تسود حالة من الخوف والقلق الشديد في صفوف المهاجرين بالسويد من سحب أطفالهم من قبل المصالح الاجتماعية، وهو الخوف والقلق الذي جعل الكثير من العائلات المهاجرة تفكر في مغادرة السويد، وهو الأمر الذي انتبهت إليه السلطات السويدية والتي قررت تعزيز عمليات المراقبة في المطارات من أجل منع عائلات المهاجرين من مغادرة أراضيها برفقة أطفالهم لمجرد الشك، تحت ذريعة حماية الأطفال من الختان والزواج القسري، حيث يصبح مجرد بكاء الطفل داخل المطارات السويدية تهمة تستوجب التوقيف، حيث أصدرت مذكرة تتيح للمواطنين السويديين وخاصة المسافرين التبليغ عن المهاجرين الراغبين في السفر لمجرد الشك، وهو الأمر الذي أثار ردود فعل ناقمة من طرف اللاجئين والمهاجرين المقيمين في السويد الذين دعوا إلى ضرورة حماية خصوصياتهم الثقافية وضمان حقهم في التنقل إلى الخارج باعتباره حق إنساني.
على صعيد آخر، تسود المخاوف في صفوف العائلات المهاجرة من إرسال أبنائهم الى رياض الأطفال خوفا من سحبهم منهم من قبل من المصالح الاجتماعية، وذكر تقرير للتلفزيون السويدي svt أن حوالي 800 طفل في بلدية بيوتيبوري تتراوح أعمارهم بين ثلاث وخمس سنوات لا يذهبون إلى الرياض، والسبب " خوف الآباء من السوسيال وعدم ثقتهم في المدرسين " .
ووفقا لتقرير التلفزيون السويدي، فإن أهم الأسباب التي تجعل المهاجرين الجدد لا يرسلون أبناءهم للروضات هو الخوف والقلق من السوسيال، وعدم الثقة في السلطات السويدية، وخصوصاً الخدمات الاجتماعية.
كما نقل التلفزيون السويدي أن موظفي السوسيال بدأوا يحاولون الوصول لهذه العائلات المهاجرة التي تشعر بالخوف وتسمع الإشاعات التي تؤكد لهم إمكانية سحب أطفالهم، وحاول موظفي السوسيال طمأنت هذه العائلات، خصوصا وأن قانون جديدة سوف يدخل حيز التنفيذ من أول يوليوز المقبل 2023، حيث ستكون البلديات ملزمة بالوصول إلى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وخمس سنوات والذين عاش أولياء أمورهم في السويد لمدة تقل عن خمس سنوات، وإلزام العائلات بذهاب أطفالهم للروضة من أجل تعزيز اللغة السويدية لدى الأطفال.
وتعليقا على الإجراءات التي تقوم بها السلطات السويدية في هذا الإطار، ذهب جمال الدين ريان، رئيس مرصد الهجرة والتواصل بأمستردام إلى أن هذه هي إجراءات معروفة في كل الدول الأوروبية، حيث أن للطفل حقوق وضمنها الحق في التعليم الذي يعد إجباري، حيث تفرض على الأسر عدم تغيب الطفل عن المدرسة قبل بداية العطل المدرسية، لدرجة أن هناك موظفين يوكل إليهم مراقبة مدى حصول الأطفال على رخص المغادرة إلى الخارج، مشيرا إلى أن ما يقع في السويد يتعلق بحالات للعنف الجسدي واللفظي من قبل عائلات اللاجئين، فبعد تبليغ الطفل عن تعرضه للعنف من قبل والديه في المدرسة تقوم مصالح رعاية الأطفال باتخاذ الإجراءات وضمنها إمكانية سحب الطفل من الأسرة وتسليمه إلى أسرة أخرى بقرار من القاضي من أجل ضمان تربيته في جو صحي ومريح وغير متشنج.
وفيما يتعلق بمنع المهاجرين من مغادرة المطارات لمجرد الشك في السويد أشار ريان أن السلطات تقوم بهذه المراقبة لأن بعض المهاجرين يقومون بتهريب أطفالهم إلى خارج البلاد، مشيرا بأن الأمر يتعلق بتطبيق قوانين أوروبية صارمة في مجال حماية الطفولة، وينبغي على المهاجرين – يضيف ريان-احترام قوانين هذه البلدان، علما أنه حتى في المغرب والعالم العربي عموما، توجد قوانين صارمة من أجل ضمان حماية الأطفال – يضيف ريان - .
من جانبها أشارت مها البهوي ( مهاجرة مغربية مقيمة بسويسرا) أن عددا من المهاجرين في السويد وكندا أصبحوا يغادرون لخوفهم من سحب أطفالهم من قبل السوسيال، مشيرة بأن المهاجرين وبالنظر لاعتمادهم على استعمال العنف في التربية مهددون بسحب أطفالهم، مضيفة بأن عدد من العائلات المقيمة في السويد قررت العودة إلى المغرب خوفا من فقدان فلذات أكبادها بناء على تصريحات الأطفال بتعرضهم للعنف أو كونهم يعانون من الحرمان من اللباس أو الطعام، أو بمجرد معاينة آثار للشرب حيث أن المصالح الاجتماعية لا تتردد في القدوم إلى منزل العائلات المبلغ عنها برفقة الشرطة من أجل سحب الأطفال، دون أن تعرف العائلات التي سحبوا منها عن مكان تواجدهم.
وأوضحت محاورتنا أن التمدرس والتطبيب ورعاية الأطفال يعد من الحقوق الأساسية في السويد، ولذلك ينبغي على المهاجرين العناية بأطفالهم وضمان جميع حاجياتهم، علما أن الدولة تتكفل بتوفير المساعدات الضرورية في حالة تصريحهم بعجزهم عن الإنفاق على أطفالهم.
من زاويته حذر عبد المولى البصراوي (فاعل مدني مقيم بإيطاليا) من المبالغة فيما يتعلق بموضوع سحب الأطفال من عائلاتهم بالسويد، مشيرا إلى أنه في حالة عدم التعامل مع الأطفال بشكل غير تربوي، خصوصا اذا كانت هناك شكايات من طرف الأطفال في المدرسة، بأنهم يتعرضون لمعاملة قاسية، يتم التبليغ عن العائلات، مؤكدا بأن هذه الشكاية لا يمكن أن تفعل بشكل تلقائي، مقدما مثال مصري تم التبليغ عنه من طرف مديرة مدرسة في إيطاليا لكونه أجبر ابنه ذي السبع سنوات على الصيام، مستبعدا فرضية تعسف السلطات فيما يتعلق بسحب الأطفال، علما أن هناك مهاجرين يتعاملون بشكل سيء مع أبنائهم وهؤلاء – يضيف محاورنا - يمكن أن يتم التبليغ عنهم لأن الأبناء يحظون بحقوقهم، كما يحظى الآباء والمسنون بحقوقهم، وفي حالة ما اذا ما تم توقيف أي مهاجر يرغب في المغادرة رفقة أبنائهم إلى الخارج - يقول البصراوي - فالسلطات ملزمة بتبرير قرارها والإدلاء بما يفيد تعريض الأطفال لسوء المعاملة، وفي غياب ذلك فإنه يحق للمهاجر اللجوء إلى وسائل الإعلام ورفع دعوى أمام القضاء للمطالبة بالتعويض.