السبت 20 إبريل 2024
سياسة

مفكرون وسياسيون مصريون يناقشون ظهيرا للملك محمد السادس

مفكرون وسياسيون مصريون يناقشون ظهيرا للملك محمد السادس

أصدر الملك محمد السادس ظهيرا ملكياً يقضي بمنع الأئمة والدعاة والزعماء الدينيين في البلاد من المشاركة بأي شكل من أشكال النشاط السياسي. ووفقاً للظهير، يلزم العاملون في المؤسسات الدينية بمبادئ الأمة المغربية مع مراعاة حرمة الأماكن المخصصة لعقد طقوس الدين الإسلامي، وضرورة ارتداء الزي المغربي.

هنا قراءة مصرية في القرار وتداعياته كما نشرتها "الاتحاد الإماراتية":

 

د. يحيى الجمل الفقيه القانوني ونائب رئيس الوزراء المصري الأسبق:

أرفض تماما زواج الدين بالسلطة؛ لأنه سيؤدي إلى فساد الدين والسلطة. كما أن هذا هو أحد الأسباب الرئيسية لسقوط حكم الاخوان في مصر. وفي رأيي أن هذا الأمر هو تدمير للشعوب وتغييب لمنطق العقل الذي يجب أن يسود.. وتدمير للدين أيضا؛ فعندما يخلط الدين بالسياسة يخسر الجميع.. وعلينا ألا نغفل تجربة الاحزاب التي قامت على أساس ديني في لبنان وسوريا والعراق، والنتائج التي أدت إليها من دمار وفتنة طائفية وكراهية. وفي رأيي أن خلط الدين بالسياسة ووجود رجال دين يشتغلون بالسياسة ووجود أحزاب سياسية على أساس ديني يهدد وحدة وتماسك كيان الأمة.

 

د. كمال الهلباوي القيادي بجماعة الإخوان المسلمين المنشق:

 إن المرسوم الذي وقّعه ملك المغرب محمد السادس، يمنع العاملين في المؤسسات الدينية من الانخراط في أي نشاط سياسي أو التعبير عن آرائهم السياسية إلا بموافقة الحكومة، أيضاً يلزم الزعماء الدينيين إلى ضرورة الالتزام بمبادئ الفقه الإسلامي والعقيدة الأشعرية ومبادئ الأمة المغربية، ويؤكد أن الإسلام هو الدين الرسمي للمغرب و99 في المئة من السكان يعدون مسلمين، لكن المغرب استشعرت خطورة المناخ السياسي والديني الحالي في منطقة الشرق الأوسط، حيث كانت مكافحة التطرف الديني حجر الزاوية في جدول الأعمال داخل البلاط الملكي المغربي منذ الهجمات الإرهابية التي وقعت في الدار البيضاء عام 2003، وعلى الرغم من المحاولات الملكية لمواجهة التطرف الديني، إلا أن الدولة لم تستطع منع هجرة عدد من الشباب المغاربة الذين سافروا إلى سوريا للانضمام إلى الجماعات السلفية الجهادية، والتي يشكل عودتهم خطراً على استقرار الدولة.

 

د. عبدالرحيم علي الخبير في حركات الإسلام السياسي:

 أن تأثير حرب أمريكا على الإرهاب أثّر على تطور المبادرة الديمقراطية المغربية نحو تداخل الدين بالسياسة، وخاصةً على الحزب الإسلامي العدالة والتنمية، وتابع، قبل تفجيرات الدار البيضاء كانت هناك انتقادات لاذعة ومساجلات عنيفة بين الحزب والحكومة، لكن بعد التفجيرات خففت المواقف السياسية من خلال اعتماد خطاب أكثر اعتدالاً تحت ضغط من القصر الملكي، وتم حث قادة حزب العدالة والتنمية على إعادة تعريف الخطاب السياسي وتبني سياسات التحديث التي تشكل أداة هامة لأيديولوجية النظام الملكي الجديد، حيث كان يرغب الملك محمد السادس من أن تمت البيعة الشرعي له ملكاً في 1999، على تطوير دولة حديثة ذات مؤسسات ديمقراطية قابلة للحياة ومنفتحة على العالم، وفي سنوات قليلة أصبحت المغرب بلدا جذابا لأوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، باعتبارها واحدة من الدول العربية التي يمكن أن تنظر إليها واشنطن على أنها صديق مريح.

 

د. مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية:

المغرب باعتبارها واحدة من الدول العربية، تعتبر من أكثر الدول العربية ثقة بالنسبة للولايات المتحدة، حيث أدخلت ثقافة تحديث مؤسساتها السياسية بطريقة جعلتها تحتل مكانة رائدة بين الدول العربية. ومع ذلك فإن هذا الانفتاح السياسي حث القصر والحكومة على إعادة تعريف الخطاب السياسي، والأولويات التي تشغل الدولة، ولذلك أصدر الملك محمد السادس قراره بحظر مشاركة الأئمة والدعاة في أي أنشطة سياسية، وأعتقد -والكلام للدكتور مصطفى كامل- أن المغرب تدرك تماماً أن حركات الإسلام الراديكالي قد استفادت من ثورات الربيع العربي، ومن الانفتاح السياسي في أعقاب سقوط عدد من الأنظمة الحاكمة منذ عام 2011.

 

د. أماني الطويل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية:

 القرار الذى أصدره محمد السادس ملك المغرب بمنع الأئمة والخطباء وجميع المشتغلين في الحقل الديني من ممارسة أي السياسة أو اتخاذ موقف سياسي معين، جاء لمنع استخدام رجال الدين والمساجد فى الدعاية السياسية ودخولها فى نطاق التحزب، كذلك قصر المساجد على العمل الدعوي فقط دون غيره والالتزام بأصول المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية وثوابت الأمة، مع مراعاة حرمة دور العبادة، بالاضافة إلى وجود بعض رجال الدين الذين أصبحوا يمثلون خطرا على السلم الاجتماعي ووحدة الأوطان، كل هذه عوامل وأسباب واقعية قد لعبت دورها فى استصدار هذا القرار.

 

د.عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية:

 قرار الملك محمد السادس جريء وذكي، حيث قطع الطريق أمام كل من يحاول استخدام الدين فى السياسة واتخاذ الدين وسيلة للوصول إلى الحكم من خلال اللعب على المشاعر الدينية للشعوب، إن الظرف الزمني الذي تم فيه اتخاذ هذا القرار وتفعيله وربطه بالزيارة التي قام بها ملك المغرب إلى تونس يعني أن هناك تنسيقا لتعميم هذا القرار على بلدان المغرب العربى بمباركة من الاسلاميين الموجودين في الحكم في كل من تونس والمغرب وليبيا، ومن الممكن أن تشهد الفترة القادمة قرارات أو قوانين مماثلة فى تونس.

إن هذا القرار يعتبر قرارا تاريخيا اذا توافرت الارادة والقدرة على تطبيقه على أرض الواقع، وتابع هذا الاجراء ضرورى للتصدي للإرهاب ومنع سيطرت المتطرفين على عقول البسطاء من خلال منابر دور العبادة، لافتا الى ضرورة منع المتحدثين باسم الدين من الخوض في غمار السياسة سوء رجال الدين الاسلامي أو المسيحي لأن التاريخ أثبت أنهما لا يلتقيان إلا بالفوضى والدماء، وتابع هذا القرار جاء في اطار ما أسمته الرباط بـ«اصلاحات الحقل الديني» التي بدأت في أعقاب تفجيرات الدار البيضاء.

 

د. السيد عليوة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان:

 من الضروري أن يصدر قرار أو قانون مماثل يمنع رجال الدين من العمل في السياسة في مصر؛ بل يجب أن يعمم مثل هذا القرار على كل دول المنطقة لنحمي أوطاننا من التطرف والتمزيق على أسس دينية ومذهبية.

إن ما تعانيه دولنا العربية الآن من صراعات وفتن يرجع الى اقحام الدين في السياسة ودخول رجال الدين كلاعب أساسي ومؤثر في المشهد السياسي، وتابع: السياسة وأمورها من اختصاص السياسيين، كما أن أمور الدين بفتاواها وفقهها من اختصاص رجال الدين. ويجب ألا نخلط بين هذه الأمور حفاظا على التخصص، وإسناد الأمر الى أهله.

 

السفير محمد العرابي وزير الخارجية المصري السابق:

 أشدد على ضرورة فهم تعقيد اللعبة السياسية في السياسة الوطنية المغربية في إطار الرؤية الاستراتيجية الاجتماعية والاقتصادية التي اعتمدها القصر والحكومة، والتي تأتي من منظور التوافق مع السياق العالمي للحرب على الإرهاب، وتأثيره على تطور الأحزاب الإسلامية في المغرب، خاصةً بعد أن سمح الملك الراحل الحسن الثاني عام 1990 للأحزاب المعارضة بالمشاركة بحرية في العملية السياسية لتمهيد الطريق أمام انتقال سلس إلى وريث العرش الحالي الملك محمد السادس، وهذا القرار جاء كرد فعل على صعود الإسلاميين في بلاده، ومع ذلك لم يستطع وقف تنامي تيار الإسلام السياسي.

 إن الانفتاح السياسي في المغرب، الذي جاء بعد صعود محمد السادس، كان مقترناً بمحاولات متعددة لدمقرطة المجتمع وتعزيز روح المسؤولية والأخلاق والقومية، حتى بدأت تظهر الأحزاب المناهضة للحكومة والقصر الملكي، ومع ذلك بعد الأعمال الإرهابية التي وقعت عام 2003 في الدار البيضاء، تم إصدار قانون لحظر الأحزاب السياسية على أساس ديني، وتم استهداف حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض من قبل الأجهزة الأمنية باعتباره واحداً من الحركات التي ساهمت في انتشار ثقافة التعصب الديني بين الشعب المغربي.

 

د. أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر:

الأحزاب الإسلامية داخل المغرب سارت وراء تيار الإسلام السياسي في جميع أنحاء العالم العربي، حيث نجح هذا التيار في اكتساب شعبية هائلة بسبب تفانيهم في الحديث عن العدالة الاجتماعية، إلى جانب معارضة الإمبريالية الأمريكية في المنطقة، وانتقادات مستمرة من سياسات الحكومات العربية. فبعد صعود هذا التيار إلى السلطة في أعقاب ثورات الربيع العربي، وتحديداً في مصر وتونس وليبيا، أدركت الشعوب العربية موالاة هذه التيارات للأنظمة الغربية أملاً في دعم ترسيخ حكمها داخل هذه الدول، حتى أنها تخلت عن مبادئها وسارت نحو الاتصالات والحوار والمفاوضات مع الغرب، ولم تمانع هذه التيارات من استخدام العنف كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية واجتماعية واقتصادية، وبالتالي فإن قرار الملك محمد السادس بحظر عمل الأئمة والدعاة في الأنشطة السياسية، يتفق مع الأحداث التي تمر بها الأمة العربية جراء استخدام الدين في السياسة، ويؤكد أن تجديد الخطاب الديني في الدول العربية هو البديل المناسب لمحاربة التعصب الديني.

 

د.محمد إبراهيم أستاذ الفقه الاسلامي بجامعة الأزهر:

منع رجال الدين من العمل فى السياسة يحفظ لرجل الدين هيبته ويحفظ السياسة من أخطاء غير المتخصصين. ولهذا من الضروري تطبيق هذا الأمر على أرض الواقع مع الاحتفاظ للعلماء بمكانتهم اللائقة في المجتمع، خاصة أن عالم الدين لعب عبر التاريخ دور الموجه والمصلح الذي يدافع عن الأخلاق والقيم والدين.