الأحد 24 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

ربيع الزموري:السلطة المحلية والطريق إلى التنمية

ربيع الزموري:السلطة المحلية والطريق إلى التنمية ربيع الزموري
لقد عرفت الدولة المغربية عبر تطورها التاريخي، تواجد أجهزة إدارية أساسية في المجتمع المغربي، ألا وهي مناصب رجال السلطة وأعوانهم. فبعد أن تم إحداث مؤسسة العامل كأعلى رتب رجال السلطة على الصعيد الإقليمي، ويعمل تحت سلطته الرئاسية باقي رجال السلطة وظهرت مؤسسة الوالي كأعلى رتبة على الصعيد الجهوي ويعمل تحت رئاسته عمال العمالات. إن التقسيم الإداري بالمغرب، مواكب ومتوازي مع التقسيم الترابي بحيث أن الوحدات الإدارية التي يشرف عليها رجال السلطة في إطار اللاتركيز الإداري، تتناسب مع الوحدات الترابية أو الجماعات الترابية في إطار اللامركزية الترابية الإقليمية، كما أنها تتناسب مع اللامركزية المرفقية. وإذا كان الحي أوالدوار هو أصغر تجمع سكني، فإن عون السلطة يعين بهذا الدوار وهذا يعني أن رجال السلطة وأعوانهم منتشرون بجميع ربوع المملكة، ولا توجد رقعة لا تكون هي وسكانها تابعة لرجل سلطة القائد أو خليفته وعون سلطة مقدم أو شيخ، وما يميز هذا التنظيم الذي يخضعون له أن جهاز السلطة المحلية جهاز متناسق ومتكامل مع وجود العريفات ونساء السلطة. يبدو أن رجال السلطة بمختلف درجاتهم ومناصبهم، يقومون بأدوار ليست باليسيرة سواء من الناحية الأمنية أوالتنموية، فهم يقومون بأدوارهم المتعددة والمهمة بصورة مباشرة،أما أعوانهم فيساهمون في هذه الأدوار من خلال عمليات الضبط والإخبار والتدخلات من أجل المصلحة العامة أمنا وتنمية. وهذا ما لا تستطيع جهات أخرى القيام به مهما كانت سلطاتها، فتارة تجدهم يؤدون الأدوار الأمنية للحفاظ على النظام والأمن العموميين، وتارة أخرى تصبح مهامهم تنموية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وفي مجال الاستثمار. وأحيانا تكون تدخلاتهم الأمنية في مجال الشرطة الإدارية، من أجل إقامة مشاريع تنموية. ففي مجال التعمير مثلا يمارس العمال شرطة التعمير المادة 71 من ظهير 17 يونيو 1992 الصادر بتنفيذ القانون 90-012 المتعلق بالتعمير التي منحت سلطة الأمر بهدم جميع أو بعض البناء المخالف للضوابط المقررة في القوانين والقانون66.12. وطبقا للفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 90- 25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات. كما أن الوالي يلعب دورا مهما في محاربة دور الصفيح وتنفيذ السياسة الحكومية ࢭفي ميدان ٕالإسكان، ويترأس اللجنة الجهوية للسكان فعمليات هدم السكن غير اللائق التي يشرف عليها رجال السلطة، تتبعها تنمية اجتماعية من خلال عمليات إعادة إسكان قاطني دور الصفيح الذين يتم هدم منازلهم، واستفادهتم من سكن اقتصادي واجتماعي بأحياء مجهزة بالمرافق العامة الضرورية، بثمن في المتناول دون عناء البناء وغير ذلك مع تسهيل الإجراءات الإدارية أما بالنسبة للدواوير التي يتم هدمها فتقام مكانها مشاريع تنموية كذلك إما مرافق عامة وعمومية لتحقيق التنمية المندمجة فما هي الاسراتيجية التي نهجهتا السلطة المحلية من أجل تحقيق هذع التنمية سنحاول الإجابة من خلال فقرتين نخصص الأولى منهما لعملية التنمية الترابية بعمالة الصخيرات تمارة كنموذج أما الفقرة الثانية دور رجل السلطة قي التنمية الترابية.
الوالي محمد اليعقوبي نموذجا
الفقرة الأولى
تنفيذا للتوجيهات الملكية الرامية إلى تمكين المواطنات والمواطنين من السكن الاجتماعي وتحسين ظروف عيشهم ومحاربة كل أشكال السكن غير اللائق، وفق تصور يراعي مستلزمات الحفاظ على البيئة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
سياق تنزيل البرنامج الوطني “مدن بدون صفيح” تمكنت السلطات المحلية ومصالح عمالة الصخيرات تمارة، تحت إشراف الوالي محمد اليعقوبي، على عملية إعادة إيواء ساكنة دور الصفيح بتمارة، معبئة بكافة الإمكانيات البشرية واللوجيستيكية الكفيلة لضمان حسن سير العملية بالمجال الترابي لهذه العمالة، وإقناع المواطنين بأنهم معنيون بالتعاون والمساهمة في هذه التنمية، كما طالت عمليات الهدم كل البنايات غير القانونية، التي قد تعرقل المشاريع المزمع إنجازها مع اتباع المساطر المناسبة بشأنها. والعمل على إزالة كل ما هو عشوائي لتحقيق هدف مهم من أهداف الشرطة الإدارية ألا وهو الحفاظ على جمالية ورونق البيئة الحضرية.
الفقرة الثانية
إذا كان  إدريس البصري، قد أشار في كتابه رجل السلطة أنه من الخطر أن يعتاد شعب الاتكال على الدولة أو الجماعة، في إنجاز كل ما يهمه ويعنيه، وأن الغاية من مهام رجل السلطة، هي تعويذ الشعوب على حب العمل وبذل المجهود الشخصي وروح التضحية واحترام الدولة وهذه هي الصفات الحميدة للشعوب. وأن يستطيع رجل السلطة تأويل نوايا السلطة المركزية ومقاصدها، والتعبير عنها في عين المكان مع الحرص طبعا على نيل فوز أو تق في هذا الصدد. فإن الوالي اليعقوبي، الذي يوصف بالرجل المناسب في المكان المناسب ورجل الميدان، كما دعا إلى ذلك الملك محمد السادس حيث أكد جلالته في خطابه السامي الذي وجهه إلى المسؤولين عن الجهات و الولايات والعمالات والأقاليم من رجال الإدارة وممثلي السكان. أن المفهوم الجديد للسلطة مبني على رعاية المصالح العمومية وتدبير الشأن المحلي والمحافظة على السلم الاجتماعي. وهي مسؤولية لايمكن النهوض بها من داخل المكاتب الإدارية التي بجب أن تكون مفتوحة في وجه المواطنين. ولكن تتطلب احتكاكا مباشرا بهم، وملامسة ميدانية لمشاكلهم في إيجاد الحلول المناسبة والملائمة. مع العلم أن مكان ومجال عمل هذا الوالي جهة الرباط سلا القنيطرة، كوالي عليها وعاملا على العاصمة الإدارية والسياسية الرباط وعامل بالنيابة على عمالة داخل نفوذه الترابي وهي عمالة الصخيرات تمارة التي خلصها من مشكل البناء العشوائي بمعية رجال السلطة الأكفاء خصوصا المتخرجين الجدد وأعوانهم بكل جماعاتها ومباشرة تنميتها بحزمة من المشاريع التنموية بحكم موقعها الاستراتيجي داخل الجهة على غرار جارتها عمالة الرباط التي تعتبر قطبا حضريا كبيرا. إن الطريقة التي تعاملت بها السلطات المحلية مع قاطني دور الصفيح والبنايات غير القانونية طريقة أثارت جدلا من حيث تسريع عملية الهدم وتأخير عملية الاستفادة إلى غاية الانتهاء من تجهيز الشقق بشكل نهائي.
الوضع فرضته عدة ظروف فالمغرب اليوم مطالب أكثر من أي وقت بتنمية التراب والمجال لاسيما وأنه يطمح لتنظيم تظاهرة رياضية عالمية.
خاتمة
إن إسناد مناصب الولاة إلى الخبراء المهندسين في الوقت الراهن، هو شرط لتحقيق التنمية بالمغرب فقد بينت العلاقة بين الإدارة والخبرة في الدول المتقدمة عن النجاح في كل المجالات، كما الشأن بالنسبة للوالي مهيدية وولات اخرين من نفس التخصص ومن أهم تجليات نجاعة هذه العلاقة هي أن وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، ينتمي كذلك إلى فئة المهندسين الخبراء وسبق له أن كان واليا وعاملا على عمالة الرباط. والذي اعتمد في تدبيرهيئة رجال السلطة وأعوانهم على معيار الكفاءة والاستحقاق وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
إن ما تطرقنا له في هذا البحث هو النشاط الإداري للسلطة المحلية بكل مكوناتها من رجال السلطة وأعوانهم في تدخلاتهم السلبية من خلال الضبط الإداري والإيجابية من خلال تقديم الخدمات هذا النشاط ولقد أبان المجتمع المغربي عن تعاونه مع السلطة المحلية في الفترات التي يكون فيها المغرب أمام الأزمات التحديات. أما بالنسبة للتنمية الاجتماعية ومحارب الفقر والهشاشة وتحسين ظروف العيش فستحقق بعد عملية الضبط وتوفير المعلومات عن كل المواطنين بواسطة السجلين الوطني والاجتماعي. إلا ّأن تحقيق المردودية المطلوبة كما قال الاستاذ عبد النبي صبري لا تكون إلا بتوفر شرطين الروح الوطنية والكفاءة عند المدبر العمومي. .