الأحد 24 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

خليل البخاري: أهمية التطوير المهني للمدرس

خليل البخاري: أهمية التطوير المهني للمدرس خليل البخاري
إن موضوع اعداد المدرس وتأهيله وتطوير أدائه المهني يشغل بال واهتمام المربين في مختلف الأنظمة التعليمية، وإعداد المدرس يعتبر مسألة محورية في تنفيذ السياسات التعليمية.
ويعتبر إعداد المدرس وتنميته مهنيا من ركائز تحسين التعلم والإرتقاء بمخرجاته لا سيما ما يشهده العالم من تطوير معرفي متسارع، يستوجب مواكبة المستجدات والمتغيرات. واعداد المدرس اعدادا متكاملا يمكنه من التفاعل مع معطياته.
هناك من يظن بأن اعداد المدرس وتطوير مستوياته المهنية يقتصر على أدائه في الفصول الدراسية وفي إطار النشاط الصيفي. إلا أن أبرز الدعائم التي ترتكز عليها فلسفة التربية الآن؛ تكمن في الأنظمة والطرائق المتنوعة خارج الفصل الدراسي لاسيما وان اعداد المدرس وتطوير ادائه باتت عملية محسومة للارتقاء بالمستوى التعليمي ورهان بقائه في ميادين المعرفة والعلم.
لقد أتثبت الدراسات التربوية بأن المدرس الذي لا يطور من ادائه ويحتفظ بما تلقاه بالجامعة يصبح أميا ولا يصلح للتوجيه والتدريس. وهذا ما قاله المرحوم الدكتور المهدي المنجرة.
ففي الوقت الراهن وفي ظل الحراك الذي تعرفه الساحة التعليمية العمومية، سيصبح المشهد التعليمي يعاني من خصاص كبير في الموارد البشرية لسد الخصاص، فضلا عن أن التحدي الأكبر يتجلى في تدريب الأساتذة الحاليين خاصة المتعاقدين وتأهيلهم.
إن من بين أبرز القضايا التربوية التي تعتبر صمام الأمان للحفاظ على مظاهر التطور في التعلم هي تلك التي المتعلقة بالطاقات والأطر التربوية التعليمية فالمدرس هو البنية التحتية المهمة والسبيل الوحيد لإحداث التغيير المنشود.
فالأطر التربوية اذا كانت مهيأة جيدا وتمتلك روح الابداع والمبادرة والمواكبة للمستجدات التكنولوجية نتوقع منها بكل تأكيد حاولت وقدرات من نوع خاص تسهم في اثراء العملية التعليمية وتمكين تلامذتنا معرفيا وقيميا سلوكيا ومهاريا.
ان مسؤولية الوزارة والاكاديميات والمديريات الاقليمية هو التركيز على بناء مدرسين واثقين ومتفائلين ومؤهلين. فالمدرس الجيد هو القدوة والمثل الاعلى للتلميذ، والقائد التربوي والممتلك للمواطنة الصالحة والمتفاعل مع روح الفريق والقادر على توطيد العلاقات بأولياء أمور التلميذات والتلاميذ لخدمة قضايا التعليم عبر اشراكهم وتفاعلهم مع مكونات المجتمع المدرسي.
ان الوضع الحالي لمنظومتنا التربوية لا يبعث على الارتياح في ظل شد الحبل بين وزير التربية الوطنية وتنسيقية الاساتذة المتعاقدين والنقابات الأكثر تمثيلية والذي يبقى ضحيته هم التلاميذ الذين يحرمون من الحصص الدراسية ويتجهون الى الدروس الليلية.
نحن في حاجة ملحة الى مدرسين أكفاء يواكبون التغييرات والمستجدات المتلاحقة في استراتيجيا وفي مجال نظريات التعلم والعمل على تطبيقها لتحقيق الفاعلية في العلم. فالعصر الذي نعيشه يحمل أفاقا وتحديات جديدة والمعرفة ليست مجرد وسيلة، وأنها غاية في حد ذاتها وهذا يفرض على المدرسين أعباء كثيرة لإعداد جيل قادر على التعامل مع متطلبات العولمة والانفتاح.
فالتلميذ والمدرس هما جوهر ومحور العملية التربوية والتعليمية وعلى المدرس الحالي ان يدرك قدسية ونبل الرسالة التربوية، وان يكون قادرا على مد العملية التعليمية خارج أسوار المدرسة من خلال الربط بين المواد الدراسية والحياة اليومية للتلاميذ.
وصفوة القول فالتربية في جوهرها عملية مستقبلية وهي الاداة التي تعد أجيال اليوم لعالم الغد.
فمدرس المستقبل يعد العنصر الاقوى في العملية التعليمية. ولتكون للتربية والمدرس الدور البارز في صنع المستقبل، لابد أن تراعي الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتكنولوجية التي يعمل ضمنها المدرس.
 
خليل البخاري، باحث تربوي