لاحظ أغلبية المهتمّين بهذا النزاع الإقليمي المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية هذا الأسلوب الجديد الذي بدأ يطبع مسار الاعترافات بمغربية الصحراء.. فلم يعد الأمر يقتصر على تصريحات مسؤولي الدول في لقاءاتهم الثنائية مع وزير الخارجية المغربية أو غيره.. بجانب البيانات المشتركة أو فتح القنصليات هناك.. بل نحن أمام رسائل موثّقة ومدققة في التعبير كما في الموقف هي الآن مشاريع صكوك تاريخية مستقبلاً..
بدءاً بذاك التوقيع للرئيس الأمريكي ترامب وتغريدته المشهورة.. وصولاً إلى رسالة رئيس الحكومة الإسبانية شانسيز التي تحولت إلى مادة انتخابية بين الحزبين الغريمين داخل إسبانيا اليوم.. وآخرها رسالة الرئيس الإسرائيلي إلى الملك بمضامين الاعتراف بمغربية الصحراء مع التفكير بشكل إيجابي فتح قنصلية بمدينة الداخلة..
هي الرسالة التي علّق عليها السفير الأمريكي السابق بالرباط قائلاً:
(كنت أعرف وأنا أوقّع على الخريطة المغربية كاملة قبل ثلاث سنوات أن إسرائيل قادمة..)
هذا التعليق يدفعنا إلى التساؤل عن هذا التأخير بسقف زمنيّ عرفت فيه العلاقات المغربية الإسرائيلية حالات التجاذب والندّية لزعزعة الموقف المغربي اتجاه القضية الفلسطينية.. منها كما تشير كل المعطيات إلى انتزاع موقف مغربي ذات الصلة بالقدس الشريفة.. آخرها اقتراح مؤتمر النقب بالصحراء لإعلان هذا الاعتراف كما صرح بذلك قبل أسبوع أحد المسؤولين الاسرائليين..
بالرغم من كل هذه المساومة والضغوطات بقيت الدولة المغربية صامدة وغير مهرولة نحو انتزاع هذا الاعتراف باعتباره تحقيق حق وليس امتياز.
وهو ما نجده في الرسالة الجوابية الملكية اليوم التي جاءت لتؤكد على أن روابط البيعة بين سلاطين المغرب وأهالي هذه المنطقة راسخة في التاريخ وموثقة بالحجج والبراهين.. وان جحود أو نفي لهذه العلاقة هو ضد منطق التاريخ وواقعية الجغرافيا.. مقابل ما يشكّله الاعتراف نفسه كمناصرة لهذا الحق ضد التزوير والبهتان..
فلسنا من مغتصبي الأرض.. وأقوياء لحظة الترافع عن أراضينا كمغاربة أيّاً كانت هويتنا الدينية كما جاء في الرسالة الملكية وهي تنوّه باليهود المغاربة بإسرائيل ودورهم الحاسم في بلورة هذا الاعتراف بعيدا عن أية مقايضة أوابتزاز وتغيير في الموقف المغربي قيادة وشعبا من القضية الفلسطينية كما في خاتمة الرسالة نفسها، وهي تذكر الرئيس الإسرائيلي بالإطار المرجعي وبتوجهاته المبدئية لحظة التوقيع الثلاثي المغربي - الأمريكي - الإسرائيلي وهو ما أكدت عليه رسالة سابقة لجلالته إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم 20 دجنبر 2020 مباشرة بعد التوقيع على فتح مكتب الاتصال الإسرائيلي بالمغرب
ومن أهمّ ما جاء فيها :
(... أن المغرب يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، وأن عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربيتها لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه المشروعة، وأنه سيواصل انخراطه البناء من أجل إقرار سلام عادل ودائم بمنطقة الشرق الأوسط.)
هي مواقف بلد وقناعة شعب
وإذ نؤكد على أهمية هذا الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء ودوره في تسريع عملية إنهاء هذا النزاع المفتعل فإنّ الأهم هو هذا الصمود والثبات على مواقفنا دون مقايضة أوابتزاز من إسرائيل أوغيرها.. لأن الحق واحد في الصحراء كما في فلسطين..
وإذا استطاع المغرب انتزاع هذا الاعتراف بمغربية الصحراء بدون مقايضة فهو قادر على تدبير الصراع هناك من أجل انتزاع الحق الفلسطيني وقف خطة السلام العربية..
وللايام المقبلة عناوينها..