المغربي، والذي يتميز فوق ذلك، بوجود مؤسسة دينية متجذرة عبر التاريخ، وهي مؤسسة إمارة المؤمنين، التي ساعدتنا في صيانة التدين المغربي: الإسلامي بالدرجة الأولى، بحكم إن أغلب المغاربة مسلمون، وباقي أنماط التدين، وطبعا الأديان الأخرى، ونخص بالذكر اليهودية، بحكم وجود مغاربة يهود، ويفتخرون بانتمائهم المغربي.
هناك من سيقول أن هذه المميزات جاءت في الخطاب الملكي كرد فعل على مستجدات سياسية طارئة؟
بالعودة إلى الفوارق بين العقيدة والمذهب والسلوك، فالمغرب، وعلى غرار بعض بلدان المغرب العربي، يتبنى العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والسلوك الصوفي، وهذه مميزات متجذرة منذ قرون مضت، ولا علاقة لها بمستجدات سياسية طارئة هنا أو هناك.
كيف تشرح باختصار هذا النموذج في التدين المغربي. وماهي أهم المحطات التاريخية التي أسست لوجوده بالمغرب على المستوى الإقليمي والدولي؟
هذا النموذج في التدين باختصار شديد هو نموذج وسطي ومعتدل ومنفتح، يُفسر لماذا احتضن المغاربة منذ قرون مضت الموريسكيين الذين طردوا من الأندلس، ويُفسر لماذا كان المغرب أول بلد مسلم يزوره بابا الفاتيكان، جون بول الثاني، على عهد الملك الحسن الثاني، ويفسر أيضا، لماذا، بعد اعتداءات 11 شتنبر 2001، طالبت أصوات أوروبية بالاستفادة من طبيعة التدين المغربي من أجل التصدي لنزعات التطرف السلفية في الساحة الأوروبية، وتحدثوا حينها عن المالكية المغربية تحديداً.
ماهي قراءتك لوضع هذا النموذج في التدين رهن إشارة بعض الدول من طرف عاهل البلاد في خطاب عيد العرش ؟
يجب أخذ بعين الاعتبار السياقات الإقليمية الملتهبة التي تمر منها المنطقة خلال الآونة الأخيرة: نتحدث عن صعود ظاهرة "داعش" في العراق والشام، صعود تيارات "أنصار الشريعة" في ليبيا ومصر وتونس، بل وصل الأمر في تونس إلى مرتبة تهديد التيار للحكومة التونسية بالحوار أو الإرهاب، نتحدث عن معارك دول الشرق الأوسط مع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، بين أنظمة متحالفة مع التنظيم (قطر وتركيا)، وأنظمة معادية له (السعودية، الإمارات، مصر..)، وغيرها من المؤشرات التي تجعل من المغرب، رغم بعض القلاقل الدينية التي نعاينها والتي تتطلب تدخلا عاجلاً لتسويتها، أفضل بكثير من الفتنة الدينية والمذهبية السائدة في المنطقة.
منتصر حمادة